الفائز الأكبر في الانتخابات هو اليهودية الأصولية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- نتائج العينات التلفزيونية لا تضمن لنتنياهو الأغلبية التي كان يأمل بها في الكنيست المقبل، لكن من الواضح منذ الآن أن الفائز الأكبر في انتخابات الكنيست الـ24 هو اليهودية الأصولية. فقد فازت الأحزاب الثلاثة مجتمعة التي تمثل يهودية تقسيمية وانعزالية بما لا يقل عن عشرين مقعداً، إن لم يكن أكثر؛ يجب أن نضيف إليها أعضاء الكنيست من الليكود، الحزب الذي كان يتباهى في الماضي بتعريفه بأنه "حركة وطنية ليبرالية"، والذين يتبنون علناً آراء مشابهة.
- في الكنيست المقبل سيكون هناك على الأقل عضوان يمثلان الكهانية الجديدة، وعضو واحد عقيدته كراهية مجتمع المثليين الجنسيين. الفوز المخيف لقائمة الصهيونية الدينية لم يأت تقريباً على حساب الحزبين الحريديين، شاس ويهدوت هتوراه - على الرغم من أنهما انجرا إلى قطب أكثر تطرفاً وانعزاليةً في سنة كورونا الأخيرة. إذا قام نتنياهو فعلاً بتأليف حكومة، ستشغل هذه الأحزاب وزارات في الحكومة ولجاناً مركزية في الكنيست، وستؤثر في حياتنا كلنا. ليس فقط قرابة 20% من الناخبين انتخبوا أصوليين يهوداً، بل هم فعلوا ذلك بمباركة وتشجيع من رئيس حكومة إسرائيل.
- من دون علاقة بالنتائج الحقيقية النهائية، بدأت في الأمس رسمياً حرب على مستقبل اليهودية، وعلى روح إسرائيل. إذا تألفت حكومة نتنياهو السادسة بالاعتماد على أصوات الأصوليين، فستشكل شرخاً عميقاً بين الجماعتين اليهوديتين الكبيرتين. إسرائيل نتنياهو وإسرائيل إيتمار بن غفير ليس لديها قيم مشتركة مع يهود الولايات المتحدة، الذين صوت 80% من أبنائهم وبناتهم قبل 4 أشهر للرئيس جو بايدن الديمقراطي. حكومة غفني – ليتسمان - درعي التي ستقر قانون تهويد جديداً، وكما يبدو ستحصل عليه، مع قرار التغلب ضد المحكمة العليا، ستحدث قطيعة بين إسرائيل والحركات الإصلاحية والمحافِظة والتيارات المركزية في وسط يهود الشتات.
- المفارقة العميقة هي أن كل هذا يحدث مع فوز أحد رؤساء الحكومات الأكثر علمانية في إسرائيل. منذ وقت طويل انقطع نتنياهو عن اليهود في الشتات، الذين حوّلوه إلى نجم ساطع عندما كان سفيراً في نيويورك، وبأموالهم موّل معاركه الانتخابية الأولى لرئاسة الليكود والحكومة. نتنياهو اليوم تربطه علاقة فقط مع عدد محدود من أصحاب المليارات من اليهود اليمينيين، ومع مؤيديه من المسيحيين الإنجيليين. لكن حتى لو يكن لديه علاقات وثيقة مع اليهودية الأميركية الليبرالية، هو يعرف جيداً التأثير السلبي لتأليف حكومة عنصرية أصولية في صورة إسرائيل الدولية.
- إذا تحققت نتائج العينات سيسارع نتنياهو إلى إلقاء خطاب النصر ويتعهد بقيام "حكومة يمينية مستقرة" مع "شركاء الليكود الطبيعيين". لكن في صباح اليوم التالي للخطاب، هؤلاء الشركاء الطبيعيون سيتحولون إلى وجع رأس كبير له. قائمة مطالبهم بالحقائب والتشريعات ستطول وستزداد ثقلاً، ليس فقط في اللحظة التي سيطلب منهم دعم تأليف حكومة بل أيضاً دعم سَنّ قانون يحصنه من المحاكمة.
- لكن وجع رأس نتنياهو ليس مدعاة ارتياح في الوسط الليبرالي الإسرائيلي. النتائج المخيبة للأمل لحزب يوجد مستقبل وإسرائيل بيتنا، أثبتت أن محاولات قيام بديل من التحالف بين الليكود والحريديم فشلت. تأجيج غضب العلمانيين إزاء الحريديم، المحق بحد ذاته، لا يجذب ناخبين كثراً في الواقع الإسرائيلي. الكراهية والغضب ربما هما برنامج حملة انتخابية ناجحة بالنسبة إلى الطرف اليميني الأصولي في الخريطة السياسية، لكن أغلبية الإسرائيليين لا يزالون يبحثون عن بشرى أكثر إيجابية.
لقد أثبتت هذه الانتخابات أن "فقط لا بيبي" هو شعار ضيق جداً لقيام بديل من السلطة، وأن كراهية الحريديم ليست أيديولوجيا. المهمة العليا لإسرائيل مختلفة هي إسرائيل المنفتحة، إسرائيل التي يجب أن ترى في الإسرائيليين غير اليهود مواطنين متساوين تماماً، وعليها صوغ رؤيا إسرائيلية ويهودية جديدة للقرن الواحد والعشرين. في غياب هذه الرؤيا سيواصل الأصوليون اليهود المضي قدماً.