من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في الرواية المحزنة التي لا تنتهي، والتي علقت بها إسرائيل بسبب هرب رئيس الحكومة من رعب المحاكمة، هناك قدر أيضاً من السخرية. في الأمس وبعد أن تبين أن الجولة الرابعة للانتخابات انتهت أيضاً من دون حسم واضح جرى خرق حاجز آخر مثير للسخرية. بعد 6 سنوات على خطاب "العرب يتوجهون بكثافة إلى صناديق الاقتراع"، وتقريباً بعد 3 سنوات على سَنّ قانون القومية العنصري، بدأ بنيامين نتنياهو والليكود بعملية غزل حماسية لكتلة راعم [القائمة العربية الموحدة] برئاسة منصور عباس. جوقة الأبواق التي شرحت قبل فترة أنه ممنوع منعاً باتاً اعتماد أي حكومة في إسرائيل على أصوات أعضاء الكنيست العرب، انتقلت في لحظة أُخرى إلى مديح العيش المشترك.
- حتى الآن، وإلى أن يُستكمل تعداد الأصوات المزدوجة اليوم، يأمل نتنياهو بأن يؤلف الحكومة المقبلة بالاعتماد في الأساس على ممثلي الكنيست من الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية في إسرائيل. لكن عباس ورفاقه هم أكثر من ذلك. هم أيضاً وكلاء حركة الإخوان المسلمين الإقليمية كلها. من الصعب تخيُّل انضمام راعم إلى الحكومة، أو حتى تأييدها من الخارج، من دون أن تُعطى لها موافقة على ذلك، ولو صامتة من طرف حركات الإخوان في شتى أنحاء الشرق الأوسط. وهذا يشمل أيضاً سلطة "حماس" في قطاع غزة، والمهتمة بالتوصل إلى تسوية طويلة الأجل مع إسرائيل في الجنوب، بحسب مؤشرات كثيرة.
- اتفاق محتمل مع راعم، سبق أن كذّبه نتنياهو ورجاله تكذيباً مطلقاً قبل الانتخابات، يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية في اندماج أجزاء من الجمهور العربي في المجتمع الإسرائيلي. لكن يجب أن نفهم أنها ستكون صفقة شاملة يمكن أن تقلص هامش العمل الإسرائيلي في مواجهة "حماس" في حال اندلاع اشتباك آخر في القطاع. من جهة أُخرى يمكن أن تعقّد هذه الصفقة أيضاً علاقات إسرائيل مع دول صديقة، مثل مصر والسعودية والإمارات، التي تعتبر الإخوان المسلمين أعداء لدودين وخطرين. هذا قبل التحدث عن الصعوبة في تجنيد تأييد عباس للحكومة التي سيكون فيها أعضاء من اليمين المتطرف، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. باستثناء رهاب المثلية الجنسية والرغبة في إعادة النساء إلى المطبخ، لا يتشارك هذان الحزبان في كثير من المواقف النظرية المشتركة.
- وفي الواقع سيضطر نتنياهو إلى إظهار مرونة سياسية استثنائية لإتمام هذه الخطوة بنجاح. من جهة ثانية، هذا الشخص الذي لم ينجح على الرغم من تبجّحه بتحقيق أغلبية للمرة الرابعة على التوالي؛ هو سياسي أكثر خبرة بما لا يضاهى من خصومه، ولا يتوقف عند أي كابح، وفي الأساس هو يائس من إيجاد سبيل ينقذه من استئناف محاكمته بعد أقل من أسبوعين. ويبدو كالعادة، لا يزال من المبكر تأبينه.
- لقد كانت هذه الانتخابات مختلفة للغاية. ليست انتخابات أيديولوجية ولا أمنية، وحتى أزمة الكورونا لم تكن في مركزها. ما جرى هنا هو استفتاء رابع انتهى على ما يبدو من دون حسم بشأن مستقبل نتنياهو الشخصي. الشلل الوطني يمكن أن يستمر بسبب الرجل الذي يرفض التخلي - ومستعد للذهاب إلى معركة انتخابات خامسة وسادسة وعاشرة كي يتهرب من المحاكمة. ما يجري في إسرائيل هو أكثر من انقسام أيديولوجي، إنه عاصفة قبلية تدور كلها حول مصير رئيس الحكومة.
- غابت في المعركة الانتخابية قضايا سياسية وأمنية بصورة مطلقة تقريباً. خسارة دونالد ترامب للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ساهمت في ذلك، لأن إدارة جو بايدن الجديدة مشغولة جداً بالكورونا ولم تتفرغ للقيام بخطوات واضحة في الشرق الأوسط. النية المستقبلية للرئيس هي العودة إلى المفاوضات على اتفاق نووي مع إيران لا تهم الناخبين الإسرائيليين. أيضاً الهدوء المستمر في المناطق وعلى الحدود ساعد في تخفيض هذه المسائل في جدول الأعمال. الليكود لم ينشر هذه المرة فيديوهات لمقاتلي داعش يسرعون بسيارات عسكرية متجهين إلى القدس إذا وقعت الحكومة بين يدي يائير لبيد وبني غانتس أو يساري آخر خطر.
- مع ذلك، يبدو في الخلفية خوف مستمر من مشكلات أمنية أو غيرها قد تحدث لنا - ومن المفترض أن نتنياهو هو الوحيد القادر على تقديم جواب عليها. لا يزال نتنياهو في نظر ناخبيه، على الرغم من لوائح الاتهام والتحريض والتفرقة، هو المرشح الصحيح لتلقّي المكالمة الهاتفية في الساعة الثالثة صباحاً، حتى بالمفهوم القديم (مشكلات أمنية غير متوقعة)، وأيضاً بالمفهوم الجديد (مكالمة مع مدير عام شركة فايزر كي يسمح بنقل اللقاحات). صحيح أنه من المفاجىء أن نرى إلى أي حد لم تغيّر دوامة الكورونا شيئاً في موازين القوى التي برزت مقارنة بالانتخابات السابقة، لكن من المحتمل أنه لولا نجاح عملية التلقيح، لكان نتنياهو مُنيَ بهزيمة واضحة في صناديق الاقتراع.
في نظر نصف الجمهور المستعد لغض النظر عن الشبهات الكبيرة بالفساد والإساءة التي حدثت لكل المنظومة القضائية، لا يزال نتنياهو ينجح في تسويق صورة المدافع الأكبر، كما قال إنه يريد أن يُذكر في تاريخ إسرائيل. هذه حكمة صغيرة، ربما لأنه لم تعطَ فرصة لأي مرشح آخر خلال أكثر من عشر سنوات. مع ذلك، من المدهش أن نرى كيف أن جمهوراً، أغلبيته تحترم القانون، مستعد لتصديق حجج نتنياهو الواهية بشأن الظلم الذي يزعم أن المنظومة القضائية اقترفتها بحقه.