كأنه لا يوجد كورونا: الاعتبار الوحيد في الانتخابات كان مع بيبي أو ضده
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • تدل نتائج العينات الانتخابية التلفزيونية على أن الحدث المركزي في السنة الماضية - وباء الكورونا - لم يؤثر قط في الناخبين في إسرائيل. ماذا حدث لنا منذ الانتخابات السابقة؟ إغلاقات وعزل؛ أكثر من 6000 وفاة؛ كمامات للأوجه؛ تعقُّب جهاز الشاباك؛ عجز وبطالة هائلان؛ تظاهرات في أيام السبت؛ مطار مغلق، كل هذا بالإضافة إلى أزمة سياسية ازدادت تفاقماً. مع كل ذلك ظل الاقتراع في الصناديق مع بيبي أو ضده، مع تغييرات في التركيبة الداخلية للكتل السياسية.
  • لم يحاسب الناخبون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على الإدارة الجنونية الفاشلة التي أظهرها طوال أزمة الكورونا، وأيضاً لم يكافئوه بدعم حماسي بسبب حرصه على التلقيح ورفع الإغلاق. التغييرات في الخريطة السياسية تأثرت فقط بالعلاقات بين رؤساء الأحزاب مع نتنياهو. هذا كان سبب الانشقاقات في الليكود، وفي حزب العمل، وفي اليمين الديني، والقائمة المشتركة، وحزب أزرق أبيض. لم تلعب الكورونا أي دور تقريباً في صعود أو هبوط السياسيين في هذه الانتخابات.
  • ماذا حدث هنا؟ كما كان يحدث دائماً، هذه المرة أيضاً حركت قوة الولاء العشائري والانتماء الاقتصادي - الاجتماعي الناخبين إلى صناديق الاقتراع، والذي تُرجم باقتراع "فقط بيبي" في مقابل "فقط لا بيبي"، مع نفتالي بينت كبيضة القبان الذي يميل أيديولوجياً إلى نتنياهو، وشخصياً إلى البديل منه. الحملات الانتخابية في معظم الأحزاب شعرت بهذا المناخ لدى الجمهور، وفي مرحلة مبكرة نسبياً وضعت الكورونا جانباً وركزت على ترهيب الناس وتخويفهم مما سيحدث لمعسكرهم إذا انتصر الطرف الآخر. هذه الرسالة كانت من مفاجآت العينات الانتخابية، ميرتس وأزرق أبيض اللذان توجّها إلى تخويف ناخبيهما. أيضاً بينت الذي بنى عودته إلى الساحة السياسية على مديح لذاته كمدير مؤهل يعرف كيفية مواجهة الوباء، عاد قبيل الانتخابات إلى أوراق الرسائل القديمة.
  • حاول نتنياهو الاستفادة من فتح الاقتصاد وانخفاض أعداد المرضى مع حملة "العودة إلى الحياة". تلقيح أغلبية السكان وعودة الدراسة والتجارة، بالإضافة إلى المناخ الربيعي، كلها أمور ربما أنقذت الليكود من الهزيمة. لكن نتنياهو لم يحظَ بالنصر الذي كان يتمناه، وإذا نجح في تشكيل ائتلاف فإنه سيكون مرتبطاً بخصمه بينت القادر على إسقاطه في أي لحظة.
  • في المقابل، لم ينجح خصوم نتنياهو أيضاً في استغلال تقصيره في سنة الكورونا لإطاحته من الحكم. خُيِّل للحظة أن التمرد الذي أعلنه المجتمع الحريدي على فرض الإغلاق بغطاء من رئيس الحكومة، الذي يعتمد على تأييد الحريديم، سيُبعد عن نتنياهو ناخبين استاؤوا من التمييز الواضح، وسيفضلون التصويت إلى جانب "يمين رسمي" على التصويت لليكود موالٍ للحريديم. هذا كان أمل جدعون ساعر وأفيغدور ليبرمان، لكن هذا الأمل خاب لأن فتح الاقتصاد أزال المشكلة من جدول الأعمال، ولأن ناخبي الليكود يعرفون أن حزبهم شريك وفيّ لحزب "شاس" ويهدوت هتوراه، وأن ناخبي هذين الحزبين لا يخدمون في الجيش، ولا يتعلمون التعليم الأساسي، وقليلاً ما يعملون.

هكذا جرى تحييد الكورونا في اعتبارات اقتراع الناخبات والناخبين في إسرائيل، الذين جاؤوا إلى صناديق الاقتراع ليعبّروا عن ولائهم العشائري. وإذا كان للكورونا تأثير غير مباشر، فقد تجلى من خلال انضمام المجتمع العربي غير المسبوق إلى التيار الإسرائيلي السائد، على خلفية الوباء الذي أصاب الجميع، وبروز الطواقم الطبية العربية في المستشفيات، وتراجُع النزاع العنيف مع الفلسطينيين. لقد فهم نتنياهو ذلك وخاض حملة انتخابية في البلدات العربية وتطرّق، على الأقل من خلال الشعارات، إلى مشكلات تهم السكان. هكذا نجح في تفكيك "المشتركة" - الطرف القوي الذي عارضه - واستفاد من تدني نسبة الاقتراع لدى العرب مقارنة بالمعركتين الانتخابيتين السابقتين. زيارات "أبو يائير" إلى الناصرة وأم الفحم وخيام البدو كانت من أكثر الخطوات مفاجأة وجدّة في انتخابات الكنيست الـ24. ومن المحتمل أنها هي التي رجحت الكفة لمصلحة بقائه في السلطة.