العراق في الطريق إلى الفوضى: هل قررت إيران تحطيم قواعد اللعبة؟
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة

تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.

  • يزداد الوضع الأمني في العراق تفاقماً بعد نشر النتائج الأولية للانتخابات المبكرة للبرلمان التي جرت في 10 تشرين الأول/أكتوبر والتي أظهرت أن الميليشيات الشيعية الموالية لإيران والتي توحدت ضمن إطار "الحشد الشعبي" قد منيت بهزيمة كبيرة في الانتخابات وخسرت كثيراً من قوتها في البرلمان.
  • ولا يزال العراق ينتظر النتائج النهائية للانتخابات بعد سلسلة من الطعون التي قُدمت في نتائجها بحجة أنها "مزورة". وفي نهاية الأسبوع الماضي تظاهر آلاف من مؤيدي الميليشيات الشيعية الموالية لإيران ضد نتائج الانتخابات في "المنطقة الخضراء" حيث توجد مؤسسات الحكم والسفارات الأجنبية. وأدت هذه التظاهرات العنيفة إلى مقتل 3 متظاهرين وجرح 125 آخرين بينهم عشرات من عناصر القوى الأمنية التي أطلقت النيران الحية لتفريق المتظاهرين.
  • بعد يومين على ذلك وقعت محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بواسطة 3 مسيرات تستخدمها الميليشيات الموالية لإيران. وقد شكلت هذه المحاولة تجاوزاً "للخطوط الحمراء". ويسود تخوف في العراق من نية إيرانية بإعادة البلد إلى حقبة "الاغتيالات السياسية" بهدف خلق الفوضى وخلط الأوراق من جديد بعد الهزيمة التي مُني بها حلفاؤها في الانتخابات النيابية.
  • التوترات الأمنية تزداد. وذكرت مصادر عراقية أنه بعد ساعات قليلة على محاولة الاغتيال وصل إلى بغداد الجنرال إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، حيث التقى عدداً من قادة الميليشيات المسلحة والأحزاب الشيعية بهدف تهدئة الوضع بينهم وبين رئيس الحكومة الكاظمي الذي أعلن نيته اعتقال المسؤولين عن محاولة اغتياله ومعاقبتهم.
  • تنشر إيران بواسطة الميليشيات الشيعية في العراق" نظرية المؤامرة" التي تشير إلى مسؤولية الولايات المتحدة عن محاولة الاغتيال كي تخلق بمساعدة السعودية والإمارات فوضى سياسية تسمح لها بالتدخل في الساحة السياسية العراقية، وتفكيك "الحشد الشعبي" ونزع سلاحه، وعدم انسحاب قواتها العسكرية من العراق.
  • ويطرح مؤيدو إيران في وسائل الإعلام شكوكهم متسائلين كيف أن السفارة الأميركية الموجودة في "المنطقة الخضراء" في بغداد، والمزودة بمنظومة إنذار وسلاح مضاد للطائرات، لم تكتشف 3 مسيرات حلقت فوق مقر رئيس الحكومة الكاظمي ولم تعترضها.
  • إن الصراع على نتائج الانتخابات النهائية وتشكيل حكومة جديدة يمكن أن يجر العراق مجدداً إلى دائرة دموية، وليس من المستبعد أن تكون إيران قد اتخذت القرار بالتخلص جسدياً من رئيس الحكومة الكاظمي أو على الأقل تحذيره من المصير الذي ينتظره في حال قرر الترشح مرة أُخرى لمنصب رئاسة الحكومة الجديدة.

اغتيالات في الطريق إلى الفوضى

  • وتشير محاولة اغتيال رئيس الحكومة في العراق إلى أنه ليس لدى مؤيدي إيران في العراق مشكلة في اغتيال رئيس السلطة التنفيذية الذي هو أيضاً قائد الجيش والقوات المسلحة في البلد. وهذا يعني أن إيران ومؤيديها قرروا إبعاد مصطفى الكاظمي عن الساحة السياسية العراقية وكذلك الإمام الشيعي مقتدى الصدر الذي تصدرت كتلته الانتخابات البرلمانية وحصلت على العدد الأكبر من المقاعد في البرلمان.
  • تجدر الإشارة إلى أن ميليشيات "الحشد الشعبي" تشكلت بصورة رسمية في حزيران/يونيو 2014 بالاستناد إلى فتوى أصدرها الزعيم الشيعي علي السيستاني لمحاربة داعش. لكن مع مرور الوقت تحولت هذه الميليشيات إلى قوة موالية بصورة عمياء لإيران باتت تهدد المنظومة السياسية العراقية، وتستمد قوتها من إيران وتعتقد أنها تستطيع القيام بما يحلو لها في البلد.
  • وهذه الميليشيات تهدد الآن باتخاذ خطوة لا عودة عنها وترسل رسالة إلى الحكومة المقبلة في العراق مفادها: "غيروا نتائج الانتخابات أو سنهدد أي حكومة جديدة ستتشكل نتيجة الانتخابات ونخلق فوضى أمنية في العراق".
  • إيران تخلع قفازاتها، لم يعد يهمها الآن الاستقرار في العراق وإعادة بناء البلد، وتظهر نتائج الانتخابات أن أغلبية الجمهور العراقي غير مستعد لأن يكون تابعاً لإيران، لكن نظام آيات الله في طهران لا يهمه ذلك، والمرشد الأعلى علي خامني ليس مستعداً للتنازل عن السيطرة على العراق.