على خلفية الإنجازات السياسية، لدى إسرائيل فرصة لتوطيد علاقاتها مع الصين
تاريخ المقال
المصدر
- في الأسابيع الأخيرة، حصدت الحكومة مجموعة إنجازات في الساحة السياسية الشرق الأوسطية: من قمة شرم الشيخ، مروراً بقمة سديه بوكير، وصولاً إلى توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الإمارات. الدولة التي تتابع هذه التطورات عن كثب، هي الصين تحديداً، ليس من باب الإعجاب، بل انطلاقاً من خوف عميق على مصالحها. على هذه الخلفية بالتحديد، لدى إسرائيل فرصة في الاستفادة من موقعها الإقليمي من أجل التأثير أيضاً في الصين فيما يتعلق بقضيتين إقليميتين: إيران والفلسطينيون.
- في العامين الأخيرين، تحول الشرق الأوسط إلى ساحة دبلوماسية مهمة بالنسبة إلى الصين، إلى جانب اعتمادها على موارد الطاقة في المنطقة. إذ ترى الصين في تراجُع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة فرصة للدفع قدماً بصورتها، كدولة عظمى عالمية مسؤولة، ومن أجل زيادة نفوذها. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم العلني من الدول العربية لموقف الصين في كل ما له علاقة بأقلية الإيغور المسلمة في مقاطعة شيانغ له أهمية كبيرة بالنسبة إلى بيجين.
- ومن أجل الدفع قدماً بأهدافها، يشير بعض الباحثين إلى أن الصين تسعى لدقّ إسفين بين الولايات المتحدة وبين شركائها العرب، من خلال بيع الإمارات مسيّرات وتقديم مساعدة إلى السعودية من أجل إنتاج صواريخ. ثمة محور صيني آخر، هو فتح "طريق حرير رقمي"، أي بنية تكنولوجية للمعلومات والاتصالات بدأت تأخذ مكاناً مهماً في كل أنحاء الشرق الأوسط- من مصر، مروراً بالسعودية والخليج، وصولاً إلى لبنان وسورية.
- رأت الصين في عملية "حارس الأسوار" والتأييد الأميركي لإسرائيل فرصة لإظهار زعامتها الدولية. وبهدف تقويض مكانة الولايات المتحدة الأخلاقية، شنّت الصين حملة حادة ضدها لتأييدها إسرائيل في العملية، ووصفت الموقف الأميركي بأنه "ضد الضمير والأخلاق الإنسانية". وإلى جانب اللغة الإنشائية الواضحة العداء لأميركا وإسرائيل، استغلت الصين رئاستها الدورية لمجلس الأمن لمحاولة فرض وقف إطلاق نار مبكر بين إسرائيل و"حماس"، كان سيُلحق ضرراً بتحقيق الأهداف العملانية لإسرائيل.
- الولايات المتحدة وإسرائيل بذلتا جهوداً دبلوماسية لإحباط خطوة الصين في الأمم المتحدة. لم تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي، وللمرة الأولى انضمت إلى الإعلان الذي قدمته 44 دولة إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، عبّرت فيه عن "قلقها" حيال وضع حقوق الإنسان في مقاطعة شيانغ.
- منذ البداية، اتخذت الصين موقفاً سلبياً من اتفاقات أبراهام، ورأت فيها تعزيزاً لمكانة الولايات المتحدة في المنطقة. لكن في الأشهر الأخيرة، وعلى ما يبدو بتأثير من شركاء عرب، برز تغيُّر ملحوظ في الموقف الصيني، وبصورة استثنائية، ظهر تقدير لمكانة إسرائيل في الشرق الأوسط. مع ذلك، يمكن أن تثير قمة النقب قلق الصين، على الرغم من اختلاف الآراء، فإنها أثبتت أن الولايات المتحدة ما زالت الحليفة المهمة لشركائها في الشرق الأوسط.
- الصين تراقب كيف تستغل إسرائيل مكانتها الإقليمية من أجل زيادة نفوذ الولايات المتحدة والدفع قدماً بالمصالح الأميركية، وذلك على حساب الصين. وبالنسبة إليها، فإن قمة النقب والحديث عن "هندسة إقليمية جديدة"، هي حدث إضافي في الائتلاف الإقليمي بقيادة أميركية، يسعى لإلحاق الضرر بالصين.
- عودة المواجهة بين إسرائيل والصين ليست حتمية. الصين تحترم اللاعبين الأقوياء وإنجازاتهم السياسية ومصالحهم الاستراتيجية. بالتنسيق مع شركائها الإقليميين، تستطيع إسرائيل استغلال الوضع الجديد إزاء الصين واستغلال تأثير هذا في السياقين الإيراني والفلسطيني. ثمة شك في أن الصين ستسارع إلى تجديد الاتفاق النووي مع إيران الذي يمكن أن يُضعف الاعتماد الإيراني عليها، وبالتالي، يرتفع السعر المنخفض للنفط الإيراني الذي تشتريه. كما أنه ليس هناك أي مصلحة لبيجين في تسهيل عمل الولايات المتحدة لتوقيع الاتفاق النووي والسماح لها بتركيز اهتمامها أكثر على آسيا والصين.
- بالإضافة إلى ذلك، ثمة مصلحة واضحة لإسرائيل في منع الصين من تكرار شنّها حملة شرسة ضد إسرائيل في الأمم المتحدة خلال جولة عنف مستقبلية ضد الفلسطينيين، أو حزب الله. وكونها عضواً دائماً في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، تشغل الصين مركز الرئاسة الدورية كل عام تقريباً. وستكون هذه السنة رئيسة دورية خلال آب/أغسطس الذي تحول في الأعوام الأخيرة إلى موعد للكوارث في الشرق الأوسط. لدى إسرائيل عدد غير قليل من الأوراق الآن، فهل ستستخدمها بحكمة؟