فشل محاولة تحويل منصور عباس إلى ياسر عرفات
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • في تظاهرات اليمين في ساحة هبيما في الأسبوع الماضي، خلال نقاش ميزانية الحكومة في الكنيست، ركّز المتظاهرون على دور حزب راعام في الائتلاف الحكومي. أحد الشبان المشاركين في التظاهرة قال للتلفزيون: "أنا هنا بسبب الحركة الإسلامية. ليس لدي مشكلة مع وجود راعام في الحكومة، لكنها تحولت الآن إلى بيضة القبان". عضو الكنيست فطين مُلا، من الليكود، ذهب أبعد من ذلك، إذ قال إن عباس" يأخذ مالاً ويقتل جنودنا".
  • لوهلة بدا كأن عجلة الزمن عادت إلى الوراء، إلى أيام أوسلو في التسعينيات. رئيس المعارضة حينها بنيامين نتنياهو شنّ حملة، معتمداً على الشعور بالاضطهاد التاريخي للشعب اليهودي، وأن كل جيل يواجه خطر الإبادة. كان الأعداء حينها ياسر عرفات وشركاؤه من شعبنا، يتسحاق رابين وشمعون بيرس.
  • في ذروة المعارضة اجتمع عشرات الآلاف للتظاهر في ساحة صهيون في القدس، حملوا صور ياسر عرفات ورابين في لباس الـSS، كأنهما يعملان معاً على تدمير إسرائيل. بعد اغتيال رابين، وفي البث التلفزيوني لانتخابات 1996، عُرضت صور عرفات ورابين يمسكان بيدي بعضهما البعض، وكُتب: "هذا المزيج يشكل خطراً على إسرائيل."
  • في تظاهرة الأسبوع الماضي في ساحة هبيما حضرت عدة آلاف فقط، بحسب التقارير، لكن قيادة الليكود وظفت جهداً كبيراً في التنظيم. كلمات الخطباء كانت حماسية، لكن بحسب وصف ناحوم برنيع في "يديعوت أحرونوت"، كانت التظاهرة إحدى "أكثر التظاهرات انضباطاً في الأعوام الأخيرة". في السنة الأخيرة يبدو أن الآية انقلبت: متظاهرو ساحة بلفور [المعارضون لنتنياهو] أصبحوا يشبهون متظاهري الليكود الصاخبين، بينما متظاهرو ساحة هبيما تصرفوا مثل قدامى حزب مباي في الماضي. غياب الحماسة في اليمين عطّل محاولة تحويل مشاركة راعام في الائتلاف إلى أداة لمنع إقرار الميزانية وإسقاط الحكومة.
  • لماذا حدث ذلك؟ لا يكفي التفسير بأن نتنياهو هو الذي ساعد في شرعنة حزب راعام من خلال المفاوضات التي أجراها معه بنفسه. هذا ادعاء عقلاني، بينما الدعاية السياسية تعتمد في الأساس على المشاعر. من المحتمل ربط فشل إخراج الجماهير إلى الشوارع بسبب آخر. ببساطة، لم ينجح اليمين في تسويق منصور عباس كتوأم لياسر عرفات.
  • عباس الذي يرأس الجناح السياسي في الحركة الإسلامية لا يتلاءم مع هذا الوصف. ينتمي راعام إلى الأحزاب العربية الأكثر تشدداً، والذي رُفض أكثر من مرة في الانتخابات المركزية بحجة رفضه الطابع اليهودي الديمقراطي لدولة إسرائيل. المحكمة العليا رفضت هذه القرارات بحجج قانونية، لكن الموقف العام من هذا الحزب بقي على حاله.
  • غيّر حزب راعام استراتيجيته خلال سلسلة المعارك الانتخابية التي جرت بين سنتيْ 2019 و2020، ومشاركته في الائتلاف جرت بسبب تصريح الحزب بأنه لن يهتم في هذه المرحلة بالقضايا السياسية، بل بالموضوعات المدنية فقط. لكن اليمين ينشر، من دون هوادة، تصريحات وصور أفراد من حزب راعام تربطهم بـ"حماس"، الأمر الذي أدى إلى الربط الطبيعي الذي أجراه عضو الكنيست فطين بأن المليارات المخصصة للمجتمع العربي في ميزانية الدولة ستخدم الإرهاب في النهاية.
  • لكن الدعاية لا تعتمد فقط على وجهات نظر، بل تعتمد أيضاً على أدلة ملموسة. لقد نجح عضو الكنيست عباس في لجم هجمات اليمين بفضل حضوره التلفزيوني الذي ظهر خلاله كشخص لطيف. في المقابلات معه كان في الإمكان رؤية ارتياحه والطريقة التي نجح من خلالها في الرد على الأسئلة الصعبة بابتسامة خجولة.
  • ... لم ينجح اليمين في دفع أحد من حزب يمينا ومن حزب مستقبل جديد إلى معارضة الميزانية (باستثناء عميحاي شيكلي)، ولو حدث ذلك لسقطت الحكومة. من أجل تحقيق هذا الهدف كان ينبغي إغراق الشوارع بالمتظاهرين الغاضبين كما جرى في التسعينيات. هذا الأمر كان بحاجة إلى عرفات، وليس إلى منصور عباس.

 

 

المزيد ضمن العدد 3671