قضية الزوجين الإسرائيليين الموقوفين في تركيا تكشف النفاق الإسرائيلي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يبدو أحياناً أنه لا توجد حدود للنفاق وازدواجية المعايير، والإسرائيليون يسجلون رقماً قياسياً في عدم وعي الذات، وكيف يمكن أن يغطي الإعلام الإسرائيلي وينكر الواقع ويغسل دماغ الجمهور وقلبه. بالتأكيد الجمل لم ير قط حدبته، لكن على الأقل يمكن الافتراض أنه يعلم بوجودها. لكن إسرائيل غير واعية بوجود هذه الحدبة.
  • سائحان إسرائيليان بريئان على الأرجح، جرى توقيفهما في تركيا. الشكوك كثيرة والأجواء مشحونة بعد التقارير التي تحدثت عن الكشف عن 15 عميلاً للموساد في تركيا. علاوة على ذلك، تركيا ليست دولة نموذجية عندما يتعلق الأمر بتطبيق القانون.
  • بعد مرور بضعة أيام على توقيفهما، تمكن الزوجان الإسرائيليان من الاجتماع بمحاميهما. القنصلية الإسرائيلية أمّنت لهما الطعام والملابس. وبالكاد جرى التحقيق معهما، وبالتأكيد لم يتعرضا للضرب أو التعذيب. حتى الآن، ما جرى قصة محزنة، كفكاوية، أو اعتقال زور حتى إثبات العكس، قصة نأمل أن تنتهي بصورة جيدة [تجدر الإشارة إلى أن الزوجين الإسرائيليين أُطلق سراحهما وعادا إلى إسرائيل الآن].
  • بتوجيه خبيث من الإعلام - هذا المشروع الوطني لإثارة العواطف وتأجيج المشاعر - صارت إسرائيل تغلي قلقاً. وقريباً قد نرى أشرطة صفراء على كل نافذة وشرفة في البلد للمطالبة بإطلاق سراح ناتالي وموردي أوكنين.
  • أصبح الزوجان موضعاً للعناوين الأولى والتقارير الخاصة والأخبار العاجلة للمراسلين، الذين أُرسِلوا على وجه السرعة إلى إستانبول، والكل يعلم بأن أردوغان وراء الموضوع، وبأنه لا يرحم. وفي بعض الأحيان من المؤثر رؤية الاهتمام بزوجين غير معروفين، لكن في أحيان أُخرى يبدو هذا مبالغاً فيه بجنون، وغالباً ما يكون منفصلاً عن الواقع.
  • إسرائيل، وفي الأساس وسائل الإعلام، لا يحق لهما، أخلاقياً، أن يثورا على اعتقالٍ ظالمٍ واحد. مجتمع لا يعبأ بالاعتقالات الظالمة اليومية التي يقوم بها هو، ووسائل إعلام لا تتحدث قط عن ذلك، كي لا تثير غضب زبائنها، ليس من حقهما إثارة عاصفة ضد اعتقال زورٍ في دولة أُخرى، وتوجيه الانتقادات العنيفة إلى نظامه. تركيا يحكمها اليوم نظام غير ديمقراطي، لكنه ليس أكثر استبداداً من النظام العسكري الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية. أكثر من ذلك، النظام العسكري في المناطق هو، من نواحٍ معينة، أكثر وحشية واستبداداً من نظام رجب طيب أردوغان.
  • ناتالي وموردي هما الآن قرّة عين المجتمع الإسرائيلي. إنه المجتمع عينه الذي لا يعبأ باعتقال الآلاف من أمثال ناتالي وموردي في المناطق، كثيرون منهم أبرياء يخضعون لسلسلة من التحقيقات والإهانات التي لم يمر بها ناتالي وموردي على الإطلاق، ولا يمكنهم أن يحلموا بزيارة قنصل يحمل إليهم الطعام والملابس، وأحياناً يُحكم عليهم بالسجن أعواماً طويلة لا لشيء، من نظام سياسي – عسكري – قضائي لا علاقة له بالعدالة. وبينما الصحف في إسرائيل، في معظمها، لا تهتم بما يجري هنا، نراها ترسل مراسليها إلى إستانبول فوراً، خصيصاً للتحدث عن النظام القضائي في تركيا.
  • الإسرائيليون يحبون القصص عن الضحايا اليهود، لكن لا يمكن أن يخطر في بالهم أن يذهبوا على بُعد ساعة من منازلهم لزيارة معتقل فلسطيني مضرب عن الطعام منذ 5 أشهر، احتجاجاً على اعتقاله من دون محاكمة، ومن دون توجيه كتاب اتهام. "ناتالي وموردي خُطفا"، يقول الذين لم يستخدموا قط هذه اللغة لوصف عمليات الخطف العنيفة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي كل ليلة، بتوجيهات من الشاباك. عندنا هذا مجرد اعتقال وحرب على الإرهاب.
  • لو كان الحرص على احترام حقوق الإنسان هو الذي يوجه المجتمع ووسائل الإعلام الإسرائيلية يمكننا أن نفهم الصدمة الشديدة التي أثارها توقيف الزوجين أوكنين. "ناتالي تريد جوارب"، قال المحامي الذي زارها، وفي إسرائيل انفجروا بالبكاء. لكن ماذا عن إرسال جوارب إلى كايد الفسفوس الذي يُحتضر في المستشفى مضرباً عن الطعام؟ ناتالي تسأل عن أولادها وتبكي. لكن ماذا عن بكاء كايد وشوقه إلى ابنته جوان؟
  • قمة الوقاحة الإسرائيلية هي احتجاج الناس على عدم تحدّث وسائل الإعلام التركية عن اعتقال الزوجين الإسرائيليين ظلماً. حقاً، كيف يمكن أن يُعتقل أبرياء زوراً ووسائل الإعلام الدعائية، التي تتحرك بأوامر من الحكومة، لا تتحدث عن ذلك؟ كم هذا غريب وصادم.