أبو مازن يخاف من دحلان، وهنية يقلقه مشعل
تاريخ المقال
المصدر
- المعارضة في المعسكر الفلسطيني لاتفاق السلام والتطبيع بين إسرائيل ودولة الإمارات أوجدت على ما يبدو أساساً مشتركاً للتعاون بين أبو مازن وهنية، لكنها عملياً دفعت الاثنين إلى البحث عن ربح وإنقاذ من الخارج. وفي الحالتين يمتزج "الموضوع الوطني" بالمصلحة الشخصية، وله علاقة مباشرة بالصراعات على الوراثة.
- أبو مازن يراهن على الأتراك بعد أن أدرك أن الإنقاذ لن يأتي من الجامعة العربية. هو يدرك طبعاً أن أردوغان مؤيد متحمس لـ"حماس" (مع أنه طرأت برودة على العلاقات مؤخراً)، لكن هذا في رأيه أقل أهمية حالياً.
- ما هو أهم بالنسبة إلى أبو مازن أن تركيا هي عدو الإمارات. حاكم الإمارات ولي العهد محمد بن زايد من أشد المعارضين للإسلام السياسي الراديكالي الذي يمثله أردوغان، وكل من الإمارات وتركيا تقفان على طرفي المتراس في الحرب الدائرة حالياً في ليبيا.
- الأكثر أهمية لأبو مازن في العلاقة مع الأتراك، الذين هددوا باستدعاء سفيرهم من الإمارات رداً على اتفاق التطبيع مع إسرائيل، هو أنه وأردوغان يعتبران محمد دحلان، المستشار الأمني لحاكم الإمارات، "قماشة حمراء" [في المصارعة الإسبانية بين المصارع والثور، يندفع الثور نحو القماشة الحمراء]. الرئيس التركي يشك في أن دحلان متورط في محاولة الانقلاب ضده قبل 4 سنوات، وأعلن جائزة مالية للحصول على رأسه. أبو مازن مقتنع بأن دحلان يفعل كل شيء كي يرثه.
- صحيح أن رئيس السلطة الفلسطينية غاضب على الإمارات التي "طعنته في الظهر"، وعلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لكن في سيناريو كابوسي، يرى كيف يمكن أن يساعد الحلف الجديد، الذي يزداد توثقاً بين إسرائيل والإمارات، دحلان على العودة منتصراً إلى رام الله، بعد إبعاده عنها بأمر شخصي من أبو مازن.
- أيضاً من جهة "حماس"، يدور نضال ضد اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات في ظل المنافسة القريبة على السلطة. رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية تنقّل في الأسابيع الأخيرة بين أنقرة وبيروت، حيث التقى كبار المسؤولين في حزب الله. هدف هذه الجولة على ما يبدو تعبئة الدعم لمعارضة إسرائيل والتطبيع مع الإمارات، لكن في هذه الأثناء يحاول هنية أيضاً جمع التأييد لترشّحه لولاية ثانية كرئيس للمكتب السياسي للحركة في الانتخابات الداخلية التي كان يجب أن تُجرى في الصيف، ولم يحدَّد لها بعد موعد رسمي.
- أبو مازن يشعر بالقلق إزاء إمكان عودة دحلان. هنية يشعر بالقلق من إمكان أن يترشّح للمنصب خالد مشعل، الذي كان قبله رئيساً للمكتب السياسي لـ"حماس"، ويتمتع بدعم قطر. ظاهرياً، يُعتبر مشعل أكثر تشدداً من هنية، والأكثر ملاءمة لقيادة "حماس" في المواجهة مع إسرائيل، في وقت بدأت تسقط جدران العزلة بين إسرائيل وبين العالم العربي.
- إسرائيل لا تتدخل في الصراعات على الوراثة الداخلية في السلطة الفلسطينية وفي "حماس"، لكنها طبعاً تتابعها باهتمام. استبدال هنية بمشعل أو بمرشح آخر ليس من المتوقع أن يُحدث انعطافة دراماتيكية في المواجهة بين إسرائيل و"حماس"، لكن استبدال أبو مازن بمرشح من نوع دحلان، المقرب من ولي العهد في دولة الإمارات، التي ستوقّع في الأيام المقبلة اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، يمكن بالتأكيد أن يُحدث تغييراً يصب في مصلحة محور القدس- رام الله.
- المشكلة الوحيدة هي أنه ليس واضحاً البتة ما إذا كان دحلان مهتماً باستبدال حياة الرفاهية في الخليج بالعودة إلى المقاطعة، وأيضاً ما إذا كان هناك مَنْ سينتظره بالورود.