تحسين العلاقات مع تركيا يجب ألّا يتم على حساب أرصدة استراتيجية وسياسية واقتصادية وأمنية بنتها إسرائيل مع جيران آخرين في شرق البحر الأبيض المتوسط
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • من المقرر أن يقوم رئيس الدولة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ هذه الأيام بزيارات إلى ثلاث دول مجاورة لنا في شرق البحر الأبيض المتوسط هي اليونان، وقبرص، وتركيا [بدأ زيارة رسمية إلى اليونان أمس الخميس]، وسيكون خلالها مطالباً، مثل الدبلوماسية الإسرائيلية كلها، بتجنيد كل كفاءاته كي يتصرف بلياقة مع الجيران الذين تسود فيما بينهم علاقات مشحونة ومتوترة.
  • ولا شك في أن تركيا تُعَدّ لاعباً إقليمياً بارزاً، ونشاطها يتقاطع، وأحياناً يتناقض مع المصالح الإسرائيلية. فحتى سنة 2010 اتسع التعاون الأمني بين الدولتين، بل إن إسرائيل أودعت في أيدي الأتراك موضوع الوساطة السياسية بينها وبين سورية. غير أن قضية "سفينة مرمرة" في أيار/مايو 2010 وضعت حداً لهذا الفصل الغني والمثير في العلاقات الثنائية بين الدولتين، فإلى جانب الانخفاض في صفقات السلاح، وتقلّص التدريبات الجوية المشتركة والسياحة، شُطب من جدول الأعمال مشروع تسويق الغاز الطبيعي من شواطئ إسرائيل إلى أوروبا بواسطة منظومة نقل كانت موجودة في تركيا. وتقوم اليونان إلى حدّ كبير بالتعويض عن فقدان تركيا كشريك استراتيجي، أمني واقتصادي. فاليونان وقبرص عضوان في الاتحاد الأوروبي، وفي العقد الأخير الذي توقف فيه الحوار على المستوى السياسي الأعلى بين بروكسل والقدس على نحو شبه تام أصبحت اليونان وقبرص بمثابة شريان التفافي حمانا من قرارات معادية لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي. كما أن حكومة اليونان صادقت لسلاح الجو الإسرائيلي بأن يتدرب في مجالها الجوي، وصناعاتنا الأمنية زادت نشاطها في أراضي هذه الدولة.
  • وينبغي أن نضيف إلى هذا البُعد الإقليمي للعلاقات بين إسرائيل وبين اليونان وقبرص، منتدى الغاز لدول شرق البحر المتوسط الذي أقيم بصورة رسمية سنة 2020 وضم أيضاً كلاً من إيطاليا، ومصر، والأردن، والفلسطينيين، وتقوم فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدور مراقبين. وهذا المنتدى مبني على أساس خدمة المصلحة المشتركة لمنتجي الغاز، أي إسرائيل ومصر، وأيضاً الفلسطينيين في المستقبل، لنقل الغاز الطبيعي الذي في حيازتهم إلى المستهلك الأوروبي، من خلال استخدام منشآت تسييله في مصر، أو استخدام الأنبوب البحري الذي سيُمدّ من شواطئ البحر المتوسط إلى اليونان، ومن هناك إلى أهدافه المعنية في أوروبا. ويمكن القول إنه في العقود المقبلة، حتى يكف العالم عن استخدام النفط والغاز، سترغب الدول المنتجة لهذه الموارد في استغلال معظم المخزونات التي تحت تصرفها، من دون أن تتورط في عمليات إنتاج ونقل تكون جدواها الاقتصادية والأمنية والسياسية موضع شك.
  • إن خطوط النقل عبر تركيا هي الأصح من الناحية الاقتصادية، غير أن السلوك السياسي التركي الإشكالي - سواء في نظر إسرائيل، أو في نظر مصر أيضاً - قلل من الجدوى السياسية، وربما المالية أيضاً لهذا البديل.
  • إن الزيارة التي قام بها مؤخراً كل من مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب وزير الخارجية التركي إلى القدس، تدل على وجود استعداد لدى أنقرة لإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، بعد أكثر من عقد من العلاقات العكرة. ومع ذلك من الصعب أن ننسى تصريحات رؤساء الحكم التركي ضد إسرائيل، والنشاط التركي المعادي في بؤرة دينية وسياسية حساسة، مثل جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]، وهذا لا يعني عدم القيام بفحص بشأن إمكانية ترميم العلاقات. لكن مثل هذا الترميم، في حال حدوثه، يجب ألا يأتي على حساب الأرصدة الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية التي بنتها إسرائيل مع جيران آخرين في شرق البحر الأبيض المتوسط في أثناء أعوام الدرك الأسفل في العلاقات بين إسرائيل وتركيا. وهذه رسالة يفضل أن يقوم الرئيس هرتسوغ بنقلها إلى مضيفيه في أثينا في نهاية الأسبوع الحالي.