عشرون عاماً على نشوب الانتفاضة الثانية: تحليل التغييرات التي طرأت على المنظومة الفلسطينية وتداعياتها على إسرائيل
المصدر
معهد السياسات والاستراتيجيا – جامعة ريخمان، المنظّم لمؤتمر هرتسليا السنوي

من معاهد الدراسات الاستراتيجية المعروفة، ولا سيما المؤتمر السنوي الذي يعقده ويشارك فيه عدد من الساسة والباحثين المرموقين من إسرائيل والعالم. يُصدر المعهد عدداً من الأوراق والدراسات، بالإضافة إلى المداخلات في مؤتمر هرتسليا، التي تتضمن توصيات وخلاصات. ويمكن الاطّلاع على منشورات المعهد على موقعه الإلكتروني باللغتين العبرية والإنكليزية.

  • في مثل هذا اليوم تحل ذكرى مرور 20 عاماً على نشوب الانتفاضة الثانية، أو كما كان يسميها الفلسطينيون "انتفاضة الأقصى". ما جرى هو أحد المنعطفات المهمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، بالتحديد في العقود الثلاثة الماضية. بعد مرور 7 سنوات على توقيع اتفاق أوسلو - الذي اعتُبر في نظر كثيرين في إسرائيل وفي العالم قراراً نهائياً تاريخياً للفلسطينيين بالتوجه إلى المسار السياسي وتنمية الدولة المقبلة، تراجعوا إلى الوراء، إلى خنادق القتال. الصراع الذي نشب كان واحداً من الصراعات الأكثر ضراوة في تاريخ النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وجسّد استمرار التخبط التاريخي وغير المحسوم للفلسطينيين بين تشكيلة واسعة وكثيرة التناقضات من الأهداف الوطنية.
  • نشوب الصراع في أيلول/سبتمبر 2000 كان بداية فترة كثيرة الاضطرابات في المنظومة الفلسطينية، تغيرت في نهايتها صورتها الذاتية وموازين القوى في داخلها، وشبكة العلاقات بينها وبين القوى الخارجية وعلى رأسها إسرائيل. بعد مرور 20 عاماً يمكننا تلخيص التغيرات التي أحدثتها الانتفاضة الثانية، وتحليل السيناريوهات التي يمكن أن تتطور في المنظومة الفلسطينية، وما ستكون تداعياتها على إسرائيل.

