تحدي التطبيع والقيادة الفلسطينية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

  • منذ بداية العملية السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عمل الفلسطينيون على إقامة جبهة عربية واسعة تؤيد موقفهم، وطلبوا من العالم العربي عدم تطبيع علاقاته مع إسرائيل ما دام لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين الطرفين يضمن إقامة دولة فلسطينية. دخول بعض الدول العربية إلى عملية تطبيع متسارعة مع إسرائيل أدى إلى انهيار مفهوم السلطة الفلسطينية للمفاوضات. جولة المصالحة الحالية بين "حماس" و"فتح" يمكن فهمها على خلفية التغييرات الإقليمية التي حدثت في أعقاب الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين.
  • منذ أكثر من عشر سنوات، يجري حوار بين الحركتين، من دون نجاح فعلي، من أجل رأب الصدع في المنظومة الفلسطينية، وتوجد بين "فتح" و"حماس" أزمة ثقة. لكن محاولات المصالحة في هذا الوقت لها سِمات مختلفة عن المحاولات الماضية. هذه المرة تجري الاتصالات بين "فتح" و"حماس" بينما الحركة الوطنية الفلسطينية في أدنى مستوياتها، وبينما يدير العالم العربي ظهره لها، ومطلوب منها أن تعيد التفكير في مسألة توجُّهها.
  • هذه الأزمة السياسية تجري في وقت زعامتا "فتح" و"حماس" هما في مرحلة انتقالية. في "فتح" بدأت صراعات قوى داخلية بشأن مسألة مَنْ سيحل محل محمود عباس، وفي "حماس" هناك عملية انتخابات داخلية من المفروض أن تحسم مَنْ سيكون زعيم الحركة في السنوات الأربع المقبلة. إجراء محادثات مصالحة بين الطرفين من خلال ممثليهما في تركيا يدل على عمق الأزمة التي تعانيها السلطة الفلسطينية، التي تشعر بأن أصدقاءها التقليديين في الشرق الأوسط تخلوا عنها.
  • وفاة أمير الكويت صباح الأحمد الصُباح في أيلول/سبتمبر، الذي كان زعيماً للكويت منذ سنة 2006، والمؤتمَن على العلاقات الخارجية في دول الخليج طوال 50 عاماً، جسد بصورة رمزية الشعور بالعزلة التي يشعر بها الفلسطينيون من ناحية دول الخليج. الصُباح هو الذي قاد عملية إصلاح العلاقات بين الكويت ومنظمة التحرير بعد الأزمة الكبيرة التي خلفتها حرب الخليج الأولى، والتي وقف فيها ياسر عرفات إلى جانب صدام حسين.
  • الجيل الشاب الذي يتسلم مقاليد القيادة في دول الخليج لا يشعر بالالتزام الذي شعر به جيل آبائه فيما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية. الجيل الشاب اختار التخلي عن "اللاءات الثلاث" لمؤتمر الخرطوم في سنة 1967 (لا مفاوضات مع إسرائيل، لا اعتراف بها، ولا صلح معها) لمصلحة إقامة سلام مدني واقتصادي مع دولة إسرائيل.
  • لكن على الرغم من التقرب من إسرائيل، لم تتخل دول الخليح عن المشكلة الفلسطينية، والإمارات فرضت إلغاء خطة الضم كشرط لتوقيع الاتفاق. السعودية التي طرحت مبادرة السلام العربية في سنة 2002 على أساس حل الدولتين، تقترب بخطوات مدروسة نحو إسرائيل، لكنها لا تزال تشترط التطبيع الكامل باتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين.
  • لولا خطوات التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج لما رأينا محاولات المصالحة بين "فتح" و"حماس" مرة أُخرى. بعد التطورات في المنطقة، تشعر الحركتان بأن من واجبهما أن تُظهرا للفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة أنهما تحاولان إيجاد رد سياسي ودبلوماسي على المشكلات الخارجية والداخلية الكثيرة.
  • التقارب بين "فتح" و"حماس"، الذي يجري برعاية محور تركيا - قطر- إيران، ليس طبيعياً بالنسبة إلى قيادة السلطة الفلسطينية. محمود عباس يتطلع إلى 3 تشرين الثاني/نوفمبر ويأمل بأن يسمح له تغيّر السلطة في الولايات المتحدة بالتحرر من الحوار مع "حماس"، كما يأمل بأن يحرك عملية سياسية مع إسرائيل، برعاية إدارة أميركية جديدة، على أساس خطة سلام جديدة.
  • هذه هي لحظة الحقيقة لزعامات الجيل القديم في منظمة التحرير الفلسطينية. يجب عليهم أن يقرروا العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل والعمل على تحقيق رؤيا الدولتين، أو الاستمرار في الستاتيكو الحالي. انتخابات في ظل ستاتيكو يمكن أن تنتهي بتآكل ما تبقى من شرعية للسلطة الفلسطينية، وصعود "حماس" كعنصر مهيمِن في الحركة الوطنية الفلسطينية على حساب" فتح". وهذه ليست مصلحة إسرائيلية. حسناً تفعل حكومة إسرائيل إذا خلقت أفقاً سياسياً وعبّرت عن تأييدها لحل الدولتين. فهي بذلك تساعد على تقوية المعتدلين في الساحة الفلسطينية، لا المتطرفين.
 

المزيد ضمن العدد 3417