ترامب أو بايدن، رسالة إسرائيل إلى إيران بقيت على حالها: نهاجم عند الحاجة
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- بحسب ما ذكر تقرير هنا في مطلع الأسبوع، يبدو أن إسرائيل تستغل الفترة الانتقالية بين الإدارتين الأميركيتين لزيادة الضغط على إيران في سورية. في فجر الأول من الأمس وقع هجوم جوي نُسب إلى إسرائيل هو الرابع خلال أقل من 3 أسابيع، هذه المرة في شرق سورية. وقع الهجوم في منطقة دير الزور بالقرب من المعبر الحدودي البوكمال. في القصف الأخير هوجم أكثر من 10 أهداف شملت قيادات ومخازن لوسائل قتالية إيرانية. الهجوم في دير الزور وقع في منطقة سكنية مكتظة نسبياً.
- بدت العملية كمحاولة إسرائيلية جديدة لعرقلة الجهد الإيراني لنقل سلاح وعناصر ميليشيات شيعية عبر العراق إلى شرق سورية. في الوقت عينه بعثت برسالة إقليمية مفادها - إسرائيل ستواصل هجماتها وفقاً لحاجاتها العملانية عندما تنشأ، من دون علاقة بتبدُّل السلطة ونيات إدارة بايدن استئناف المفاوضات مع إيران على الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه إدارة ترامب في أيار/مايو 2018.
- يدّعي مؤيدو الهجمات أن الإيرانيين هم اليوم في موقع ضعف نسبي في سورية والعراق، وأن ما يجري يسمح بضربهم في نقاط ضعفهم. هم يميزون بين ما يجري على هذه الساحة وبين التوتر في الخليج الفارسي، حيث يتابع الإيرانيون بقلق التحركات الأميركية، وما زالوا يتخوفون إلى حد ما من أن يأمر الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بتوجيه ضربة وداعية قبل انتهاء ولايته. على هذه الخلفية يوجد في المؤسسة الأمنية مَن يتخوف من أن النشاط الإسرائيلي المفرط يمكن أن يسرّع حدوث خطأ في الحسابات يؤدي إلى انفجار. في الخلفية لا يزال هناك حساب إيراني مفتوح مع الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن اغتيال كبار مسؤوليها في العام الماضي.
- في الأسابيع الأخيرة سمع مسؤولون إسرائيليون كبار من نظرائهم في البنتاغون كلاماً مهدئاً: ترامب لن يشعل الشرق الأوسط قبل رحيله - وإذا حاول سيكون هناك مَن يكبحه. وكان من المثير للاهتمام التصريح غير المسبوق لرئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي في منتصف الأسبوع. فقد دان ميلي اقتحام أنصار ترامب لهضبة الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير، وأكد أن بايدن سيصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة في 20 كانون الثاني/يناير، ودعا قادته إلى "البقاء مستعدين ومواصلة النظر إلى الأفق والبقاء مركّزين على مهماتهم."
- يمكن قراءة هذه الرسالة بمثابة وضع خط أحمر أمام الأجيال المقبلة - الجيش يتبرأ من أي محاولة مس بالديمقراطية الأميركية. ويمكن أن نرى في ذلك تلميحاً أكثر مباشرة: جيش الولايات المتحدة لن ينجر إلى عمليات غير مسؤولة وراء رئيس ثمة شك في استقراره النفسي.
- في هذه الأثناء ينهي بايدن التعيينات في قياداته الأمنية والسياسية، ومن القضايا الأولى التي سيتطرق إليها المشروع النووي الإيراني. الدبلوماسي المخضرم وليام بيرنز الذي أُعلن هذا الأسبوع تعيينه رئيساً للسي آي إي، معروف جيداً لدى القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل. بيرنز عمل مساعداً لوزير الخارجية في فترة بلورة الاتفاق النووي، وكتب كتاباً عن فترة عمله كدبلوماسي، عنوانه "القناة الخلفية"، والذي خصص جزءاً منه للمفاوضات مع إيران.
- الكتاب يعطي انطباعاً بأن بيرنز ليس معجباً كثيراً برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. هو يتهم نتنياهو بأنه حاول التحايل والمناورة على الرئيس الأميركي باراك أوباما في المسألة الإيرانية. عندما فتح الأميركيون قناة سرية مع الإيرانيين بوساطة من عُمان في صيف 2012، عرف نتنياهو بالعملية عبر وسائل استخباراتية واعتبر ذلك خيانة. يكتب بيرنز أن نتنياهو ادعى أن المزج بين عقوبات ودبلوماسية لا يكفي لكبح طموحات طهران النووية.
- بحسب بيرنز، اكتشف أوباما محاولات نتنياهو الخرقاء للضغط عليه والتلاعب به كي تقصف الولايات المتحدة منشأة نووية تحت الأرض في إيران هي منشأة فوردو- بيْد أن الضغط أدى إلى هدف معاكس تماماً. بيرنز كرر هذه الأقوال في حديث له مع صديق إسرائيلي قبل بضع سنوات خلال فترة ولاية ترامب. قال بيرنز إن نتنياهو يريد أن تقوم الولايات المتحدة بالعمل بدلاً من إسرائيل - مهاجمة المنشآت النووية. لكن أخيراً في كل الأحوال ستضطر إلى العودة إلى المفاوضات على الاتفاق.
- تعيين بيرنز، مثل سلسلة التعيينات الأًخرى من خريجي إدارة أوباما في مناصب تحت إدارة بايدن لا يترك مجالاً للشك. لن يحظى نتنياهو بحرية عمل ومناورة كاملين في واشنطن كما كان سُمح له في السنوات الأربع من ولاية ترامب.