الحادثة على الحدود الشمالية انتهت بالتعادل. ثمة شك في أن يكتفي حزب الله بذلك
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • هار دوف [مزارع شبعا]، المنطقة التي وقعت فيها الحادثة بين قوات الجيش الإسرائيلي وخلية تابعة لحزب الله اليوم، تُستخدم منذ سنوات ملعباً مفضلاً للطرفين، في كل مرة يشعر التنظيم اللبناني بالحاجة إلى تصفية حساب. هذه جبهة بعيدة، لا توجد فيها بلدات مدنية، ويمكن "احتواء" حادثة فيها بعيداً عن أعين وسائل الإعلام، والتشاجر قليلاً والانتهاء عند هذا الحد.
  • هذه أيضاً جبهة يعرفها جيداً قائد المنطقة الشمالية أمير برعام: في سنة 2005، عندما كان قائداً لوحدة ماجلان اصطدم مقاتلوه بخلية من قوة خاصة من حزب الله تسللت إلى مزارع شبعا، على ما يبدو، بهدف خطف جنود (قُتل في الحادثة مقاتل من غولاني جرّاء قصف على أحد المواقع)، في سنة 2016، عندما كان قائداً لكتيبة الجليل (91)، استعد برعام جيداً لهجوم بعبوات ناسفة من قبل حزب الله في مزارع شبعا، انتهى من دون إصابات. حتى الآن يبدو هذه المرة أنه أنهى الاشتباك المحلي مع حزب الله بنتائج جيدة بالنسبة إلى إسرائيل.
  • جاءت عملية حزب الله بعد ظهر اليوم رداً على هجوم جوي منسوب إلى إسرائيل في سورية، في منطقة دمشق قبل أسبوع. قُتل في القصف ناشط من حزب الله، وبحسب "معادلة الردع" التي وضعها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بنفسه قبل حوالي سنة، على كل عملية قتل لعناصره في سورية سيأتي رد ملائم من لبنان. نصر الله نفسه التزم الصمت منذ الهجوم في سورية، لكن قنوات معلومات أُخرى في الحزب - نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، ورئيس تحرير صحيفة "الأخبار" اللبنانية إبراهيم الأمين - لم يتركا مجالاً للشك في حصول رد عسكري من جهة الحزب، خلال وقت قصير.
  • يدل اختيار الساحة للعملية هذه المرة أيضاً على أن حزب الله أراد تحقيق تأثير محدود من دون التدهور إلى حرب. لم يكن للحزب مصلحة حقيقية باندلاع حرب، بينما لبنان يعاني أزمة اقتصادية وسياسية كبيرة، ونصرالله يتهمه خصومه بالمسؤولية المركزية عن تدهور الدولة. مع ذلك، شعر حزب الله بالضغط كي يتحرك ولا يترك الحساب مفتوحاً مع إسرائيل.
  • جزء من التفصيلات لا يزال يلفه الغموض، لكن من الواضح أن قوات الجيش - جنود من لواء الناحل. طاقم من وحدة إيغوز وطاقم دبابة - لم تتفاجأ وكانت مستعدة جيداً للمهمة. نقطة مراقبة للجيش الإسرائيلي لاحظت خلية لحزب الله خلال وقت تحركها في مزارع شبعا. وعندما تسللت الخلية وأصبحت على بعد نحو عشرين متراً داخل أراضي إسرائيل، في منطقة جبلية وحرجية لا يوجد فيها سياج حدودي، أُطلقت في اتجاهها نيران دبابات ومدافع رشاشة من مسافة عدة أمتار. المقاتلون الشيعة غادروا بسرعة المكان. ولم يبلّغ عن إصابات في صفوفهم.
  • ليس بعيداً عن مكان التسلل يوجد موقع للجيش، وطريق تستخدمها القوات التي تتحرك في المنطقة (مزارع شبعا مقفلة دائماً في وجه سيارات المدنيين). يمكن الافتراض أن الخلية جاءت لمهاجمة قوات الجيش في المكان، بنيران قناصة أو بتفجير عبوات ناسفة. بحسب ما تم التبليغ عنه بشأن أسلوب عملها، لا يبدو أنه كانت هنا محاولة مُحكمة بصفة خاصة.
  • في داخل النباتات المتشابكة في مزارع شبعا، من الصعب أحياناً إصابة الخصم، الخصم الذي يتحرك بحذر، أيضاً لو جرى هذا في ضوء النهار. مع ذلك، في الجيش يرفضون الإجابة عن سؤال عما إذا كان الجنود تلقوا أمراً بإطلاق النار من أجل القتل، أو أن النية كانت مسبقاً دفع عناصر حزب الله إلى الهرب من دون التسبب بوقوع إصابات. ثمة شك قوي للغاية في أنه كان هناك قرار واعٍ بشأن تبنّي الخيار الثاني الذي كان يجب أن يتخذه أرفع مستوى في إسرائيل. خسائر في الحادثة كان يمكن أن تفرض على الحزب الرد مجدداً بصورة تؤدي إلى تدهور الوضع على الحدود لوقت طويل. على ما يبدو، ما يظهر أنه تعادل من دون إصابات مريح بصورة كبيرة للطرفين.
  • السؤال هل من الممكن أن يكتفي الحزب بذلك حالياً، بينما تتحدث إسرائيل عن محاولة له فشلت، أم ستحدث قريباً محاولة إضافية. بعد الحادثة، نشرت وسائل الإعلام اللبنانية رد حزب الله الذي ادعى فيه أن عناصره لم يطلقوا النار قط في اتجاه أراضي إسرائيل، وأن الرد على هجوم دمشق سيأتي لاحقاً. هذا كان أيضاً تقدير الاستخبارات الإسرائيلية هذا المساء: القصة لم تنته، وحزب الله يمكن أن يحاول من جديد.
  • يبدو أن نصر الله سيضطر إلى أن يأخذ في حسابه روزنامة السنة: في يوم الجمعة يبدأ عيد الأضحى، سكان الجنوب اللبناني مشغولون بالأزمة الاقتصادية التي حرمتهم لقمة العيش، وبالتأكيد لا يرغبون في قضاء العيد في الملاجىء والأقبية.
  • في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع بني غانتس، حذّر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو نصرالله من أنه يلعب بالنار، وأن أي عملية إضافية لحزب الله ضد إسرائيل ستكون خطأ، وستكلف الحزب والدولة اللبنانية رداً عسكرياً قاسياً. وغاب عن كلامه التوضيح التقليدي تقريباً في مثل هذه الظروف أن إسرائيل غير معنية بالتصعيد.
  • يدير نتنياهو الأزمة الأمنية الجديدة في الشمال، كما التوترات المتواصلة في مواجهة إيران، في ظل التصدع الذي يتسع مع أزرق أبيض، وفي ضوء استمرار الخطوات القضائية ضده. عملياً، يبدو أن إمكان الاستغلال السياسي للحادثة الأخيرة ضئيل نسبياً بالنسبة إليه. الجمهور الإسرائيلي، إلى حد بعيد، مثل الجمهور ما وراء الحدود، مشغول حالياً قبل كل شيء بوباء الكورونا وبهموم لقمة العيش. الآن يبقى أن نأمل بأن تتلاشى التوترات على الحدود حتى المرة المقبلة. المصائب الأُخرى - الاقتصاد، الصحة، والتهديد بانتخابات رابعة - لن تذهب إلى أي مكان في وقت قريب.