المسيرة الظلامية الإسرائيلية
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- مبادرة بلدية تل أبيب إلى إنارة مبنى البلدية بألوان العلم اللبناني تضامناً مع الشعب اللبناني، بعد الانفجار في مرفأ بيروت، تستحق كل ثناء. كذلك أيضاً رسائل العزاء التي أرسلها رئيس الدولة رؤوفين ريفلين، والمساعدة التي اقترحها وزير الدفاع بني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكينازي. وكما أحسن التعبير عنه رئيس بلدية تل أبيب رون خولداي: "الإنسانية تأتي قبل أي نزاع."
- لكن بالنسبة إلى جزء من أفراد الجمهور الإسرائيلي، ليس فقط الإنسانية لا تتقدم على أي نزاع، بل في كل مرة تظهر فيها مبادرة تسعى للتقليل من الكراهية الكبيرة بين إسرائيل وجيرانها، يشعر هؤلاء برغبة لا يمكنهم السيطرة عليها في الكشف عن وجهة نظرهم البدائية.
- هوية المشاركين في المسيرة الظلامية ليست مفاجئة. بالإضافة إلى عضو الكنيست السابق موشيه فايغلين الذي وصف الانفجار بأنه "مشهد بتروكيميائي مذهل"، مرة أُخرى هناك عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، العنصري، القومي اليهودي، والذي عاد إلى المصادر التوراتية ليذكّرنا بأن "مَن يترحّم على من قست قلوبهم سينتهي بالقسوة على الراحمين." (صفة اليهود بحسب التلمود). ما العلاقة بين عشرات القتلى وآلاف الجرحى، جزء منهم من الأطفال، وبين "الظالمين" الذين يشكو منهم سموتريتش؟
- بدلاً من أن يظهرا قدراً قليلاً من الأخلاقية، يكشف سموتريتش وفايغلين عن عالمهما الداخلي الظلامي المشوش كممثلين للجمهور.
- مرجعية يهودية أُخرى في موضوع الأخلاق، هذه المرة برتبة وزير، هو رافي بيرتس [من حزب يمينا] الذي تفضّل بطيبة قلبه بالموافقة على تقديم "مساعدة إنسانية"، لكنه أوضح أن "رفع علم دولة معادية في قلب تل أبيب هو اضطراب أخلاقي." بيرتس مثل شريكته في وجهة النظر المشوهة هذه أييليت شاكيد التي كتبت: "في دولة طبيعية، كان يجب إضاءة بلدية تل أبيب باللون البرتقالي في ذكرى طرد [المستوطنين] من غوش كطيف [تذكيراً باقتلاع المستوطنات اليهودية من قطاع غزة بعد قرار الانسحاب من القطاع سنة 2005]، وبدلاً من ذلك، رأينا علم دولة معادية. رأيت عالماً انقلبت فيه المقاييس."
- بيْد أن الأمر الوحيد غير الطبيعي هو حقيقة أن أشخاصاً مثل بيرتس، وشاكيد، وفايغلين وسموتريتش، لا يزالون وزراء وأعضاء كنيست في إسرائيل؛ وصوتهم الظلامي والعنصري يحظى بشرعية في الحديث الإسرائيلي، بينما أصوات عاقلة لا تعتبر مواطني لبنان أعداء وتريد مساعدتهم في محنتهم، تُعتبر "يساراً واهماً". إذا كانت هذه هي "الدولة الطبيعية" التي تحلم بها شاكيد، فإنها وزملاءها يثيرون الاشمئزاز.