هذه أهم تظاهرة حدثت في السنوات الأخيرة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

  • من الصعب ألّا نضحك عندما نسمع التهديد الفارغ الذي أطلقه هذا الأسبوع يسرائيل كاتس: "إذا لم يوافق غانتس على ميزانية عام واحد، سنذهب إلى انتخابات." بربّك كاتس، هل تريد انتخابات الآن؟ مع مليون عاطل من العمل وتظاهرات ضد نتنياهو؟ ومع التراجع في استطلاعات الرأي؟ إذا كان الأمر كذلك، هلمّ نذهب إلى انتخابات كي نرى من سيكون وزير المال المقبل.
  • لو كنت ذهبت معي بعد ظهر السبت إلى ميدان رابين، والتقيت بليكوديين عاطلين عن العمل مسحوقين وغاضبين، لكنت سمعت كيف أنهم لن يصوتوا لمصلحة بيبي مرة أُخرى، وأدركت أن تهديدك لا يخيف أحداً.
  • وكوننا ذكرنا التظاهرة في الساحة، من الصعب أن نفهم كيف أن الصحف والمواقع الإلكترونية ومحطات الراديو وقنوات التلفزيون كلها نشرت معاً الرقم الكاذب التالي: عشرة آلاف متظاهر في الميدان؟ من أين جاؤوا بهذا الرقم؟ الشرطة لم تذكر عدد المشاركين في التظاهرات. نتنياهو اعتاد اتهامها بتشويه الأرقام ضده. الرقم جاء من صحافي في محطة تلفزيونية كبيرة عندما سأل ضابطاً كبيراً في شرطة الميدان وهذا الأخير رمى برقم "عشرة آلاف" من دون أن يفكر كثيراً. لكن في اللحظة التي نُشر فيها الرقم، وسائل الإعلام الأُخرى كلها تبنته، والرقم المضلل أصبح أمراً واقعاً.
  • لم يؤخذ في الاعتبار على سبيل المثال حقيقة أن الحضور في التظاهرة وصل إلى ذروته بعد الساعة التاسعة ليلاً، بينما جاء تقدير الضابط في وقت سابق. ولم يحاول أحد أن يقدّر وحده عدد المشاركين.
  • أنا قدّرت العدد. شاركت في الكثير من التظاهرات في ميدان رابين. من واجب الصحافي أن يسمع ويرى بعينيه. بعد ظهر السبت تجولت في الميدان طولاً وعرضاً، وفوجئت بالعدد الكبير للمتظاهرين الذي وصل على الأقل إلى 20 ألفاً. العدد مهم، لأن التظاهرة كانت استفتاء شعبياً كبيراً. وجود 20 ألف شخص على الأقل يدل على أن هناك عشرات آلاف أُخرى كانت ستأتي إلى الميدان لولا الخوف من الكورونا. هذا يفسر أيضاً الفئة العمرية الخاصة: أغلبية كبيرة من الشباب مع عدد قليل جداً من الكبار في السن.
  • وكان هناك أمور جديدة إضافية: لأول مرة تظاهر أنصار الليكود إلى جانب ناخبي حركة ميرتس. لأول مرة يأتي أشخاص لا تهمهم السياسة، كي يصرخوا بسبب اختفاء مصدر رزقهم. وفي الحقيقة ما من ذل أكبر للأبوين من العجز عن تأمين الخبز لأولادهما. هؤلاء الآباء تحديداً هم الذين بكوا على المنصة لانهيار عملهم التجاري الصغير الذي بنوه بأيديهم. مثل هذا المشهد لم أشاهده من قبل: انهيار الطبقة الوسطى.
  • ما جرى تظاهرة مهمة وكبيرة. ونتيجة لها أدرك نتنياهو أنه في ورطة. الليكود الرخو لن يصوت له مرة أُخرى. والمقصود هنا ناخبون لم يحبوا عمليات الفساد والمس بالقضاء، لكنهم استمروا في التصويت له، لأن الوضع الاقتصادي كان جيداً، والمطاعم مزدحمة بالزبائن، وشراء السيارات بلغ الذروة، كذلك السفر إلى الخارج. لكن في اللحظة التي اختفى فيها هذا كله، الهوامش الرخوة لليكود لن تنتخب بيبي، وهذا هو الفرق بين الفوز والهزيمة.
  • وجرت أيضاً أمور مميزة في الميدان. أغلبية المتحدثين كانت من النساء. نساء أعمال مستقلات صعدن إلى المنبر وقلن كلمات مؤثرة ومؤلمة عن وضعهن اليائس. وكان هناك أيضاً متحدث حريدي، مع قلنسوة سوداء صرخ من أعماق قلبه: "يجب العمل معاً، حريديم، وعلمانيون، وعرب ويهود."
  • لذلك، وإزاء تهديد كاتس الفارغ، يجب على غانتس أن يبقى مصراً على رأيه: تنفيذ الاتفاق الائتلافي حرفياً: تمرير ميزانية عامين خلال شهرين. هذا صحيح أيضاً اقتصادياً. وهذا هو الأمر الوحيد الذي يعطي ثقة واستقراراً خلال الـ15 شهراً كي يكون في الإمكان محاربة البطالة.
  • من الواضح للجميع لماذا يريد نتنياهو ميزانية فصل واحد فقط. هو يريد أن يكون لديه خيار حل الحكومة في آذار/مارس 2021، وإذا لم تمر فيه ميزانية 2021، مخططه هو تأليف حكومة يمين ضيقة تقر قوانين الحصانة وتؤدي إلى إلغاء محاكمته. هذا هو هدفه الأعلى والوحيد. كل ما تبقى هو تكتيك.