تحليل التغييرات

  • الانتفاضة الثانية هي حدث تاريخي له تاريخ بداية متفق عليه (في 28 أيلول/سبتمبر زار أريئيل شارون الحرم القدسي، في اليوم التالي نشبت مواجهات مسلحة واسعة النطاق في جميع أرجاء "المناطق")، لكن ليس لها تاريخ انتهاء محدد. يوجد بين الفلسطينيين مَن يدّعي أن الانتفاضة الثانية وصلت إلى نهايتها مع موت ياسر عرفات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004 وصعود أبو مازن الذي تبنى رؤيا استراتيجية مختلفة تماماً؛ وهناك مَن يقول إن الانتخابات العامة في السلطة الفلسطينية في سنة 2006 التي فازت فيها "حماس"، وسيطرة الحركة بالقوة على قطاع غزة في حزيران/يونيو 2007 هما اللذان أنهيا الانتفاضة الثانية؛ وهناك مَن يزعم أن المواجهة لم تتوقف أبداً، بل تحولت من هجمات بإطلاق النار وهجمات انتحارية إلى معارك عسكرية وجولات تصعيد في قطاع غزة، وهجمات أفراد في الضفة الغربية.
  • التطورات في الانتفاضة الثانية أثبتت - مثل حالات كثيرة أُخرى في التاريخ الفلسطيني - أن دينامية التصعيد أقوى بكثير من الخطط، وهي توصل الفلسطينيين تقريباً على الدوام إلى واقع مختلف وأسوأ من الذي خططوا له. "التفجير" الأول الذي بادر إليه عرفات قدماً بصورة استباقية ومقصودة في نهاية أيلول/سبتمبر 2000، على ما يبدو من أجل العودة إلى المفاوضات من موقع قوة، ترافق مع مواجهات شعبية واسعة النطاق، لكنها تحولت بسرعة إلى صراع مسلح، قادته التنظيمات المسلحة وعلى رأسها "فتح" - الحزب الحاكم في السلطة الفلسطينية التي كانت في طليعة الداعمين للعملية السياسية. بالإضافة إلى ذلك، الانتفاضة التي بدأت كمواجهة وطنية شاملة ضد إسرائيل تحولت إلى صراع فلسطيني داخلي شرس، غيّر بصورة دراماتيكية صورة المنظومة الفلسطينية.
  • مقارنة المنظومة الفلسطينية في سنة 2000 بما هي عليه اليوم تكشف التغييرات العميقة التي طرأت عليها. في هذا الإطار يمكن الإشارة إلى عدد من الفوارق الجوهرية بين الماضي والحاضر:
  • من ساحة إلى ساحات: بدأت الانتفاضة الثانية بينما كان يسيطر على المنظومة الفلسطينية عنصر قوة واحد (السلطة الفلسطينية) وزعيم واحد (عرفات). بعد مرور عشرين عاماً، تسيطر على المنظومة الفلسطينية حكومتان مستقلتان - في الضفة الغربية وفي قطاع غزة - لم تنجحا (أو لمزيد من الدقة - ليستا معنيتين) بالدفع قدماً بالمصالحة بينهما. في نظر الكثيرين من الفلسطينيين الانقسام الذي يزداد ترسخاً مع مرور الزمن هو أحد الثمار المُرة الواضحة للانتفاضة الثانية. ما بدأ كصراع ضد إسرائيل أدى إلى زعزعة مركز الحكم الفلسطيني، وعزز قوة "حماس" التي اعتبرت نفسها دائماً بديلاً من قيادة منظمة التحرير في المنظومة الفلسطينية، بعد سنوات طويلة كان فيها المعسكر الإسلامي على هامش المنظومة الفلسطينية، وعمل من موقع المعارضة، أو كحركة سرية ملاحَقة، قلب الواقع رأساً على عقب في قطاع غزة.
  • الابتعاد عن تحقيق الأهداف الوطنية: في صيف 2000، وقبل تعثر المفاوضات، ساد شعور وسط كثيرين في المنظومة الفلسطينية (وأيضاً الإسرائيلية والدولية) بأن الطرفين على وشك التوصل إلى تسوية تاريخية. وبحسب هذه النظرة، يمكن أن يؤدي الأمر إلى تحقيق أهداف وطنية فلسطينية استراتيجية، وعلى رأسها قيام دولة مستقلة. بعد 20 عاماً يبرز لدى الجمهور الفلسطيني شعور بالابتعاد المستمر عن إمكان تحقيق الأهداف الجماعية، وعلى رأسها الدولة المستقلة التي تستند إلى رؤيا دولتين لشعبين. هذا في الأساس بسبب الجمود المستمر في المفاوضات السياسية، بالإضافة إلى التغيير المستمر في الواقع الجغرافي والديموغرافي في الضفة الغربية. تلاشي الإيمان بالعملية السياسية كأداة مركزية لتحقيق الأهداف الوطنية لا يعني بالضرورة زيادة التأييد لفكرة "المقاومة" التي تمثلها قيادة "حماس". نموذج الحكم الذي تمثله الحركة في قطاع غزة ليس مغرياً بالنسبة إلى أغلبية الفلسطينيين: رافقت الـ13 عاماً الأخيرة ثلاث معارك فتاكة ومدمرة، وضائقة مدنية مستمرة للجمهور الغزاوي. في حالة اليأس بين البديل من العملية السياسية وبين المقاومة، تطورت فكرة متواضعة أكثر واقعية هي تحسين نسيج الحياة كما يعبّر عنه شعار" بدنا نعيش". يجسد هذا الأمر، من بين أمور أُخرى، التعب الجماعي للفلسطينيين من سنوات من الشعارات، والنضال والأيديولوجيا النضالية، لم تؤد إلى إنجاز مهم. هذا الشعور بالإضافة إلى ذكرى الصدمة التي لا تزال محفورة في الوعي الجماعي الفلسطيني في ضوء نتائج الانتفاضة الثانية، لجما حتى اليوم (ومستمران في لجم) تحقُّق سيناريو انتفاضة ثالثة.

