بمساعدة الحوثيين إيران تنقل رسالة إلى الدول الكبرى التي تناقش الاتفاق النووي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بينما يحتل خطر الحرب بين روسيا وأوكرانيا أولوية جدول الأعمال العالمي، تتصاعد حدة المواجهة في منطقة أُخرى، والتي من الممكن أيضاً أن تكون لها تداعيات دولية واسعة النطاق. الأمور مرتبطة ببعضها البعض بصورة غير مباشرة ويمكن أن تؤثر أيضاً في قضايا استراتيجية حساسة بالنسبة إلى إسرائيل.
  • في الأيام الأخيرة صعّد الحوثيون في اليمن، المدعومون من إيران، هجماتهم على الإمارات. وشهد الأسبوع الماضي هجوماً منسقاً شمل صواريخ باليستية وصواريخ بحرية وطائرات من دون طيار على منشآت النفط في أبو ظبي، وبحسب التقارير، تضررت من الهجوم شاحنات وقود، وسقط قتلى وجرحى، واشتعلت النيران في مطار الإمارات، وترجّح التقديرات أن الصواريخ أُطلقت من مسافة 1300 كيلومتر، وليلة الثلاثاء- الأربعاء تعرضت الإمارات لهجوم ثانٍ شمل على ما يبدو صواريخ بحرية؛ وبحسب التقارير، جزء من الصواريخ والمسيّرات أُطلق بمساعدة منظومات أميركية.
  • ترافق الهجوم الأخير بدعوة الحوثيين الشركات الأجنبية إلى إغلاق أعمالها في الخليج. وكانت دولة الإمارات أدت دوراً فاعلاً في الحرب الأهلية في اليمن إلى جانب السعودية، وعملت مع الحكومة اليمنية ضد المتمردين.  في سنة 2019، وبعد هجوم إيراني كبير استهدف منشأة النفط في أرامكو في السعودية، قلصت الإمارات تدخُّلها في الحرب وسحبت معظم قواتها من اليمن؛ الهجوم الحوثي الحالي جاء رداً على هجمات السعودية على اليمن.
  • في تقدير الأجهزة الاستخباراتية في الغرب، الحوثيون لا يعملون من دون توجيه من إيران، أو على الأقل إذن منها، وأن عناصر الحرس الثوري متورطون في القتال في اليمن. للحوثيين أسباب خاصة، لكن من المحتمل أن يكون هدف زيادة الضغط على الإمارات، على الرغم من سحب قواتها منذ أكثر من عامين، إرسال رسالة إقليمية واسعة النطاق من إيران، التي يبدو أنها تمارس ضغطاً مباشراً على الإمارات، وتريد إلحاق الأذى بعلاقاتها مع السعودية وإضعاف المعسكر الإقليمي الذي يتحرك ضدها.
  • يجب ألّا ننسى أن في خلفية هذه الأحداث تدور مفاوضات نووية في فيينا، حيث يحاول مندوبو الدول الكبرى التوصل إلى تسوية جديدة مع إيران لكبح برنامجها النووي. إظهار إيران القوة والإصرار في الخليج، حتى لو كان يجري من خلال وكلاء، فإنه ينقل رسالة أيضاً على خلفية استمرار المحادثات.

الأزمة في أوكرانيا تُلقي بظلالها على المحادثات النووية

  • تتابع إسرائيل ما يجري في الخليج، وفي المقابل أيضاً التأثيرات غير المباشرة لِما يجري على الحدود الروسية - الأوكرانية. حتى وقت قريب تباهت الإدارة الأميركية بالتنسيق النسبي الذي تحقق مع الروس في المحادثات النووية.  لقد أدت روسيا دور الشرطي الجيد في محادثات فيينا، لكنها ظلت على صلة مباشرة مع المندوبين الأميركيين الذين لا يشاركون مباشرة في المفاوضات مع الإيرانيين.
