الإدارة الأميركية تزعزع جدار الحديد لاتفاقات أبراهام
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف
  • تبشر بيانات رسمية من واشنطن بتقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط. هذا التقليص سيشمل أيضاً الدفاعات الجوية المنصوبة في السعودية التي تواجه أيضاً مشكلة الحوثيين في اليمن. هذا الخبر ليس جديداً. فتقليص الوجود العسكري الأميركي كان هدفاً وضعته لنفسها أيضاً إدارة ترامب عندما أرادت تحويل مركز الثقل الاستراتيجي للولايات المتحدة إلى قوة اقتصادية عظمى في مواجهة التحدي الصيني. الرئيس بايدن يدرك سلّم أولويات الولايات المتحدة الذي يركز أولاً على الصين، وبصورة أقل على روسيا والشرق الأوسط.
  • هذا هو سبب عدم الاهتمام بالشرق الأوسط الذي تظهره الإدارة الأميركية حالياً، وهذا هو سبب عدم إظهار بايدن حتى الآن حماسة استثنائية لمحاكاة الولاية الأولى لإدارة أوباما والتدخل في مستنقع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني المعقد. لهذا السبب تراجع محمود عباس، الذي وضع توقعات مبالَغ فيها واعتمد على التقدميين في واشنطن، عن عملية الانتخابات العامة في المناطق بعد أن أدرك أن الإدارة الديمقراطية ليست متحمسة لها.
  • في هذه المرحلة ليس واضحاً ما إذا كان سيستمر توجّه عدم التدخل في المسألة الفلسطينيية. من المحتمل جداً أن يحفّز التغيير السياسي في إسرائيل إدارة بايدن على المحاولة مجدداً فيما فشلت فيه أكثر من مرة. لكن على الرغم من أنه من الواضح أن تقليص الوجود الأميركي في الشرق الأوسط كان هدفاً مشتركاً بين إدارتيْ ترامب وبايدن، إلاّ إن هناك فارقاً كبيراً بينهما بشأن كل ما له علاقة بإيجاد ظروف استراتيجية تسمح بالانسحاب الأميركي. بالنسبة إلى ترامب، تقليص الوجود العسكري مرتبط بممارسة ضغط كبير على إيران لدفعها إلى طاولة المفاوضات، بينما هي ضعيفة ومستعدة لقبول اتفاق أفضل بكثير من الاتفاق النووي لسنة 2015. في المقابل عمل ترامب على إيجاد توازن استراتيجي إقليمي جديد يعتمد على ائتلاف بين إسرائيل ودول الخليج اتخذ صورة اتفاقات أبراهام. كل ذلك من خلال وعود بصفقات سلاح متقدم مع الدول المشاركة في الائتلاف لإيجاد ما يمكن تسميته "جدار الحديد" لـ"معسكر العقول" - الدول الغنية البراغماتية التي تكره المخاطرة – ضد "معسكر القلوب" المتمثل في "عناصر المقاومة" العنيفين والباحثين عن الخطر.
  • في المقابل القصة مع إدارة بايدن مختلفة. الولايات المتحدة تريد الانسحاب بسرعة من المنطقة والطريق إلى ذلك لا تمر بإخضاع إيران، بل عن طريق اتفاق يسمح بتحويلها إلى قوة إقليمية عظمى، سواء من ناحية إمكان وصولها إلى سلاح نووي، أو من ناحية رفع الحصار الاقتصادي المفروض عليها. مع الاستعداد لقبول اتفاق ضعيف ومفاوضات مع طهران تزعزع الولايات المتحدة المنطق الاستراتيجي في اتفاقات أبراهام و"جدار الحديد" الإسرائيلي - الخليجي ضد إيران. المؤشرات إلى ذلك يمكن رؤيتها بالغزل الدائر بين جزء من دول الخليج وبين طهران، والذي يستند إلى إدراك تغيّر التوجه الأميركي تحت إدارة بايدن.
  • هذه ليست أخباراً جيدة بالنسبة إلى إسرائيل. عقد من البناء المستمر لمكانتها الاستراتيجية، جزء منه تحت غطاء من السرية، يواجه تحدياً. يبدو أن إسرائيل تقف أمام مسار معاكس، أو على الاقل أمام  تراجُع التوجهات الإيجابية التي شهدتها الأعوام الأخيرة. إذا جرى ذلك فمن المحتمل أن نواجه في المستقبل بوادر تعاظُم استراتيجي إيراني في ظل تآكل عميق للتدخل الأميركي في المنطقة. هذا المسار يخلق ظروفاً ملائمة لنمو "معسكر القلوب" ويضع في مواجهة "معسكر العقول" صعوبات جوهرية في مواجهة الواقع الشرق الأوسطي الذي سيكون أكثر تعقيداً وقابلية للانفجار كما دلت على ذلك حوادث الحرب الأخيرة في قطاع غزة.