ومَن "يصادق" على "الإرهاب" اليهودي؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تجديد قضائي مهم أصدرته المحكمة العليا، حين حكمت في أن للمصابين اليهود في العمليات "الإرهابية" الحق في طلب تعويضات من السلطة الفلسطينية. المبرر الذي طرحته المحكمة، يستند إلى تحميل السلطة المسؤولية - لكونها "تصادق" على هذه العمليات من خلال الرواتب التي تدفعها لعوائل الأسرى الفلسطينيين والشهداء.
  • انقسم القضاة في الرأي خلال إصدار هذا الحكم، ففي الوقت الذي اعتقد كلٌّ من يتسحاق عميت ودافيد مينتس أن دفع الرواتب بحد ذاته يشكل نوعاً من أنواع "المصادقة" على ما قاموا به، ويثبت أن السلطة شريكة، إلى حد ما، وتتحمل المسؤولية، اعتقد القاضي عميت غروسكوب أن تعريف السلطة كهيئة "تصادق" يتطلب فحص ما إذا كان هناك علاقة "جوهرية ووطيدة" بين السلطة وبين العمليات والمنفّذين في أثناء تنفيذ العملية.
  • ويبدو أن الهدف من هذا القرار ليس فقط مساعدة عائلات المتضررين اليهود بالحصول على تعويضات، إنما ردع السلطة والضغط عليها لوقف دفع هذه المخصصات؛ نوع من تطوير القانون الذي يسمح للسلطات الإسرائيلية بمصادرة هذه الدفعات من أموال المقاصة التي تحولها إسرائيل إلى السلطة. إلاّ إن قرار المحكمة العليا ليس جارفاً. فإذا كانت السلطة الفلسطينية تتحمل المسؤولية، لكونها "تصادق" على العمليات، فالحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية مشابهة بشأن كل ما يخص الضرر الناتج من المستوطنين، إن كان قلع أشجار، حرق سيارة، أو إصابة وقتل فلسطينيين.
  • في الحقيقة، إن قرار المحكمة الذي استناداً إليه، يمكن اعتبار الدفعات لعائلات الأسرى شراكة في العمل - صالحة أيضاً إزاء كل ما يخص إسرائيل. فشلها في الدفاع عن المدنيين الفلسطينيين ضد هجمات المستوطنين؛ إهمالها في الوصول إلى المُعتدين اليهود؛ طول التحقيقات، إذا فُتحت أصلاً؛ تجاهُل الجيش للاعتداءات على الفلسطينيين التي تحدث أمامه؛ عدم قطع مخصصات التأمين الوطني وغيرها من الامتيازات في حالات نادرة تتم فيها إدانة المستوطنين - أمور كلها تدلل على أن إسرائيل أكثر مَن "يصادق" على اعتداءات اليهود.
  • البند الثاني عشر من قرار التعويضات يشير إلى سبعة أنواع من الشراكة في أعمال ضرر يتحمل مسؤوليتها: القائم بالضرر ذاته، المساعد، المستشار، المُغري، الآمر، المتسامح والمصادق. إسرائيل ينطبق عليها 4 من أصل 7: تساعد، تغري، تسمح وتصادق على الإجرام والعربدة اليهودية. هل من المتوقع الآن أن يكون هناك تعويضات حكومية للفلسطينيين بسبب هذه الاعتداءات؟ في الوقت الذي لا تعوض الحكومة عادة عن الضرر الذي يقوم به الجيش ذاته إلاّ في حالات قليلة جداً بمبالغ سخيفة، وهذا طبعاً بعد مداولات طويلة، محصورة فيمن يملك المال والوقت الكافيين للتعامل معها.
  • قتل الأبرياء، هدم منازل بالخطأ، إذلال آلاف العمال الذين يحاولون المرور عبر المعابر، تجريف أراضٍ زراعية بواسطة مركبات عسكرية - تحمي الدولة ذاتها من هذا كله بغطاء، وتدّعي أنه وفي النزاع المسلح "يتحمل كلّ طرف من الأطراف مسؤولية الأضرار التي تلحق به". وفي حالات أُخرى، تدّعي الدولة أنها غير قادرة على الوصول إلى مَن قام بالفعل ذاته وتحديد حجم الضرر. وكعادتها، تجيب المحكمة العليا عن القرار الذي قلّص هامش التملص من دفع التعويضات، بإجابتها المعهودة: كل حدث هو نتاج النزاع المسلح، وردة فعل على إلقاء الحجارة، أو خوف على الحياة.
  • يبدو قرار المحكمة كأنه يفتح الباب أمام توجُّه واسع للفلسطينيين إلى إغراق المحكمة العليا بقضايا التعويضات عن أضرار بقيمة مئات ملايين الشيكلات، والتي حدثت لهم ليس ضمن إطار النزاع المسلح. لكن مهلاً، الأكاذيب لا تتوقف. فالدولة المسكينة مسؤولة فقط عن إسكان الضفة بالمجرمين، ومنحهم ظروف حياة سهلة وآمنة وغطاء قانونياً. وفي حال أرادوا إلحاق الضرر بالفلسطينيين، فهذا مسؤوليتهم الخاصة.

 

 

المزيد ضمن العدد 3774