  • حالياً، التوترات في شرق أوروبا تعكّر العلاقات بين الدولتين كثيراً، وتهدد التعاون بينهما أيضاً في المحادثات مع إيران. عندما يهدد الروس باستخدام القوة العسكرية وينشرون قواتهم البرية والمدرعة، وعندما تتحدث الولايات المتحدة عن إرسال قوات مساعدة إلى شرق أوروبا، أميركية أو تابعة لحلف الناتو، فإن فرصة تنسيق مواقفهما بشأن المحادثات النووية ستصبح ضئيلة.
  • في الأسابيع الأخيرة نفّذت طائرات سلاح الجو الروسي طلعات غير مألوفة في جنوب سورية، وبالقرب من حدود إسرائيل في هضبة الجولان، وفوق البحر الأبيض المتوسط. وجرت هذه الطلعات الجوية بالتعاون مع الطائرات السورية. يبدو أن ما يجري هو استعراضات للقوة مقصودة من طرف موسكو.  في سنة 2015، وعلى خلفية احتلال شبه جزيرة القرم وأجزاء من شرق أوكرانيا، وهو ما عرّض روسيا لعقوبات غربية، قرر الرئيس بوتين مدّ يد المساعدة إلى نظام الأسد الذي كان على وشك أن يُهزَم في الحرب الأهلية السورية.
  • إسرائيل قلقة أيضاً من حجم اهتمام إدارة بايدن بالتهديد الإيراني الذي يأتي، بالنسبة إليها، في المرتبة الأولى من حيث الأهمية. كلما تحول الاهتمام الأميركي نحو ما يحدث في أوكرانيا كلما كان من الصعب على إسرائيل إقناع هذه الإدارة بالاستمرار في الضغط في المحادثات مع إيران.  والتقديرات في القدس أن واشنطن ستخفف اندفاعها في المسألة النووية إذا تفاقمت المواجهات في أوكرانيا. وسلوك من هذا النوع سيسمح لطهران بالمماطلة والاستمرار في التقدم في تخصيب اليورانيوم وتقصير "مسافة القفزة" إلى إنتاج قنبلة مستقبلاً.
  • يمكن القول، بحذر، إنه تجري في هذه الأيام محادثات وعمليات جسّ نبض رباعية، بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وإسرائيل، بشأن مسألة كيفية الرد على الهجمات الأخيرة من اليمن على أراضي الإمارات. لقد أصدرت إسرائيل عدة بيانات دانت فيها الهجوم الأول على أبو ظبي، وأعربت عن تضامنها مع الإمارات؛ تجري هذه الأحداث في فترة شهدت تعزيزاً للعلاقات بين الدولتين، وبعد مرور أكثر من عام على إبرام اتفاقات التطبيع، وبعد العديد من الزيارات والمناسبات العلنية الدالة على تعاون الطرفين.
  • أمس تم إعلان زيارة مرتقبة لرئيس الدولة حاييم هرتسوغ في الأسبوع المقبل إلى الإمارات، ومع ذلك، عندما تتعرض الإمارات للهجمات، فإن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل شيئاً لمساعدتها علناً من أجل المحافظة على أمنها. وتشعر الدول التي على صلة بالإماراتيين بارتفاع منسوب الضغط في دبي وأبو ظبي.
  • تتابع إسرائيل القدرة العملانية التي يُظهرها الحوثيون والتنظيمات الأُخرى المدعومة من الإيرانيين، مثل الميليشيات الشيعية في العراق. ففي العام الماضي أُسقطت مسيّرة إيرانية في الأراضي الإسرائيلية في منطقة بيت شان، والتفسير أنها أُطلقت من الأراضي العراقية.
  • أيضاً جزء من المسيّرات والصواريخ البحرية في اليمن يمكن أن يصل مداه إلى منطقة إيلات، على الرغم من أن المقصود مسافة تتعدى الـ 2000 كيلومتر. في الأيام الأخيرة برزت تهديدات في الصحف الإيرانية والعربية بأن إسرائيل هي الهدف المقبل للحوثيين، ثمة شك في أن هذا قد يحدث في وقت قريب، لكن في المؤسسة الأمنية يأخذون مثل هذه الاحتمالات في حسابهم.