التطبيع الأساسي هنا هو الاحتلال
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

المؤلف
  • في الفترة الأخيرة ارتفع عدد الفلسطينيين من سكان المناطق المحتلة الذين خسروا حياتهم أو جُرحوا بنيران القوات الإسرائيلية. فقط في نهاية الأسبوع الماضي مات متأثراً بجراحه عبد الناصر حلاوة (56 عاماً) من سكان نابلس، الذي يعاني من ضعف في السمع والكلام، بعد تعرّضه لإطلاق نار في آب/أغسطس على حاجز قلندية من حراس إسرائيليين. قبل أسبوع من الحادثة قُتل بنيران قوات الأمن علي أبو عليا ابن الثالثة عشرة من العمر من قرية المغير، الذي أُصيب بطلقة معدنية مغطاة بالمطاط خلال تظاهرة ضد بؤرة استيطانية. في أيار/مايو قُتل إياد الحلاق (32عاماً) الذي يعاني من مرض التوحد عندما كان في طريقه من البيت إلى المدرسة المخصصة لذوي الحاجات الخاصة.
  • هذه الحوادث الثلاث، مثلها مثل حوادث مشابهة كثيرة أُخرى، استُقبلت في إسرائيل بلامبالاة نسبية. من بين القلائل الذي قرروا متابعة ما حدث، الأغلبية أعطت وزناً كبيراً للإعاقة التي يعانيها حلاق من بين الضحايا، أو إلى عمره الشاب، لكن في معظم المناطق التي شهدت الحديث الإسرائيلي السائد، ظل الناس غير مبالين.
  • إلى هذه اللامبالاة الكاسحة أضيف بعدٌ جديد عبثي هو تضخيم "اتفاقات السلام" مع الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب وبوتان. هذا التعبير "سلام" الذي يضخه بنيامين نتنياهو ورجاله، هو كذبة تنطوي على أثمان باهظة للدولة. لكن مع رجل كذب كثيراً في السنوات الأخيرة لا يمكن أن نتوقع منه فجأة أن يقول الحقيقة عندما يتعلق ذلك بالدبلوماسية الخارجية لإسرائيل.
  • الحقيقة هي أننا لم نكن مع أي من هذه الدول في حالة نزاع حقيقي - بالتأكيد ليس بصورة مباشرة. وبشكل أو بآخر أقامت إسرائيل مع كل واحدة منها علاقات من أنواع مختلفة قبل ذلك أيضاً.
  • تطبيع العلاقات مع دول عربية وإسلامية له نواح إيجابية. ولا شك في أن لهذه الخطوات أهمية اقتصادية، وثقافية، ودبلوماسية بالنسبة إلى إسرائيل، ويمكن أن نستفيد منها بصورة لا بأس بها. لكن احتفالات التوقيع والرحلات إلى دبي هي في الأساس لتحويل الانتباه- هي لتحويل الرأي العام في إسرائيل عن الحقيقة في المناطق.
  • ومهما كان التطبيع مع الدول العربية المختلفة إيجابياً، فهو مرتبط أيضاً بتطبيع الاحتلال، والضم الزاحف وآليات السيطرة الصارمة والعنيفة التي تفرض إسرائيل بواسطتها سيطرتها على الفلسطينيين في المناطق المحتلة، والتي أفقدت عبد الناصر حلاوة، وعلي أبو عليا، وإياد الحلاق، وآخرون، حياتهم.
  • في النهاية، إذا قررت دول إسلامية مهمة تفكيك الترتيب الدبلوماسي الذي يقول إن إقامة العلاقات مع إسرائيل يمكن أن تحدث فقط بعد إنهاء الاحتلال، وقررت التخلي عملياً عن الفلسطينيين، ماذا يُفترض أن يقول مواطنو إسرائيل الذين علمّوهم طوال حياتهم أن الفلسطينيين أعداء لهم؟
  • دورنا كمواطنين ألّا تغرينا ألاعيب شخص يرزح تحت ثلاث لوائح اتهام خطرة، وأن نصدق أننا "أنصار سلام"، فقط لأنه يقول لنا ذلك. ليست هذه المحاولة الأولى له  لتضليل الجمهور. ويجب أن نسأل أنفسنا أولاً – ما هو السلام؟
  • هل السلام هو إمكان التسوق في محلات غوتشي في دبي، أم ربما السلام هو التعهد، والمعرفة بأنه لن يخسر الأبرياء حياتهم بسبب سعي إسرائيل للسيطرة هنا وإلى الأبد بأي ثمن؟ ربما السلام هو السعي الدؤوب لإنهاء المواجهات مع الشعب الوحيد الذي لدينا فعلاً نزاعات معه، والذي احتللناه بعنف منذ أكثر من 53 عاماً؟
  • ما دام الحكم في إسرائيل ومَن يقف على رأسه لا يتقيدان بقواعد الديمقراطية والمساواة، والخير والعقل، فإن على كل مواطنات ومواطني إسرائيل محاربة اللامبالاة ورفع الصوت عالياً والمطالبة بأنه إذا كنا نستخدم مصطلح "سلام" بهذه الصورة الشائعة فإنه يتعين علينا على الأقل التوقف عن القتل بالرصاص الحي أبرياء لم يشكلوا قط خطراً أمنياً.