الأقلية العنيفة من المستوطنين هي التي تقود الأغلبية منذ أعوام
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • الآن بتنا جميعنا مصدومين من العنف الشديد الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين وناشطي اليسار، بل إن "مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة" ["ييشع"] دان المشاغبين الأنذال.
  • الآن جميعنا مصدومون، لكن سرعان ما سننسى في الغد. ولن ننسى الحدث فحسب، بل أيضاً سبب الحدث، وهو احتكاك عنيف بين مجموعات سكانية متعادية في دولة لا حدود لها مع أقلية صغيرة، مسيانية وعنيفة ولا حدود لها، تسعى بنشاط وراء واقع ضم ملايين الفلسطينيين إلى دولة إسرائيل، ومن هناك تسعى لهدم الحلم الصهيوني، وتقويض القدرة على الاستمرار في الوجود كدولة ديمقراطية، وفرض رأي أقلية عنيفة على الأغلبية العقلانية.
  • في واقع الأمر، فإن هذه الأقلية هي التي تقود الأغلبية منذ أعوام، وتستوطن أينما تريد ومتى يخطر في بالها، وتسمي ذلك "استيطاناً شاباً" في حين أنه في الحقيقة "استيطان غير قانوني"، وتحاول بلا كلل أن تثبت حقائق على الأرض، حقائق تمنع، من وجهة نظرها، الانفصال عن الفلسطينيين.
  • لقد عرف دافيد بن غوريون ويتسحاق رابين وأريئيل شارون عندما تولى كل منهم منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية، وعلى نحو جيّد، أن وجود إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي وكدولة حرة وديمقراطية يتعلق بشكل حاسم بتقسيم البلد والفصل بين السكان الإسرائيليين والسكان الفلسطينيين. يوجد في إسرائيل الآن نحو 20% من العرب، وهم أقلية واضحة ومحترمة يجب دمجها بشكل كامل ومتساوٍ في حياة الدولة وبناء مستقبلها. لكن في حال قيامنا بضم يهودا والسامرة [الضفة الغربية] فإن نسبة العرب في الدولة سترتفع وتصبح 38%، وفي حال ضم قطاع غزة ستصبح نسبتهم 47%. هذا ما يريده اليمين المتطرف المسياني، دولة أبارتهايد يتصادم فيها اليهود مع العرب وينغصون حياتهم، ويهينونهم كل يوم، ويحثونهم على الهجرة إلى شتى أنحاء العالم.
  • ثمة حساب دموي صعب بيننا وبين الفلسطينيين، وعدم ثقة مطلق، وقليل من الأمل بمستقبل أفضل. ومع شروط أساسية كهذه فإن الانفصال هو الأمر الصحيح. يجب على إسرائيل أن ترسم حدودها على الفور وتضع عائقاً يفصل بين المجموعتين السكانيتين، وتتيح للفلسطينيين إمكان صوغ مستقبلهم بأنفسهم.
  • في سنة 2005 كنت قائد منطقة يهودا والسامرة، وبدأنا بإقامة عائق فاصل حول "غوش عتسيون" و"أريئيل" و"عمانوئيل"، ومن مستوطنة "بيت آرييه" في اتجاه "أريئيل". لو استُكمل هذا المشروع الهندسي لكنّا الآن مع حدود واضحة وحد أدنى من الاحتكاك بين المجموعتين السكانيتين. إن هذا الحد الأدنى من الاحتكاك ليس سلاماً فورياً، ولا يُعتبر ضمانة لأمن خالٍ من الأحداث العنيفة. لكنه شرط ضروري لإيجاد توجّه تاريخي إيجابي تكون نهايته الفصل والأمن والسلام. ومن المرجح أن يواصل الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] العمل ما وراء الجدار، ومن المرجح كذلك أن مسار الفصل سيشهد مدّاً وجزراً، لكن منذ متى يخاف شعبنا من الطريق الطويلة؟
  • إن المنطقة الممتدة بين قرية بورين ومستوطنتي "يتسهار" و"حفات رونين" شهدت أحداثاً كثيرة. وما من جندي في الجيش الإسرائيلي خدم في هذه المنطقة إلا ويعرف تعصُّب وعنف المستوطنين فيها، بما في ذلك ضد الجنود ورجال الشرطة. أي دولة سليمة عليها أن تحارب الجهة التي لا توافق على سيادتها، وفي المقابل، عليها أن تعالج المشكلات الجذرية التي تتسبب بهذا العنف.
  • إن المشكلة الجذرية الصعبة والمريرة والمشحونة جداً هي مشكلة السيطرة على السكان الفلسطينيين. هذه القضية هي مصدر معظم العنف السياسي في إسرائيل. معظم هذا العنف جاء من اليمين المتطرف المسياني. حان الوقت للحسم، وإسرائيل التي تحافظ على هويتها اليهودية والديمقراطية هي تلك التي تعمل بصورة جادة ومثابرة من أجل الانفصال. وهي تفعل ذلك ليس من أجلهم [الفلسطينيون]، بل من أجلنا ومن أجل أن يرغب أولادنا في العيش هنا، وفي إقامة دولة ديمقراطية حرة ومتقدمة ومزدهرة.