هذه ليست تظاهرة يسار أو يمين بل كل الذين أصابهم اليأس
تاريخ المقال
المصدر
- في تظاهرة الأمس (السبت) التقيت بأشخاص من كل أنحاء الطيف السياسي، إسرائيليون سئموا من سلطة منقطعة عن الواقع، ومن قيادة لا ترى محنة مواطنيها. التقيت بأشخاص غير مستعدين لأن يُصنَّفوا ضمن فئات، ومصطلحات مثل "يمين" و"يسار" لا تعني لهم شيئاً منذ فترة طويلة. الناس في الميدان في الأمس كان يهمهم شيء واحد: تأمين القوت لمنازلهم.
- لا يهمهم الضم؛ لا تهمهم دولة فلسطينية؛ لا تهمهم ادعاءت بيبي وأنصاره ضد جهاز القضاء؛ حتى التهديد الإيراني لا يشغل بالهم. هم يعتبرون كل هذه القضايا، وعن حق، مناورات للسلطة لتحويل الانتباه عن الضائقة الحقيقية الناجمة عن أزمة اقتصادية مجنونة، وعن دولة اقترفت كل خطأ ممكن في مواجهتها لها، وعن سلطة لا تحرص فعلاً على مواطنيها. حتى خطر الإصابة بعدوى الكورونا تجاهلوه، لأن الشعور بالقوة والغضب واليأس أقوى. لقد كان هذا الاحتجاج صادقاً، نابعاً من القلب وضائقة مئات الآلاف. احتجاج ليس هناك مَن بادر إليه، وغير "سياسي"، وفي الأساس محق بصورة لا مثيل لها.
- أنا لم أعد طفلة. وأولادي يذكّرونني بقسوة بعمري ويحاولون التقليل من زياراتهم لي خوفاً من إصابتي بالكورونا. لكن عندما أخبرتهم أنني سأذهب للتظاهر، علموا بأنه لا يمكنهم منعي من الذهاب. لأن تعاطفي مع خيبة الأمل، والضرر الكبير الذي لحق بمصدر رزق الناس، وبقدرتهم على تأمين القوت لمنازلهم أقوى من كل شيء.
- ليس مستغرباً مجيء الكثيرين إلى الميدان على الرغم من الخوف من الكورونا. وليس مستغرباً أننا رأينا هناك الكثير من الشباب وأيضاً من البالغين. وليس مستغرباً أن كثيراً من المواطنين، حتى أولئك الذين لا ينقصهم شيء اقتصادياً، يعتبرون أن من واجبهم الوطني الخروج من المنزل، ومن المنطقة المريحة لهم من أجل التظاهر.
- أسمع العديد من الشباب يقولون إنهم يريدون مغادرة البلد. هم يحبونه، لكنهم ليسوا مستعدين لدفع ضرائب ضخمة، وفي لحظة الحقيقة، عندما يكون المطلوب من الدولة مساعدتهم لا يحصلون على شيء. ضريبة دخل، ضريبة شراء، ضريبة بيع، ضريبة وقود، ضريبة سيارات، وطبعاً الضمان الوطني الذي ندفع كلنا الكثير من أجل الضمان الذي من المفترض أن يدفع لنا، لكن في ساعة الحقيقة حشود العاطلين من العمل تحصل على القليل جداً، وحشود المستقلين من أصحاب المهن الحرة الصغيرة ورجال الأعمال الذين يعملون لحسابهم الخاص لا تحصل على شيء.
- في المقابل، حصلنا على تصريحات كثيرة، وظهور تلفزيوني "للزعيم" مع الكثير من "أنا" وأنا"، وكلام فارغ عن" مليارات ستتدفق إلى الاقتصاد"، وإطلاق مشاريع اقتصادية سرعان ما تبددت، سواء لأن الحكومة لم تكن تنوي فعلاً تحقيقها، أو لأنها لم تعرف كيف تحققها.
- لم نعد نصدقكم. أنتم في الحقيقة لستم معنيين بالضائقة التي تحدث على أرض الواقع، وأنتم في الحقيقة لا تعيشون بأنفسكم حياة رجل المهنة الحرة الصغيرة. الكلام عن ضائقة هو بالنسبة إليكم "جنون". أنتم لا تخجلون من قول ذلك.
- كالعادة، عندما تحدث تظاهرة وتكون السلطة محورها، فوراً تخرج الكلمة السحرية "يساريون". هذا مثير للضحك، لأنه بحسب مقياس المعايير لتعريف اليسار أو اليمين، أنا "يمينية". لكن هذا لا يغير شيئاً وظل هناك من اتهمني أمس بأنني "يسارية، يسارية" لأنني ذهبت إلى ميدان رابين للاحتجاج على ضائقة مدنية، لأنه بالنسبة إليهم – في اللحظة التي يجرؤ فيها أي كان على الاحتجاج على ظلم السلطة - يوصَم فوراً بأنه "خائن"، و"يساري" و"قذر" وكل الكلام الفارغ من هذا النوع.
- شعب إسرائيل يستحق قيادة تهتم به، مثلاً، العاملون الاجتماعيون، هؤلاء الأشخاص الطيبون الذين يهتمون بالأجزاء الأكثر بؤساً من المجتمع الإسرائيلي، والتي لا يهتم بها أحد سواهم. هناك ارتفاع يُقدّر بـ 60% في طلب المساعدة الاجتماعية، وهم يعالجون حالات تدمي القلب. ويقبضون بصعوبة 6000 شيكل في الشهر.
- نريد قيادة يهمها أن عدداً كبيراً من الأولاد والشباب - يعيشون حياة عنف واغتصاب وضائقة - ليس هناك مؤسسات كافية في البلد لاستيعابهم. نريد قيادة يهمها فعلاً الأمهات اللواتي ليس لديهن المال لتأمين غذاء سليم لأولادهن، ونساء يتعرضن للضرب من أزواج ظالمين، وأصحاب حاجات خاصة يضطرون إلى قطع الطرق، لأن المخصصات التي يحصلون عليها، هي ببساطة لا تكفيهم للعيش.
- نحن بحاجة إلى قيادة يهمها أن مليون عامل أصبحوا يعتمدون على كرم الحكومة (لماذا لم يفعلوا ما فعلته أغلبية الدول في الغرب: دعم رجال الأعمال، كي يستمروا في تشغيل عمالهم وضمان عدم صرفهم؟) لقد كان من المهم بالنسبة إلي المشاركة في تظاهرة الأمس، لأنني أبحث عن قيادة تملك قلباً.