زيارة لبيد أشعلت الخصومة بين المغرب والجزائر من جديد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • "التطبيع مع إسرائيل مؤلم وصعب، لكن المصلحة الوطنية أهم بكثير"، هذا ما قاله رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني في مقابلة أجريَت معه في 8 آذار/مارس، قبل 3 أيام من وصول الوزير يائير لبيد إلى العاصمة المغربية الرباط. في هذه المقابلة شدد العثماني على ما هو معروف مسبقاً، بأنه لن يجتمع بلبيد، وأن مثل هذا الاجتماع ليس مطروحاً على جدول الأعمال. الحجة الرسمية أنه بحسب قواعد البروتوكول، تجري اللقاءات مع ممثلين أجانب بحسب درجة التمثيل. لذلك اجتمع لبيد بوزير الخارجية المغربي وليس برئيس الحكومة أو الملك.
  • من الصعب التصوُّر أن مثل هذا الجواب يمكن أن يقدَّم إلى وزير خارجية أميركي، أو مصري، أو تركي، إذا قاموا بزيارة المغرب. العثماني نفسه لم يكن متحمساً كثيراً للاتفاق الأخير الموقّع بين الدولتين في كانون الأول/ديسمبر الماضي، وفي شهر أيار/مايو وصف عمليات إسرائيل في غزة بـ"جرائم الحرب" - وقد أثارت هذه التصريحات ردة فعل حادة من طرف سفير إسرائيل في المغرب دفيد غوفرين.
  • لقد بذل رئيس الحكومة المغربية جهده كي يشرح أن دولته تواصل تأييد الفلسطينيين بكل الوسائل "سواء على الصعيد السياسي أو العملي"، وأنها تُجري اتصالات بدول العالم ودول عربية للتوصل إلى إنهاء الاحتلال، وتساعد في إعادة إعمار المنازل التي دمرتها إسرائيل في القدس، وفي دفع الغرامات الباهظة المفروضة على مخالفي البناء.
  • العثماني (65 عاماً) هو إسلامي معتدل حاصل على شهادتيْ دكتوراه، في الطب وفي علم النفس، وهو زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم. في 8 أيلول/سبتمبر المقبل سيخوض حزبه الانتخابات البرلمانية، وجزء من المحللين المغاربة يربطون مواقفه من الاتفاق مع إسرائيل بالصراع السياسي، على افتراض أن تأييده للفلسطينيين ووقوفه ضد إسرائيل ومواقفه الوطنية ستساعده في تحقيق إنجاز أكبر مما حققه حزبه في الانتخابات التي جرت في سنة 2016، والتي حصل فيها الحزب على 125 مقعداً من أصل 395.
  • المنافس الأساسي له حزب الأصالة والمعاصرة، وهو أكبر حزب يميني حصل حينها على 102 من المقاعد. وبحسب استطلاعات الرأي التي جرت في المغرب، يبدو أن الحزب الحاكم سيحظى هذه المرة أيضاً بالأغلبية، والسؤال: هل سيستطيع تشكيل ائتلاف واسع مثل الذي يعتمد عليه العثماني الآن من أجل تأليف حكومة فاعلة؟
  • عندما أعلنت الجزائر هذا الأسبوع قطع علاقاتها بالمغرب، برر وزير خارجيتها هذه الخطوة الدراماتيكية، من بين أمور أُخرى، بأن "المغرب أدخل إلى أراضيه قوة عسكرية أجنبية"، ويقصد بذلك إسرائيل. واتهم المغرب أيضاً باستخدام برنامج بيغسوس التابع لشركة NSO الإسرائيلية لمراقبة مسؤولين جزائريين رفيعي المستوى. كما اتهم أيضاً منظمة MAK [الحركة من أجل تقرير مصير منطقة القبائل]، التي تطالب باستقلال منطقة القبائل في الجزائر، بأنها المسؤولة عن إشعال الحرائق الهائلة التي أدت إلى مقتل 90 شخصاً. وتدّعي الجزائر أن إسرائيل تدعم هذه المنظمة التي تصنفها تنظيماً ارهابياً.
  • المغرب كذّب بشدة التهمتين، لكنه لم يتراجع عن دعمه لـ"حق تقرير المصير" لمنطقة القبائل التي ينتمي سكانها إلى الأقلية البربرية في الجزائر، والتي تطالب منذ أعوام بالاعتراف بها كمنطقة مستقلة... وهنا يكمن أساس النزاع العميق بين المغرب والجزائر. سيطرة المغرب على الصحراء الغربية في سنة 1976، والتي تطالب منظمة البوليساريو باستقلالها، وإعلانها من جانب المغرب كمحافظة مغربية خاضعة للسيادة المغربية، جرى الاعتراف به من جانب 39 دولة فقط، بينما تقوم الجزائر بتسليح وتمويل البوليساريو التي تدعمها منذ السبعينيات.
  • السياسة الجزائرية المعادية للمغرب في مسألة الصحراء الغربية تلقت صفعة قوية عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر 2020 اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل عقد اتفاق سلام مع إسرائيل. الخطوة الأميركية لم تُنهِ نضال منظمة البوليساريو، ولم تكبح تطلعات الجزائر، لكنها قضت على المساعي الجزائرية لتجنيد تأييد دولي من أجل استقلال الصحراء الغربية. في نظر الجزائر، يقع اللوم على إسرائيل وعلى الولايات المتحدة أكثر من المغرب في سحب البساط من تحت هذا النضال التاريخي.
  • ... قطع العلاقات الذي أعلنته الجزائر هو خطوة دراماتيكية، لكنها لن تغير الكثير من منظومة العلاقات الهشة القائمة بين الدولتين منذ عشرات السنين. فالحدود بينهما أُغلقت في سنة 1994 "لأسباب أمنية" بعد الهجمات الإرهابية في مراكش. يومها اتهمت المغرب الجزائر وفرضت قيوداً على دخول المواطنين الجزائريين، في أعقاب ذلك أعلنت الجزائر إغلاق حدودها.
  • ... إن حاجة الجزائر إلى تحويل اهتمام الخطاب العام بشأن المشكلات الداخلية والتنصل من مسؤولية الحكومة جعلها تُلقي اللوم على المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة وكل مَن ينتقد الحكومة. المغرب من ناحيتها أعربت عن أسفها لقرار الجزائر ورأت تبريراته "منافية للعقل وكاذبة"، لكنها لم تقترح في هذه المرحلة خطوة لاستئناف العلاقات، سواء لتقديرها أن قطع العلاقات لن يضرها اقتصادياً أو سياسياً، أم لأن أي خطوة تبدو تصالحية يمكن أن تضر سياسياً بالزعامات والأحزاب التي تستعد للانتخابات.