إسرائيل تقدم معلومات استخباراتية تدين إيران بالهجوم على السفينة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • عندما يناسبها الأمر تتمسك إيران بسياسة الغموض إلى أقصى الحدود. في نهاية الأسبوع اتُّهم الحرس الثوري بشن هجوم بالمسيّرات الانتحارية على سفينة "ميرسر ستريت" قبالة شواطىء عُمان، الأمر الذي أدى إلى مقتل مواطن بريطاني ومواطن روماني.
  • الناطق بلسان الخارجية الإيرانية أعلن أمس أن بلاده ليست مسؤولة عن الهجوم على السفينة التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي أيال عوفر. التكذيب الإيراني الخارج عن المألوف بحدته يمكن أن يكشف الإحراج بعد مقتل المواطنيْن.
  • رئيس الحكومة نفتالي بينت ردّ قائلاً: "تحاول إيران بطريقة جبانة التملص من المسؤولية عن الحادث. هم يكذبون. وأنا أقول بصورة قاطعة إن إيران هي التي نفّذت الهجوم ضد السفينة. والأدلة الاستخباراتية على ذلك موجودة." وفعلاً تشير المعلومات لدى الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل والغرب إلى أن ما جرى عملية قام بها سلاح الجو التابع للحرس الثوري.
  • قائد سلاح الجو في الحرس الثوري أمير علي حاجي زاده حصل من الزعامة الإيرانية على شيك مفتوح للهجمات بالمسيّرات في حال وقوع عملية إسرائيلية. والهجوم الأخير كان رداً على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل قبل أسبوعين على سورية. خلال فترة أسبوع وقعت 3 هجمات على سورية. استهدفت إحداها منطقة قريبة من مدينة حمص، حيث جُرح ضابط في فيلق القدس، ولم يُقتل كما ورد في عدد من التقارير.
  • شكّل هذا الهجوم ذريعة استخدمها حاجي زاده للرد من خلال المبادرة إلى شن هجوم بالمسيّرات. هذا كان مبرر العملية الإيرانية، وليس الهجوم السيبراني الذي نُسب إلى إسرائيل، والذي عرقل حركة القطارات في إيران الشهر الماضي. مسؤولون رفيعو المستوى في الحرس الثوري حسّاسون إزاء الخسائر البشرية أيضاً في القتال في سورية، وضعوا جباية ثمن كما فعل قبلهم حسن نصر الله عندما أُصيب عناصر من حزب الله في قصف معسكرات إيرانية في سورية.
  • بالاستناد إلى بينت، "السلوك الإيراني لا يهدد إسرائيل فقط، بل يمس بمصالح عالمية، وبحريّة الملاحة والتجارة الدولية." وفي كلامه تلميح إلى سلّم الأولويات الإسرائيلي في الفترة المقبلة. في إسرائيل يريدون استغلال الهجوم الإيراني ومقتل المواطنيْن الأوروبييْن من أجل شن حملة دبلوماسية ضد طهران. الخارجية البريطانية سبق أن أعلنت أمس أنها تحمّل إيران مسؤولية الهجوم، والخارجية الأميركية أصدرت بياناً مشابهاً. في هذه الأثناء جرت مكالمة هاتفية بين رئيس الأركان أفيف كوخافي وبين نظيره البريطاني عُرضت خلالها معلومات استخباراتية إسرائيلية.
  • توقيت الأحداث مهم أيضاً. هذا الأسبوع سيؤدي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي القسم، والذي من المتوقع قريباً أن يؤثر في إدارة المفاوضات مع الدول العظمى بشأن الاتفاق النووي الجديد. فرص توقيع اتفاق كهذا ليست واضحة البتة. تسعى إسرائيل لتقديم إيران كعائق أمام المجتمع الدولي - وهذه المرة قُبِض على إيران بالجرم المشهود. هذا لا يعني التخلي عن رد عسكري على الخطوة الإيرانية. في الماضي مرت أحياناً أسابيع قبل أن ترد إسرائيل على الخطوات ضدها. من الممكن التقدير أيضاً أن الرد هذه المرة سيكون على مسارين، سياسي وعسكري. بينت الآتي بعد رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، نراه يحذو حذوه ومن الصعب عليه تجاوُز التحدي الإيراني من دون الرد عليه.
