احتجاج 2011 واحتجاج 2020، هذا ليس اليأس عينه
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

  • من فوق تبدو كل الاحتجاجات متشابهة- جماهير غفيرة تحتشد في الميدان، ترفع يافطات، تسمع صرخات. هكذا في تموز/يوليو 2011، وهكذا في تموز/يوليو 2020. لكن عندما نقترب قليلاً، نلاحظ أنه ليس اليأس عينه، ولا صرخات الإنكسار عينها، ولا الغضب الجامح عينه.
  • في سنة 2011، الصرخة "الشعب يريد عدالة اجتماعية" تردد صداها عالياً في ساحات المدن؛ اليوم، "العدالة الاجتماعية" تبدو ترفاً ليس هناك مَن يحلم به - وحل محلها الصراع على لقمة الخبز، وعلى الوجود، وعلى هواء للتنفس.
  • في الماضي، كان المعطى المثير للخوف هو ارتفاع أسعار الشقق، اليوم هو عدد الموصولين بأجهزة التنفس الاصطناعي: عشرات مع أوكسيجين في المستشفيات، مئات الآلاف مع أوكسيجين مشكوك فيه يقدر بنحو 1800 شيكل يُضخ إلى الوريد الاقتصادي للأسر المنهارة.
  • حينها، كانوا من الشباب الخائبي الأمل الذين قاموا بكل ما هو منتظر منهم (خدموا في الجيش، تعلموا، اشتغلوا، وأنشأوا أسرة)، أولئك الذين تحطمت إرادتهم الحسنة في مواجهة نموذج اقتصادي متحجر وسلطة منغلقة. اليوم المجتمع الإسرائيلي كله يتدفق إلى الساحات، كل من انهار عالمه عليه دفعة واحدة. هذا لم يجر بسبب الفيروس الشرير، بل بسبب فيروس الغطرسة للقائد الأعلى، والإخفاق الحكومي والإداري اللذين جلبهما إلينا بيديه.
  • حينها، كان اقتصاد "الماكرو" في ازدهار، بينما في اقتصاد "الميكرو" لم تعد الشقة فجأة في متناول اليد، في واقع كل أسرة شابة. اليوم، الاقتصاد الماكرو والميكرو في هبوط حر، الناتج القومي ينكمش، العجز المالي يحلق، البطالة تتوسع، وكل هذا يفرض نفسه بقوة على عالم كل فرد وكل عائلة.
  • وقتها، كان الجو احتفالياً تقريباً، كان هناك شعور بأن شيئاً ما يحدث - الشباب يأخذون مصيرهم بأيديهم، يريدون أن يؤمنوا بأن العدالة الاجتماعية يمكن أن تنشأ هنا أيضاً. اليوم، الإحساس هو كآبة هائلة ويأس وضياع.
  • على الرغم من خيبات الأمل، أحدث الاحتجاج في سنة 2011 تغييرات غير قليلة: حيتان المال خسروا مكانتهم، الحديث العام تغير لمصلحة موضوعات اجتماعية، وجرى تطبيق التعليم المجاني للأولاد في سن الـ3-4 سنوات. لكن الحكومة لم تغير نغمتها: صورة "السمين والنحيل" التي طبعها نتنياهو كوزير للمال، التي معناها أنه يجب الاستمرار في تجويع القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص، استمرت في قيادة السياسات. لهذا السبب، خدمات الصحة والتعليم والمواصلات والمساعدة استمرت في تدهورها، والارتفاعات الإضافية في الأسعار ظلت تقع على كاهل العائلات.
  • أعترف بأنني في سنة 2011 أخطأت وكنت ساذجاً: اعتقدت أنه كان في الإمكان ترجمة الاحتجاج إلى سياسة اقتصادية - اجتماعية مختلفة، مثيرة للأمل. لكن هذا الاعتقاد تحطم في مواجهة الحقيقة القديمة: "يمكنك إحضار الحصان إلى حوض المياه، لكنك لا تستطيع إجباره على الشرب". أي يمكن وضع مخطط للعمل، وحتى دفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات، حتى لو كانت هذه القرارات تتناقض مع المعتقدات أو المصالح السياسية الضيقة لمن يقف على رأس الهرم. اليوم، السذاجة لم تعد خياراً، لأن المشكلة ليست في عدم وجود مخطط حكيم لمواجهة الأزمة، بل لأن الحكومة المنتفخة تتصرف كأنها في حفلة تنكرية على سفينة التايتانيك التي تغرق.
  • اليوم، بعد أن تدهورنا إلى هاوية لا قاع لها، ومن الواضح من دون أدنى شك أن التدهور لم يفرضه الواقع بل كان من صنع يدي الحكومة والذي يقف على رأسها. بقي لدينا إمكان واحد: ألّا نأتي بالحصان كي يشرب، بل تغيير الحصان وبسرعة.
  • يجب ألّا ننسى أنه حينها والآن هناك رئيس الحكومة نفسه، لكن مع الأسف الشديد هو لم يعد الشخص نفسه. في سنة 2011، خصص نتنياهو كل وقته من أجل الدفع قدماً بموضوعات وطنية ذات أهمية كبيرة - كان في الإمكان الاختلاف مع وجهة نظره، لكن لا يمكن الاختلاف على أنه أثبت قدرة مدهشة لزعيم صاحب تجربة قوي وثاقب الذهن. اليوم هو رجل مطارد منقطع عن الواقع، وحتى متوحش، يخصص كل وقته لهدف واحد فقط: بقاؤه بأي ثمن. ليس هناك أمر أخطر من ذلك، والأكثر خطورة بأضعاف عندما يكون هذا الشخص هو الذي يصر على إدارة دفة السفينة في الأمواج الهائجة لأزمة (غير أمنية) هي أخطر ما أُصيبت به إسرائيل على الإطلاق.