ج- زعزعة الثقة الجماعية بين إسرائيل والفلسطينيين: المراحل الأولى والقاسية للانتفاضة الثانية، وخصوصاً العمليات في قلب التجمعات السكنية الإسرائيلية، التي ألحقت أذى كبيراً في الوعي العام الإسرائيلي بشأن كل ما يمس الصلة بالفلسطينيين وفرص التوصل إلى تسوية سياسية معهم. هذا التوجه ترسخ بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة، ونشوب معارك عسكرية قاسية في العقد ونصف العقد الأخيرين، والتي انطوت على تهديد قلب إسرائيل (في الأساس بواسطة إطلاق الصواريخ)، وكل ذلك بعد انسحاب إسرائيل من المنطقة في سنة 2005.  يبرز التغيير في الرأي العام الإسرائيلي  بصورة واضحة في المعارك الانتخابية في العقدين الأخيرين التي فاز بها فقط زعماء من كتلة اليمين - الوسط. عدم الثقة واضح أيضاً في الجانب الفلسطيني، وخصوصاً الذين يعيشون في الضفة الغربية، والذين في تقديرهم أن إسرائيل لا تنوي الدفع قدماً بالعملية السياسية، بل تسعى لتغيير مستمر للواقع في المنطقة من أجل أن تتمكن من السيطرة عليها في نهاية الأمر (كل ذلك من دون إعلان رسمي للضم، الذي لم يعد مطروحاً على ما يبدو على جدول الأعمال في أعقاب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، والذي يبدو في نظر الفلسطينيين تهديداً لا يزال موجوداً).

د- خسارة الدعم الخارجي: نشبت الانتفاضة الثانية في حيز إقليمي مختلف تماماً عن اليوم. على الأقل في المراحل الأولى من المواجهات حظي الفلسطينيون بدعم واسع من المجتمع الدولي ومن الحيز العربي. تجلى ذلك من خلال قطع علاقات دول الخليج مع إسرائيل، واستدعاء سفيريْ مصر والأردن إلى بلديهما لعدة سنوات، وتظاهرات تأييد كبيرة للفلسطينيين جرت في شتى أنحاء العالمين العربي والإسلامي، والتي شكلت قيداً ثقيلاً على الأنظمة بشأن كل ما يمس علاقاتها مع إسرائيل. بعد مرور 20 عاماً، المجالان الدولي والعربي مشغولان بمشكلات أكثر صعوبة من المشكلة الفلسطينية (الكورونا، الاضطرابات الإقليمية، المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، أزمة إيران وسورية، التوتر بين العالمين السني والشيعي، التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية وغيرها)، وقد أظهرت هذه التغيرات تعباً ويأساً من النزاع الذي لا نهاية له بين إسرائيل والفلسطينيين. يبرز هذا خصوصاً في العالم العربي الذي يرغب في تطوير علاقات وثيقة مع إسرائيل في ضوء صعود التهديد الإيراني، وهو مستعد لتقويض المبدأ الذي حاول الفلسطينيون زرعه طوال سنوات، والقائل إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل ممكن فقط بعد التوصل إلى تسوية بينها وبين الفلسطينيين. الشارع العربي من جهته يواصل إظهار تعاطف أساسي إزاء الموضوع الفلسطيني، لكن بعد سنوات من الاستنزاف والضائقة بسبب أحداث "الربيع العربي"، أصبح أقل استعداداً للخروج في تظاهرات كبيرة تأييداً للفلسطينيين، وبناء على ذلك هو لم يعد يشكل قيداً ثقيلاً كما في الماضي على الحكام العرب.  ثمة تعبير حاد إضافي لخسارة الدعم الخارجي يتجلى في الشرخ العميق بين رام الله وواشنطن منذ بداية ولاية الرئيس ترامب، الذي قوّض هو أيضاً مبدأً أساسياً حاول الفلسطينيون الدفع به قدماً طوال سنوات، وهو عدم إجراء أي تغيير  في وضع القدس حتى التوصل إلى تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك عندما نقل في أيار/مايو 2018 السفارة الأميركية إلى القدس.

