إطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل وتداعياته
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف
  • الصاروخان اللذان أُطلقا من لبنان على إسرائيل قبل أسبوعين لم يكونا ظاهرة أولى من نوعها. فقد سبق ذلك حادث مشابه خلال عملية حارس الأسوار في أيار/مايو 2021. وراء الحادثين على ما يبدو أطراف فلسطينية تتماهى مع "حماس" وتحركت بموافقة صامتة من جانب صاحب البيت الحقيقي في لبنان - حزب الله.
  • من المعروف أحياناً أن حادثاً منفرداً كان يُعتبر قبل وقت قليل استثنائياً قد يتحول إلى سلوك دائم. فما يبدو أنه تماهٍ من أطراف فلسطينية مع "حماس" في لبنان يمكن أن يتحول إلى طريقة عمل ثابتة تمتاز بها أطراف فلسطينية وتخرق وضع الهدوء الذي ساد هذا القطاع منذ حرب لبنان الثانية.
  • سيناريو قيام عناصر من "حماس" في لبنان بقصف شمال إسرائيل بالصواريخ من حين إلى آخر، لديه فرصة تحقُّق معقولة. هذا الأمر يتطابق مع التوجه الاستراتيجي للحركة كما عبّرت عنه قبل عملية حارس الأسوار وخلالها، والرامي إلى فصل السياق المحلي للمواجهة بينها وبين إسرائيل وربطه بالوضع العام في الشرق الأوسط، وقبل كل شيء بعملية التطبيع الإسرائيلي - العربي. بالنسبة إلى "حماس"، أعمال الشغب في المدن المختلطة في إسرائيل خلال حرب غزة، وكذلك تسخين الأجواء في الضفة الغربية، هما جزء من هذا التوجه الذي يجب، في ضوئه، تحليل اهتمام الحركة بتوسيع المواجهة العسكرية إلى لبنان.
  • القصف من لبنان في اتجاه إسرائيل لا يخدم فقط مسعى توسيع إطار المواجهة الشاملة مع إسرائيل، بل يترافق مع التردد الدائم لـ"حماس" بين الرغبة في إدارة وإعادة بناء قطاع غزة وبين الرغبة في مواجهة مع إسرائيل. فقد أظهرت "حماس" حذراً كبيراً نسبياً في سلوكها حيال إسرائيل في الشهرين اللذين أعقبا عملية حارس الأسوار، وحاولت استئناف إطلاق البالونات الحارقة والامتناع من إطلاق القذائف الذي يمكن أن يجدد القتال. من وجهة النظر هذه، توسيع المواجهة إلى لبنان قد يمنح "حماس" وسيلة تكتيكية – عملانية ضد إسرائيل ويوسع ساحة الاشتباك المحتمل من غزة إلى الجنوب اللبناني، ويحمي القطاع نسبياً من رد إسرائيل التي تُظهر نوعاً من التردد إزاء الرد على إطلاق النار من الشمال.
  • تجري هذه التطورات على خلفية التفكك السياسي والاجتماعي للبنان، الذي لا يسمح فقط لهذه الأطراف الفلسطينية باستغلال الأرضية لقصف إسرائيل، بل يُضعف أيضاً قدرة الجيش على فرض إرادته على الأطراف الفلسطينية المارقة.
  • حتى الآن دور حزب الله في حادثتيْ القصف ليس واضحاً: هل أعطى موافقته المسبقة على القيام بهما، أم أن هذا حدث رغماً عن أنفه، ومن خلال استغلال انشغاله بالأحداث والتطورات التي تجري في لبنان. على أي حال سيكون من الصعب على حزب الله في الظروف الحالية لجم أحداث مشابهة أُخرى. ونتيجة ذلك من الممكن أن يؤدي تكرار القصف من طرف جهات فلسطينية تتماهى مع "حماس" من الأراضي اللبنانية إلى وضع إسرائيل أمام تحدٍّ كبير.
  • حتى الآن امتاز الرد الإسرائيلي بإطلاق نيران المدفعية على لبنان، تقريباً من دون أهداف محددة بالإضافة إلى كلام علني صادر عن المستويين السياسي والعسكري، بأن إسرائيل لن تقبل مثل هذا الواقع. لكن الكلام شيء والأفعال شيء آخر، إذ سيخلق تكرار حوادث القصف وتحوُّل الشمال إلى ساحة اشتباك جديدة على خلفية تفكّك لبنان واقعاً جديداً. حينها ستضطر إسرائيل إلى مواجهة مسألة الرد وقدرتها على منع القصف: هل سيكون عنوان الرد لبنان – في ضوء انهيار الدولة وضعف الجيش، وهو ما يقلص قدرتهما على منع مثل هذه الحوادث - أو حزب الله، الأمر الذي سيعرّض إسرائيل لإمكان تبادل الضربات مع الحزب. إن هذه المعضلة غير بسيطة وليس من الواضح البتة ما إذا كانت إسرائيل تملك في الوقت الحالي الأدوات والقدرة لمنع تحوّل القصف المتقطع إلى صليات متفرقة من القصف.