أعلن الجيش الإسرائيلي صباح أمس (الأحد) أن قوات الأمن الإسرائيلية اعتقلت الليلة قبل الماضية آخر أسيرين فلسطينيين من بين الأسرى الستة الذين فروا من سجن جلبوع [شمال إسرائيل] قبل نحو أسبوعين. وأنهى اعتقالهما، بعد أسبوع من إعادة القبض على الأسرى الأربعة الآخرين في شمال إسرائيل، عملية مطاردة ضخمة استمرت 13 يوماً في إثر واحدة من أخطر وأجرأ عمليات الهروب من سجن في تاريخ إسرائيل.
وذكر بيان صادر عن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الأسيرين أيهم كممجي ومناضل انفيعات، وكلاهما عضو في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، اعتُقلا في مدينة جنين من خلال عملية مشتركة لعناصر الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] ووحدة مكافحة الإرهاب ["يمام"] في الشرطة، وتم تسليمهما إلى جهاز "الشاباك" للتحقيق معهما.
وأضاف البيان أنه مع خروج القوات الأمنية من المدينة اندلعت أعمال شغب في عدد من المواقع ألقى خلالها متظاهرون الحجارة والمتفجرات على القوات وفتح مسلحون النار في المنطقة. وأشار البيان إلى أن الأسيرين الهاربين لم يقاوما الاعتقال وسلّما نفسيهما بعد أن طوقت القوات الإسرائيلية المبنى الذي كانا يختبئان فيه. كما أشار إلى أن القوات المشتركة للجيش وجهاز "الشاباك" والشرطة طوقت وحاصرت المنزل وفي الوقت عينه قامت بإطلاق النار حول المبنى الذي كان يختبئ فيه الهاربان. وفي محاولة واضحة لتجنّب مواجهة كبيرة ومباشرة مع الناشطين الفلسطينيين في المدينة جذبت القوات الإسرائيلية الانتباه في البداية بعيداً عن المنزل الذي اختبأ فيه كممجي وانفيعات من خلال إرسال أعداد كبيرة من القوات إلى جزء مختلف من المدينة لتشتيت الأنظار، وفقط بعد ذلك تم إرسال فريق أصغر إلى الموقع الفعلي. كما تم اعتقال شابيْن فلسطينييْن آخريْن بحجة تقديم المساعدة إلى الأسيرين الهاربين.
وأوضح بيان صادر عن جهاز "الشاباك" أن عملية الاعتقال تمت بعد تلقّي معلومات استخباراتية دقيقة حددت المبنى الذي كان الاثنان يختبئان فيه في جنين.
وقال فؤاد كممجي والد أيهم إن ابنه اتصل به عندما حاصرت القوات الإسرائيلية المنزل وقال له إنه سيستسلم حتى لا يعرّض أصحاب المنزل للخطر.
واعتُقل كممجي، وهو من قرية كفر دان بالقرب من جنين، سنة 2006 وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة خطف وقتل مستوطن إسرائيلي. أمّا انفيعات فقد اعتُقل إدارياً منذ نحو عامين بشبهة بيع أسلحة.
وعلّق رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت أمس على عملية إلقاء القبض على الأسيرين اللذين فرا من سجن جلبوع وتسللا إلى جنين فقال: "لقد تم الأمر واكتمل. تم القبض على كافة السجناء الستة وأعيدوا إلى السجن في عملية مثيرة للإعجاب ومتطورة وسريعة من طرف جهاز الأمن العام والشرطة والجيش الإسرائيلي".
وشكر بينت القوات الأمنية التي عملت ليلاً نهاراً من دون هوادة لإنهاء المهمة، وأكد أنه يمكن إصلاح كل الأخطاء التي وقعت.
وكان الأسرى الأمنيون الفلسطينيون الستة فروا من سجن جلبوع في ساعات فجر يوم 6 أيلول/سبتمبر الحالي عبر نظام الصرف الصحي في زنزانتهم ومساحة فارغة تحت السجن. وبحسب ما تبين، بدأوا بحفر مسار الهرب في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت باستخدام أطباق ومقابض القلايات. وكشفت عملية الفرار عن سلسلة من الإخفاقات في السجن، بينها الفشل في استخلاص العبر من محاولات هروب سابقة، والعديد من الأخطاء التشغيلية، بما في ذلك عدم وضع حراس في أبراج المراقبة، ونوم الحراس خلال مناوبتهم.
وألقت قوات الأمن الإسرائيلية القبض على أربعة من الفارين الستة، بمن فيهم القيادي السابق في كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة "فتح" زكريا زبيدي، في نهاية الأسبوع الفائت. وفي البداية تم القبض على يعقوب قادري ومحمود العارضة، الذي ذكرت تقارير أنه العقل المدبر لعملية الهروب من السجن، في مدينة الناصرة. وكان العارضة، الذي يُعتبر عضواً في حركة الجهاد الإسلامي، يقضي عقوبة بالسجن المؤبد لضلوعه في نشاطات تضمنت هجمات أسفرت عن مقتل جنود. كما كان قادري، وهو أيضاً عضو في الجهاد الإسلامي، يقضي محكوميته بالسجن المؤبد بسبب أعمال عدائية، بما في ذلك قتل مستوطن إسرائيلي سنة 2004. وكلاهما كانا متورطين في محاولة هروب من سجن جلبوع سنة 2014.
وفي وقت لاحق تم القبض على زكريا زبيدي ومحمد العارضة في قرية أم الغنم العربية [شمال إسرائيل]. وكان زبيدي رهن الاعتقال في انتظار محاكمته في أكثر من عشرين تهمة، من ضمنها محاولة قتل إسرائيليين. أما محمد العارضة وهو الشقيق الأصغر لمحمود والناشط أيضاً في حركة الجهاد الإسلامي فقد اعتُقل سنة 2002 بتهم تتعلق بممارسة "الإرهاب" وحُكم عليه بالسجن المؤبد.