صمت أحزاب الوسط المدوي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • ما زلت أتذكر اللحظة التي سمعت فيها صوت رشقة الطلقات النارية في منتصف الليل. ركضنا نحو الضجة لمساعدة من أُصيب، وفجأة أطلق شرطي على رأسي وظهري طلقات مطاطية. ما أتذكر أنه جرى لاحقاً هو الانتقال في سيارة إسعاف وتقارير في الإذاعة عن وقوع مواجهات في أم الحيران. عندما وصلت إلى المستشفى، كان وزير الداخلية غلعاد إردان والمفوض العام للشرطة روني ألشيخ قد نجحا في تحويل المربي يعقوب أبو القيعان، الذي قُتل على يد الشرطة، إلى مخرب من تنظيم داعش. ومنذ ذلك اليوم نحن نناضل من أجل تبرئة اسم أبو القيعان أمام الشرطة، والنيابة العامة، ووزارة الأمن الداخلي، وهذا الأسبوع كشف عميت سيغل في قناة التلفزة "حداشوت 12" التدخل المباشر للمدعي العام للدولة آنذاك شاي نيتسان، في تغطية الجريمة.
  • منذ أمد لم يعد ممكناً تجاهل أن حوادث أم الحيران هي وصمة عار تاريخية تثبت أكثر من أي شيء آخر كم حياة المواطنين العرب رخيصة. المدعي العام للدولة غطى على الجريمة دفاعاً عن مصالح منظومة فرض القانون، ورئيس الحكومة استغل مأساة العائلة لمهاجمة النيابة العامة والشرطة. رداً على ذلك تلجأ أحزاب الوسط إلى نفس الاعتبار الذي وجّه سلوك نيتسان، وتسكت كي تدافع عن أولئك الذين قدموا لوائح اتهام ضد نتنياهو، بدلاً من الدفاع عن الذين فقدوا أغلى ما عندهم. إن صمت هذه الأحزاب مدو، ولقد فشلت في أم الحيران مرة تلو الأُخرى في تقديم نفسها كبديل [عن نتنياهو].
  • انتهت أيام المتاجرة بحياة العرب في السوق السياسي. لسنا شركاء في النضال من أجل الديمقراطية التي لم تدافع عنا مرة واحدة - نحن نناضل من أجل ديمقراطية تخدمنا جميعاً. الخطوة الأولى في هذا النضال هي استبدال نتنياهو. وما لا يقل أهمية عن ذلك: تطهير منظومة القضاء وإنفاذ القانون من مدعين عامين ورجال شرطة يمارسون سياسة تمييز ضدنا. أي بديل حقيقي لحكم اليمين يجب أن يتوقف عن التبجيل الأعمى لمن يسمونهم "حراس البوابة". النقد العام من دون محاباة لكبار المسؤولين الذين يخونون الثقة مثل إردان ونيتسان وألشيخ، هو الضمانة الوحيدة هذه المرة لوقف قتل مواطنين من دون دفع الثمن.
  • سكوت أحزاب الوسط مثل اعتذار اليمين، يثبت إلى أي حد يسيطر هوس نتنياهو على أي قرار لهذه الأحزاب. سندرس استخدام أحزاب الوسط لاستبدال نتنياهو إذا لزم الأمر، لكن من يريد أن يكون شريكاً في بناء بديل يتعين عليه أن يشارك في النضال من أجل تحقيق العدالة لعائلة القيعان. لن نكتفي باعتذار فارغ على مقتل يعقوب - سنطالب بتغيير الظروف التي أدت إليه.
  • أم الحيران هي بلدة غير معترف بها. وحتى اليوم هناك 40 بلدة غير معترف بها يعيش فيها 200 ألف مواطن يعانون من إهمال المؤسسات منذ 1948. الرفض المستمر لتقديم بنى تحتية أساسية مثل المياه والكهرباء والطرقات والتعليم الملائم هو جريمة متواصلة للدولة ضد الجمهور العربي، والإصلاح لن يكون بالكلمات بل بالأفعال.

الأخبار الجيدة هي أن أجزاء كبيرة من الجمهور اليهودي هم أكثر شجاعة من السياسيين الذين انتخبوهم. يمكننا أن نرى ذلك في الاستقبال الذي نحظى به في كل مرة نأتي وأعضاء القائمة المشتركة للمشاركة في التظاهرات ضد رئيس الحكومة أمام مقر رئاسة الحكومة. وبينما يقوم معسكر اليمين بإقحامنا عميقاً في حاضر العزل والكراهية، ويحاول معسكر الوسط إعادتنا إلى ماض لم نكن يوماً ما مواطنين متساوين فيه، هناك معسكر ثالث آخذ في التبلور يريد شراكة حقيقية ويقودنا نحو مستقبل سلام ومساواة.