هذا هو وقت الناخب الفلسطيني
تاريخ المقال
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية
تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.
- المرة الأخيرة التي جرت فيها انتخابات رئاسية فلسطينية كانت في سنة 2005، يومها انتُخب محمود عباس في منصبه. بعد مرور عام جرت انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني وفازت فيها "حماس" بأغلبية كبيرة. وكان من المفترض إجراء انتخابات للمؤسستين في سنة 2010، لكن بسبب اعتبارات سياسية لحركة "فتح" تأجلت حتى صدور المرسوم الرئاسي الأخير.
- الانتخابات التي أُعلنت تشكل جزءاً من اتفاق أشمل بين "حماس" و"فتح" جرى التوصل إليه في 24 أيلول/سبتمبر 2020 بهدف إتاحة المجال لمصالحة وطنية بين الضفة الغربية وبين قطاع غزة، وربما أيضاً سيطرة "حماس" على منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى سائر مؤسسات السلطة. من دون تنسيق بين الحركتين لن يكون ممكناً إجراء الانتخابات في موعدها أو إجراؤها عموماً.
- فوز "حماس" في المعركة الانتخابية المقبلة سيمنح الخط المؤيد لسياسة أكثر تشدداً إزاء إسرائيل، بما في ذلك استمرار "الكفاح المسلح"، هيمنة أوسع في محادثات السلطة الفلسطينية مع الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. "حماس" تخوفت من محاولة إسرائيلية لعرقلة العملية الانتخابية وبدأت باتصالات سياسية مع أطراف دولية متعددة من أجل ضمان الدعم الدولي للخطوة، وهذه الخطوات ستزداد مع اقتراب موعد الانتخابات.
- في 22 كانون الثاني/يناير جرى لقاء بين إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" وبين الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، أعلنت الحركة في نهايته أن "حماس": "ترى في الانتخابات المقبلة مقدمة لبناء الوطن الفلسطيني ونهاية الانقسام من خلال بناء مخطط مشترك للدفاع عن المشروع الوطني الذي يواجه تحديات كثيرة، ولإعادة ربط الشعب الفلسطيني خارج [فلسطين] بمؤسسات الحكم." يهم "حماس" اندماج أنصارها بصورة أكبر في مؤسسات الحكم في السلطة الفلسطينية وفي منظمة التحرير الفلسطينية على نحو القوة الصاعدة للحركة.
- تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخراً داخل المجتمع الفلسطيني أن 62% من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن حل الدولتين غير قابل للتحقيق، و87% يعتقدون أن إسرائيل لم تتخل عن مشروع ضم نحو 30% من الأراضي كما اقترحت خطة ترامب. في ضوء ذلك ليس من المفاجىء أن يؤيد 48% من الذين شملهم الاستطلاع تجدد الانتفاضة، وأن أكثر من الثلثين يعتقدون أن على عباس الاستقالة من منصبه في ضوء استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل. وأكثر من 70% أيدوا إجراء انتخابات للمجلس التشريعي وللرئاسة في السلطة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن.
- "حماس" لم تقدم حتى الآن مرشحها للانتخابات الرئاسية، لكن من المعقول الافتراض أنه سيكون إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة ورئيس حكومة "حماس" خلال السنوات 2007-2014. يتضح من تحليل مجمل استطلاعات الرأي الفلسطينية في السنة الماضية أنه في أي منافسة بين هنية وعباس سيفوز الأول بفارق يقدر بنحو 8% على الأقل. الشخصية الوحيدة من "فتح" التي يمكنها أن تتغلب على ممثل "حماس" في انتخابات ديمقراطية للرئاسة هو مروان البرغوثي الرئيس السابق لتنظيم "فتح"، والمحكوم عليه بالسجن عدة مؤبدات في السجن الإسرائيلي. حتى في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني يبدو أنه على الرغم من تقدم بسيط لـ"فتح" على "حماس" (37.6% مقابل 33.6%)، فإن أنصار الكفاح المسلح، وعلى رأسهم "حماس"، سيحظون بأغلبية المقاعد.
- أيضاً مسألة تصويت العرب في القدس الشرقية، والتي تشكل موضوعاً إشكالياً وموضع خلاف بين إسرائيل وبين السلطة الفلسطينية، لن تشكل ذريعة لإلغاء الانتخابات الفلسطينية. بحسب حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات لسنة 2021، الفلسطينيون مستعدون في زمن الكورونا للتصويت عبر البريد، ويمكن ترتيب وضع يسمح لعرب القدس الشرقية الذين يحملون إقامات إسرائيلية بالاقتراع في صناديق موجودة في ضواحي المدينة، أي في الرام وكفر عقب وغيرها.
- في الوضع الحالي، مع وجود حكم ديمقراطي مؤيد في البيت الأبيض؛ وضغوط سياسية على عباس للاستقالة من منصبه؛ وعدم ثقة بمؤسسات سياسية تبعد العديد من الشباب الفلسطيني عن الساحة السياسية؛ وأزمات صحية واقتصادية بسبب الكورونا؛ وعدم ثقة بالزعامة الفلسطينية، من بين أمور أُخرى بسبب التنسيق الأمني مع إسرائيل، تبدو الانتخابات كمخرج شرعي من الأزمة الحالية يسمح باستعادة الشرعية المفقودة للحكم الفلسطيني ويمنحه قدرة أكبر على المناورة، وربما أيضاً تقديم جبهة موحدة في مواجهة إسرائيل. نقطة الانطلاق هي أيضاً اندماج "حماس" في مؤسسات السلطة الفلسطينية نتيجة انتخابات ديمقراطية تجبر إسرائيل على الاعتراف وقبول نتائج الانتخابات وإيجاد طريقة للمواجهة مع القيادة التي ستُنتخَب في ضوء الضغط الدولي الذي على ما يبدو سيمارَس من طرف إدارة بايدن والمجتمع الأوروبي.