عملية الاغتيال في نابلس: نموذج لواقع جديد في السلطة يجب أن نعتاده
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف

 

  • لم يكن اغتيال خلية "إرهابية" تابعة لكتائب الأقصى، الأسبوع الماضي، في نابلس على يد قوة خاصة من الجيش والشرطة والشاباك، مجرد حادث أمني عادي وقع في أراضي السلطة الفلسطينية. فما حدث يمكن أن يكون "مؤشراً" إلى أشياء أُخرى، ذلك بأن الخلية لم تكن تابعة لـ "حماس"، أو لـ "الجهاد الإسلامي، بل هي خلية مؤلفة من عناصر تنتمي إلى حركة "فتح"، تنظيم أبو مازن، والتي تشكل الحجر الأساس للعمل السياسي في السلطة الفلسطينية، وتتبنى كهوية فكرية عملية التسوية مع إسرائيل.
  • ليس جديداً تحرُّك ناشطين متمردين داخل "فتح"، لكن إذا حكمنا عليهم على أساس التاريخ غير البعيد يجب الانتباه إلى هذا الأمر. فعشية الانتفاضة الثانية سُجلت حوادث أمنية تورطت فيها عناصر من السلطة الفلسطينية، الأمر الذي يمكن أن يدل على وضع قد يتحول فيه عناصر في السلطة من أصدقاء إلى أعداء. وفي الانتفاضة الثانية أيضاً كان لعناصر تنظيم "فتح"، وأيضاَ عناصر الأجهزة الأمنية في السلطة، دور مركزي في أعمال العنف، وأحياناً انتهجوا أساليب خصومهم، أي "حماس"، في كل ما له علاقة بتنفيذ هجمات انتحارية. الوضع الحالي مختلف قليلاً، لكنه يستدعي تشغيل الضوء الأحمر.
  • السلطة في عهد أبو مازن تختلف عما كانت عليه في عهد ياسر عرفات، والوضع العام سنة 2000، بعد المحاولة الفاشلة للتوصل إلى تسوية في كامب ديفيد، لا يُذكر بالوضع الحالي، حيث لم تعد التسوية السياسية المحرك الأساسي في المنظومة الفلسطينية. يعتمد جدول الأعمال الحالي على ركيزتين أساسيتين هما: الأولى، التعاون بين النخبة الفلسطينية وإسرائيل، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، والذي يشكل أحد أسس الاستقرار النسبي في أراضي الضفة الغربية. والثانية الاهتمام بمرحلة ما بعد أبو مازن.
  • وثمة علاقة بين هاتين الركيزتين؛ فالتسوية السياسية-الاقتصادية تواجهها انتقادات داخلية، مثلاً في مدن الأطراف الفلسطينية التي هي أقل استفادة من التعاون الاقتصادي – السياسي – البيروقراطي. في المقابل، يبدو أن رحيل أبو مازن، عندما يحدث، سيغير خصائص المنظومة السياسية وشكلها.
  • هذا هو سبب استعداد عناصر كثيرة في السلطة، وفي "فتح"، لليوم التالي بعد أبو مازن، وسبب صراعات القوى لدى الطامعين إلى الحصول على التاج في الحكم الذاتي الفلسطيني غير المعلن. التقاطع بين الانتقادات الداخلية الموجهة إلى السلطة، والشعور بضياع الطريق، وعدم وجود استراتيجيا لديها، وتركيزها أكثر فأكثر على بقائها، وبصورة أقل على أهداف وطنية عليا، وبين الإدراك أن "اليوم التالي" أصبح موجوداً فعلاً، كلها أمور تجعل الواقع أقل صلابة واستقراراً، ويزيد من عمليات الشرذمة، الأمر الذي يتجلى من خلال عدة ظواهر، يمكن أن نجد مقابل لها في إسرائيل تحت العنوان المعروف "مشكلات حكم وجريمة".
  • ويتجلى هذا في الضفة الغربية من خلال تعزيز البعد العشائري، وظواهر الفوضى في محافظات الأطراف في الخليل وجنين، وأيضاَ من خلال وجود مسلحي "فتح" في مخيمات اللاجئين. من هذه الخلفية، يجب تحليل عمل خلية كتائب الأقصى التي اغتيلت في عمق المنطقة أ كجزء من الاتجاه المستمر لظهور تصدعات داخلية في المنظومة الفلسطينية. وهذا الأمر يتطلب من إسرائيل استقلالية أكبر في العمل، واليقظة لمنع الانزلاق إلى "الإرهاب" والعنف.
  • لا تختلف الاستراتيجيا الإسرائيلية الحالية مطلقاً عما كانت عليه في عهد حكومات نتنياهو اليمينية، فهي تعتمد على جهد تعزيز قوة السلطة، والتي على الرغم من أنها ليست "شريكاً" سياسياً، فإنها في السنوات الأخيرة تصرفت كـ"شريك" أمني في ظروف نزاع مفهومة. لكن هذا الواقع يمكن أن يتغير دفعة واحدة، لا لأن السلطة ستأخذ قراراً، مثل القرار الذي اتخذه عرفات بعد فشل كامب ديفيد، بتبني استراتيجيا مغايرة، بل لأنها ستكون غير قادرة على القيام بالوظيفة المهمة التي قامت بها في العقد الأخير.
  • في مثل هذه الحالة ستتحول مجدداً الساحة الفلسطينية في الضفة الغربية من مركز اهتمام ضئيل في الاستراتيجيا العامة لإسرائيل التي تركز على إيران، إلى ساحة فاعلة، سواء على المستوى الأمني، وربما أيضاً على المستوى السياسي، لأنه سيكون هناك من سيرى في هذا الواقع فرصة لاستعادة المجد القديم واستئناف العملية السياسية.