ه‌- تغيّر الحرس في القيادة والشارع: بالإضافة إلى البعدين السياسي والاستراتيجي، حدثت تغيّرات أيضاً في التيارات العميقة في الساحة الفلسطينية. في مركزها - صعود جيل شاب وُلد في الواقع الناتج من اتفاقات أوسلو، وجزء منه ولد بعد الانتفاضة الثانية، وفي المقابل رحيل جيل المؤسسين للمنظومة الفلسطينية، وضعف الجيل الذي قاد الانتفاضة الأولى في "المناطق". تختلف سمات الجيل الشاب عن الأجيال التي سبقته: هو أكثر انفتاحاً على ما يجري في العالم (في أعقاب الثورة في وسائل التواصل الاجتماعي)، ويولي تحقيق ذاته أهمية، وأحياناً يفضل ذلك على التضحية من أجل الأهداف الوطنية، وبصورة عامة أقل انجذاباً نحو الأيديولوجيات التي جذبت المنظومة الفلسطينية.

نظرة إلى المستقبل

  • لن نجد فلسطينيين كثر يستطيعون أن يلخصوا بصورة إيجابية العقدين الأخيرين اللذين، في نظر كثيرين، يجسّدان تراجعاً وطنياً مستمراً. رؤيا دولتين لشعبين تتبدد تدريجياً ويحل محلها واقع معقد لكيان فلسطيني ذاتي موجود في الضفة الغربية، منقسم وضعيف، وفي المقابل كيان فلسطيني آخر من الصعب تعريفه موجود في قطاع غزة، له نهج فكري وسمات اجتماعية وثقافية مختلفة.
  • اليأس الجماعي الفلسطيني من كافة البدائل الاستراتيجية سيؤدي على مدى سنوات طويلة إلى التخلي عن فكرة "دولتين لشعبين" واستبدالها بفحص جدي لحل "الدولة الواحدة". في ضوء عدم القدرة على تحقيق الأهداف الوطنية وعلى رأسها الدولة المستقلة، يعتقد عدد متزايد من الفلسطينيين، وخصوصاً من الجيل الشاب، أن وجوداً مشتركاً في دولة واحدة تمتد من البحر إلى نهر الأردن مع الجمهور اليهودي فكرة ليست مرفوضة. هذا لا يعني التخلي عن الهوية الوطنية الفلسطينية، بل "تأطيرها" وصوغها بصورة تقدم جواباً على حاجات الحاضر للجمهور الفلسطيني في المجالات الاجتماعية والاقتصادية.
  • تطور سيناريو "الدولة الواحدة" لا يمكن بالضرورة أن يُتخذ بقرار من إسرائيل، أو من الفلسطينيين. هو يمكن أن يكون نتيجة غير مخطَّط لها وغير مرغوبة أو واعية لمسار ستضعف في سياقه السلطة الفلسطينية مع مرور الزمن وتصل إلى اضمحلال قدرتها على القيام بوظيفتها، في المقابل تتوسع الصلاحيات العملية لإسرائيل في إدارة حياة المدنيين في الضفة الغربية. بهذه الطريقة سيجد الشعبان نفسيهما في حياة مشتركة في دولة واحدة، من دون حل المشكلات الأساسية الجوهرية بينهما.
  • على الصعيد الداخلي - الفلسطينيون يجدون أنفسهم منذ عدة سنوات في حالة انتظار رحيل أبو مازن، حدث يبدو أنه سيؤشر إلى الانتقال من مرحلة الجيل المؤسس للحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة الذي لا يزال يتمسك بالشعارات التي رافقت الفلسطينيين، والتي فقد الجزء الأكبر منها دلالته ولم يعد يلائم حاجات الحاضر، إلى مرحلة جديدة لم تتبلور صورتها وسماتها بطريقة واضحة بعد.