  • الساحة الإيرانية ليست وحدها التي سجلت ارتفاعاً في الحرارة في ذروة موجة القيظ الحالية. اليوم ستبحث المحكمة العليا في طلب إذن الاستئناف الذي تقدمت به 4 عائلات فلسطينية من حي الشيخ جرّاح في القدس الشرقية ضد أوامر إخلاء منازلها من أجل جمعية مستوطنين. المواجهات في حي الشيخ جرّاح، بالإضافة إلى الحوادث في الحرم القدسي، هي التي ساهمت في زيادة التوتر في المنطقة في أيار/مايو الماضي وأدت إلى عملية "حارس الأسوار" ضد "حماس" في غزة.
  • تأجيل مناقشة القضية والقرارات التي اتُّخذت لفرض قيود على مسيرة الأعلام في القدس ساهما قليلاً في تهدئة الأجواء في المدينة. الآن يتصاعد التوتر مجدداً، على الأقل في حي الشيخ جرّاح الذي شهد تظاهرات في الأيام الأخيرة قبل استئناف النقاش في المحكمة العليا. في الضفة الغربية ساهم الجيش الإسرائيلي في تأجيج اللهب. في الأسبوع الماضي قُتل 4 فلسطينيين في حوادث متفرقة في شوارع الضفة – كلهم مدنيون غير مسلحين، بينهم شاب وطفل. في المؤسسة الأمنية يعترفون، بالاستناد إلى تحقيقات أولية، بأن هناك تساؤلات صعبة تتعلق بسلوك القوات الإسرائيلية على الأرض ومبرر استخدام النار الحية في جميع هذه الحالات. وجرى هذا تحديداً بينما كان يبدو أن العنف في الضفة انخفض. التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عاد وتوثق بعد التوتر الذي رافق العملية في القطاع، ويبرز الجهد الذي تبذله السلطة للسيطرة على الأرض.
  • خطوات السلطة ناجمة عن سببين: التخوف من التهديد الذي تمثله "حماس" التي ازدادت شعبيتها على خلفية صمودها في مواجهة إسرائيل في غزة؛ ومحاولة إظهار إرادة حسنة حيال إدارة بايدن - على أمل أن تساعدها هذه الأخيرة في وصول الأموال إلى رام الله واستئناف العملية السياسية بينها وبين إسرائيل. أحد مخاوف الفلسطينيين الأساسية هي اقتصادية. فقد عادت إسرائيل إلى حسم الأموال التي تجبيها عن السلطة على المعابر، رداً على المساعدة المالية التي تقدمها إلى عائلات القتلى الفلسطينيين والأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية.
  • هذه الصعوبة تزداد لأسباب بيروقراطية. الحكومة مضطرة إلى العمل قانونياً بعد التشريع الذي أقره الكنيست في فترة حكومة نتنياهو. حساب الحسم يجري بحسب التقرير الذي تصدره وزارة الدفاع، والمتعلق بحجم الأموال التي تدفعها السلطة إلى الأسرى وعائلات المقاتلين. لكن في سنة 2019 لم يصدر تقرير، ومؤخراً صدر تقرير يلخص العامين الماضيين - وهكذا أصبح المبلغ المحسوم مضاعفاً. وتحسم إسرائيل من أموال الفلسطينيين نحو 100 مليون شيكل شهرياً، بينما تصل ميزانية السلطة كلها إلى نحو مليار ونصف مليار شيكل شهرياً. هذا أيضاً يزيد الصعوبات الاقتصادية للسلطة التي ستضطر إلى تقليص رواتب موظفي الدولة قريباً- بينهم العاملون في الأجهزة الأمنية الذين يعتمد التنسيق الأمني مع إسرائيل في الأساس عليهم.