لغز بن غفير: هل بات رمز اليمين معتدلاً أم أنها لعبة محسوبة؟
المصدر
قناة N12

موقع إخباري يومي يضم، إلى جانب الأخبار، تعليقات يكتبها عدد من المحللين من الشخصيات الأمنية السابقة، ومن المعلّقين المعروفين.

المؤلف
  • من المفضل افتتاح هذا المقال برأي شخصي: أنا أعرف عضو الكنيست بن غفير، وأقوم بتغطية أخباره منذ أعوام طويلة، ولا يزال كاللغز بالنسبة إليّ حتى اليوم. حصل بن غفير على الشرعية من قضاة المحكمة العليا للدخول إلى الكنيست مرتين. هذه المؤسسة أيضاً هي ذات المؤسسة التي حكمت لمصلحته عندما أراد أن يكون محامياً، على الرغم من معارضة نقابة المحامين.
  • وأكثر من كونه خبيراً استراتيجياً ورجل علاقات عامة موهوباً، فإن بن غفير بالأساس هو النعجة السوداء في الصهيونية الدينية. فعلى مدار أعوام طويلة، كان بن غفير الولد العاق. وعندما كانوا يتحدثون عن الأعشاب على الهامش، كانوا يوجهون الحديث نحوه أكثر من مرة - عن هذا الفتى الذي احتفظ عندما كان في سن الـ15 عاماً برمز سيارة الكاديلاك الخاصة برئيس الحكومة المرحوم يتسحاق رابين. وعلى الرغم من ذلك، فإنه استكمل الطريق خطوة بعد خطوة، من مسيرته مع شبيبة التلال المتطرفة إلى قيادة الصهيونية الدينية. وتحول إلى أحد أكثر السياسيين كلاماً في المنظومة السياسية.
  • وأبعد من السؤال عن خوض الانتخابات بقائمة مشتركة مع سموتريتش، وأبعد من السؤال عن قوته في استطلاعات الرأي، أو التشجيع في الشارع، سيكون من الصعب جداً عدم الانتباه إلى الاهتمام الذي يحدث حوله في الأسابيع الأخيرة. إذ تُجري محطات إعلامية مركزية استطلاعات رأي لفحص وجوده على رأس القائمة، وهي استطلاعات تتوقع له النجاح بالمناسبة. كذلك تحاول حلقات نقاش كاملة تفسير خطواته: هل بات أكثر اعتدالاً، أم أن الحديث يدور عن لعبة جديدة من آلة العلاقات العامة الخاصة به؟ بن غفير يشعر بأنه، وحتى قبل امتحان صناديق الاقتراع حقق الانتصار. لاعب مهم، هذه حقيقة مثبتة في السياسة الإسرائيلية. فنتنياهو يتصبب عرقاً بسببه، وفي الوقت ذاته يهدد ثعالب سياسية خبيرة، مثل موشيه غفني [حزب يهودت هتوراه] وآرييه درعي [حزب شاس]. وعلى الرغم من كل هذا، يبدو أن متعته الحقيقية يستمدها من وقوفه وجهاً لوجه في مواجهة بتسلئيل سموتريتش.
  • على مدار 25 عاماً، شعر بن غفير باستعلاء الصهيونية الدينية عليه. وتحدث إلى المقربين منه سابقاً عن العنصرية التي يشعر بها، ومرة وفجأة يقف في الصف ذاته مع بتسلئيل سموتريتش الجميل المظهر واللقب، ويبدو أنه يتفوق عليه بشكل طفيف. وبالمناسبة، ما هو الفارق في المواقف بين بن غفير وسموتريتش، إن وُجد أصلاً. فللمرة الأولى منذ بدأ يخطو نحو الخط الأساسي الصهيوني - الديني، يجد بن غفير نفسه اليوم متساوياً مع الآخرين. وهو يستمتع الآن برجفة الطرف الآخر من احتمال خوضه الانتخابات الـ25 منفرداً، إن لم تتم الاستجابة لطلباته. فهو لا يزال يتذكر كيف رُمي قبل ساعتين من إغلاق القوائم، كفائض، بادعاءات مختلفة، على الرغم من اتفاقه مع الحاخام رافي بيرتس. يتذكر أيضاً كيف قال نتنياهو خلال مقابلة مع يونيت ليفي، إن بن غفير لن يكون وزيراً في حكومتي. الآن يتنفس عميقاً من مجرد التفكير كيف سيكون الأصبع الـ61 لنتنياهو - ويدخل هذه المرة، ليس لطلب حقيبة وزارية، إنما ليخبره أي حقيبة يريد.
  • وأبعد من نشوة القوة الآنية، عمل كثيراً على تحضير الأجواء لهذه الخطوة. فلديه الرغبة في إقناع الجمهور بأنه من الممكن الاعتماد عليه، وأنه لم يعد بن غفير القديم. فالفيديو من سوق "محاني يهودا"، حيث أسكت شاباً يلبس كيبا سوداء كان ينادي إلى جانبه "الموت للعرب"، منح شهادة للمسار الذي يسير فيه بن غفير في الأعوام الأخيرة. مسار داخلي حقيقي، أم علاقات عامة؟ أنا لا أقرأ النيات، لكن أمراً واحداً مؤكداً - لا يوجد لديه ولا فاصلة غير محسوبة، فهو يقوم ببناء هذه اللحظة منذ أعوام طويلة. بالتدريج، بخطوات مساعدة، ومن دون انعطافات حادة. "أعتقد أنني أخطأت حين عمّمت على الجميع"، قال في مقابلة أجراها مع القناة 12، مشيراً إلى المجتمع العربي. والسؤال، هل نشهد ولادة بن غفير جديد، أم أن هذه تغليفة جديدة تنجح في إخفاء المواقف المتطرفة ذاتها؟ هو يريد أن يصدقوا أن هذا الكلام حقيقي. "هل من الممكن أن أكون قد تغيرت منذ جيل الـ 16؟" تساءل بسخرية.
  • عاماً بعد عام، يتحول بن غفير إلى شخص حذر أكثر فأكثر. في كل كلمة، في كل تغريدة، يبقى متمسكاً بحدود القانون، ويستنكر كل حركة لا تتماشى مع هذه المعايير. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يتأكد دائماً أنه الأكثر يمينية في المحيط، يؤجج الشعور اليميني بالغضب المحرض على العرب الإسرائيليين والفلسطينيين من الضفة، لكنه يعرف متى يتوقف. كما ترك على الهامش شركاء له في الطريق ذاتها - غوبشتاين ومارزل وبن آري. متى كانت آخر مرة شوهد فيها إلى جانبهم؟ هذه نقطة للتفكير.
  • الحديث يدور عن لعبة محسوبة ومركّبة. فعليه أن يُظهر الولاء الكامل لشبان التلال، والبؤر الاستيطانية، والشباب، الذي يمقت أي مظهر من مظاهر المؤسسة الرسمية. ممنوع أن ينظر إليه، بأنه بات أكثر ليونة أو أسوأ من ذلك أصبح وسطياً. المرة تلو الأُخرى، صرّح بأنه ليس مكملاً لدرب كهانا، لكن يبدو أنه فهم عدم الحاجة اليوم إلى الصراخ "كهانا على حق". لكهانا اليوم وريث، ولن يضعوه خارج القانون.