هل هذه نهاية اتفاقات أبراهام؟
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

  • في 24 تشرين الأول/أكتوبر نقل موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن وكالة الأنباء الفرنسية ما قاله المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي في خطاب ألقاه في طهران وبثه التلفزيون الإيراني: "الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في السنة الماضية يجب أن تعود عن قراراتها." وأضاف: "للأسف الشديد بعض هذه الحكومات أخطأ أخطاء كبيرة، كما أخطأ بتطبيع علاقاته مع النظام الصهيوني الوحشي. ما جرى هو ضد الوحدة الإسلامية ويجب على هذه الدول التكفير عن الأخطاء الكبيرة التي اقترفتها."
  • هذه الأخبار لم تُثِر لدينا ردوداً أو تغطية كبيرة، على الرغم من أنه كان يجب أن تهز الدولة في إسرائيل، شعباً وحكومة وإعلاماً، وكل الذين يحتفلون بـ"اتفاقات أبراهام" منذ أكثر من عام كأنها محفورة في الصخر ولا شيء في العالم يمكنه أن يعيدها إلى الوراء، أو يحدّ منها، أو يلغيها.
  • وفي الواقع هناك طرفان قادران، وأخطر من ذلك، هما يريدان تقليص "اتفاقات أبراهام"، وحتى إبطالها، إلى جانب الفلسطينيين، أي السلطة الفلسطينية و"حماس" معاً. هذان الطرفان هما إيران ومسؤولون رفيعو المستوى في إدارة بايدن يستمدون الوحي من بعض الإسرائيليين الذين ما زالوا يؤمنون بوهم "شرق أوسط جديد".
  • إيران لم تبارك قط "اتفاقات أبراهام"، والكلام الذي أوردناه أعلاه ليس صادراً عن مسؤول صغير، بل عن المرشد الأعلى الذي تتحول كل فكرة من أفكاره إلى خطوات حقيقية بالنسبة إلى أتباعه. ولأنه قال إن على "الدول العربية التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل العودة عن قراراتها"، يمكن أن يترجم أنصاره هذا الكلام إلى خطوات على الأرض. حتى كتابة هذه السطور، أي بعد أسبوع من صدور هذا الكلام، لم نسمع عن خطوات حقيقية اتخذتها إيران ضد الإمارات والبحرين، لكن ما يفكر فيه المرشد الأعلى بشأن هذه الدول واضح وعلني ومعروف وثابت.
  • في المقالات التي كتبتها على هذا المنبر المحترم خلال السنة الماضية حذّرت كل المحتفلين من نشوة الاحتفال، لأن هذه الاتفاقات يمكن أن تتعرض لانعطافة سلبية في اللحظة التي تلمّح فيها إيران إلى الإماراتيين بأن "الاحتفال انتهى"، وإذا لم يفهموا التلميح الكلامي فيكفي سقوط صاروخ في صحراء أبو ظبي كي يقتنع أبناء الإمارات بأن الصاروخ المقبل سيسقط على منشأة نفط. وهم ليسوا مستعدين للتضحية بمصدر حياتهم على مذبح علاقاتهم مع إسرائيل.
  • متى ستفعل إيران ذلك؟ عندما يشعر زعماؤها بالثقة الكافية، وفي الأساس إذا نجحوا في جذب الإدارة الأميركية إلى مفاوضات لرفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي. بعد مرور لحظات على توقيع الاتفاق، وعلى التقاط صورة المشاركين الأميركيين والإيرانيين مع ابتساماتهم العريضة، سيشعر الإيرانيون بأنهم وضعوا الأميركيين في جيبهم، وبأنهم أحرار الآن ويستطيعون أن يفعلوا في الشرق الأوسط ما امتنعوا من القيام به طوال الأعوام الخمسة الأخيرة، منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
  • يعلم الإيرانيون جيداً بأنه يوجد أشخاص ضد "اتفاقات أبراهام" في الإدارة الأميركية، وبين ممثلي الحزب الديمقراطي في الكونغرس، وفي مجلس الشيوخ، لأن هذه الاتفاقات همّشت الموضوع الفلسطيني والتفّت عليه. بالنسبة إلى أعضاء في الكونغرس، مثل إلهام عمر ورشيدة طالب وألكسندريا كورتيز وبرني سندرز، في إمكان إسرائيل أن تذهب إلى الجحيم. هناك أشخاص في وزارة الخارجية الأميركية أيضاً تجري المشكلة الفلسطينية في دمهم: هادي عمرو، روبرت مالي، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بالنسبة إليهم، "اتفاقات أبراهام" أضرّت بالدفع قدماً بـ"المشكلة الفلسطينية" على طريق الدولة، على الرغم من أن ليس لديهم أي إمكان لمنع تحوُّل هذه الدولة الفلسطينية إلى "حماستان" ثانية، سواء من خلال انتخابات مثل تلك التي جرت في سنة 2006، أو من خلال السيطرة العنيفة، مثل التي حدثت في غزة في حزيران/يونيو 2007.
  • النهج السلبي لوزارة الخارجية الأميركية حيال "اتفاقات أبراهام" برز هذا الأسبوع في 25 تشرين الأول/أكتوبر، عندما قال الناطق بلسان وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن الانقلاب العسكري في السودان يستدعي إعادة فحص تقدُّم التطبيع بين السودان وبين إسرائيل، والموقّع قبل عام ضمن إطار "اتفاقات أبراهام". لكن ما هي العلاقة بين الانقلاب العسكري في السودان وبين التطبيع بينه وبين إسرائيل؟ وهل إسرائيل مسؤولة عمّا يجري في السودان؟ التفسير هو أن الإدارة الأميركية تعتبر الديمقراطية وحقوق الإنسان من أهم المبادىء، وإذا استولى الجيش في دولة معينة على السلطة، فعندئذ يجب على كل دول العالم تجميد علاقاتها مع هذه الدولة، وهذا هو سبب الضغط على إسرائيل لتجميد الفصل السوداني من "اتفاقات أبراهام".

سوء فهم أساسي

  • في 28 تشرين الأول/أكتوبر تحدثت المراسلة السياسية لقناة "كان" عن عمليات جس نبض إسرائيلية تجري مع الإمارات بهدف إشراكها في دفع رواتب قادة "حماس" بدلاً من قطر. بعد عملية "حارس الأسوار" توجّه عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى الإمارات لفحص ما إذا كانت الإمارات مستعدة لتمويل الرواتب التي تحوَّل إلى "حماس".
  • هذا الكلام لا يوضح ما إذا كان هذا التوجه جرى في أثناء وجود حكومة بنيامين نتنياهو أو خلال ولاية حكومة بينت. في جميع الأحوال، مَن قرر التوجه إلى الإمارات يعاني عدم فهم أساسي للشرق الأوسط. في الإمارات كما في السعودية يعتبرون تنظيمات الإخوان المسلمين، وعلى رأسها "حماس"، عدواً أكثر خطراً من العدو الإيراني...
  • إذا شعرت إيران في المستقبل بأنها ارتاحت من الضغوط الاقتصادية والعسكرية، وخصوصاً إذا كان لديها "بطاقة تأمين" على صورة اتفاق نووي وقنبلة نووية، حينها ستبدأ بالضغط على الإمارات والبحرين لتقليص "اتفاقات أبراهام"، وربما الضغط عليهما لتقديم المال رغماً عنهما إلى سلطة "حماس" في غزة.