  • على الأقل حتى الآن لا يبدو مثل هذه الزعامة في الأفق، وما يمكن أن يتطور مكانها صراعات عنيفة بين مجموعات تطمح إلى وراثة "الريّس" (من خلال الانقسام بين ثلاث صلاحيات يترأسها حالياً: السلطة الفلسطينية، منظمة التحرير الفلسطينية، وفتح)، من دون القدرة على الحسم بينها، ومن خلال إضعاف مؤسسات الحكم الفلسطينية، وفتح الطريق أمام "رفع رأس" جهات متشددة، وعلى رأسها "حماس". ليس المقصود سيناريو للمستقبل البعيد، بل واقع يمكن أن يتطور في الأمد القريب، وهذا لن يقتصر على المنظومة الفلسطينية بل سينعكس خارجها، وخصوصاً على إسرائيل.
  • الضائقة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد للفلسطينيين لا يمكن أن تشير إلى رضا الجانب الإسرائيلي.  الحركتان الوطنيتان [الفلسطينية والصهيونية] تخوضان صراعاً قوياً بينهما منذ أكثر من 100 عام، لكنهما مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، والواقع في إحداهما ينعكس مباشرة على الثانية. في مرحلة أولى يتعين على إسرائيل أن تركز جهدها من أجل عودة سريعة للفلسطينيين إلى التنسيق معها وأيضاً استئناف الحوار السياسي بين الطرفين. استمرار الوضع القائم معناه "اضمحلال وظيفي" مستمر للحكم الفلسطيني، وتعزيز مستمر للصلة بين إسرائيل والجمهور الفلسطيني، وتعميق المصالحة بين "فتح" و"حماس" بصورة تقوي إمكان تعزيز قوة الأطراف الإسلامية في الضفة الغربية وانخراطهم في الحكم الفلسطيني للمنطقة، وانتقال تدريجي للمسؤولية، في الأساس في المجال المدني، إلى يدي إسرائيل.
  • من دون رؤيا قابلة لتحقيق انفصال استراتيجي، الحركتان الوطنيتان تسيران بثبات نحو سيناريو "الدولة الواحدة": الفلسطينيون بدافع اليأس من رؤيا الدولتين وتطلع جماعي نحو تحسين ظروف الحياة، والإسرائيليون بدافع عدم اهتمامهم ولا مبالاتهم حيال ما يجري في ساحة "توأمهم السيامي الخفي"، وبسبب التأجيل المستمر لحسم استراتيجي بشأن علاقتهم بالفلسطينيين. ما يجري هو طمس متصاعد لخط الفصل بين الشعبين، ودمج عميق للبنى التحتية والاقتصادية والجغرافية بينهما. ومن دون إعلان رسمي لخطوات الضم يجري واقع الضم في الضفة الغربية. يتطلب هذا الأمر اهتماماً ومعرفة واسعة من الجمهور الإسرائيلي للواقع المعقد والمستقبل المنتظر، إلى جانب حوار واع ومؤثر (حالياً ليس موجوداً)، وفي الأساس السعي للحسم، والضغط على القيادة من أجل حسم التوجه الاستراتيجي الوطني: الفصل هنا الآن وقبل أن يصل الطرفان إلى "نقطة اللاعودة"، أو الاستعداد لتغيرات داخلية عميقة في دولة إسرائيل وإعادة صوغ هويتها وأهدافها.