الاعتبار الاستراتيجي لملك الأردن
تاريخ المقال
المصدر
مركز القدس للشؤون العامة والسياسة
تأسس المعهد في سنة 1976، وهو متخصص في الدراسات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية. يترأس المعهد، حالياً، السفير الإسرائيلي السابق في الأمم المتحدة دوري غولد. ينشر المركز مقالات يومية يمكن الاطلاع عليها باللغتين العبرية والإنكليزية على موقعه الإلكتروني. كما تصدر عنه سلسلة من الكتب، ويمتاز بمواقفه التي تتماهى مع اليمين في إسرائيل.
- يواصل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الحملة الدولية ضد ضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية في وقت يناضل الأردن فيه ضد وباء الكورونا والأزمة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها.
- يتعرض العاهل الأردني الملك عبد الله لضغط كبير جرّاء نية إسرائيل ضم أجزاء من الضفة والخوف من أن يخسر مكانته الخاصة في القدس. بحسب اتفاق السلام مع إسرائيل في سنة 1994 (اتفاق وادي عربة)، الأردن هو الوصي على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
- ذكرت الصحيفة السعودية "دار الحياة" في تقرير لها في 18 حزيران/ يونيو أن الملك عبد الله تحدث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومع ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، ومع ولي العهد في دولة الإمارات محمد بن زايد، وشدد على أن المكانة الخاصة للأردن كوصي على الأماكن المقدسة في القدس هي "حق سيادي" لن يتنازل عنه. وبحسب التقارير، فقد حذر من أن المس بهذه المكانة سيؤدي إلى انفجار غضب في المنطقة كلها.
- بحسب الصحيفة، سارع محمود الهباش مستشار رئيس السلطة الفلسطينية إلى مساعدة ملك الأردن، وقال للصحيفة إن الفلسطينيين متمسكون بالاتفاق الموقّع مع الملك عبد الله في سنة 2013 القاضي بأن يبقى الأردن وصياً على الأماكن المقدسة في القدس الى حين قيام دولة فلسطينية، وأن مكانته لن تُمَس.
- تقول مصادر رفيعة المستوى في السلطة إن الملك عبدالله ارتكب خطأ كبيراً في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بشأن موضوع الجيبين الإسرائيليين الباقورة والغمر، وإنه خضع للرأي العام الأردني ورفض طلب إسرائيل التوصل إلى تسوية أُخرى تمدد فترة استئجارهما. في رأيهم، كان في إمكانه استخدام ذلك كورقة مقايضة في مواجهة إسرائيل في موضوع ضم غور الأردن.
- يطلق الملك الأردني التحذيرات والتهديدات في كل اتجاه، في اتجاه إسرائيل والدول العربية لمنعها من حرمانه من المكانة الخاصة للأردن في القدس. المقابلة التي أجرتها معه قبل 3 أسابيع مجلة "دير شبيغل"، والتي حذّر فيها من "صدام كبير" إذا نفّذت إسرائيل ضم مناطق في الضفة، كان الغرض منها تحفيز الاتحاد الأوروبي كي يؤيد موقف الأردن.
- نجح الأردن في أن يجند إلى جانبه نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي التي عبّرت عن معارضتها ضم مناطق في الضفة. هي زارت الأردن في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث استمعت إلى حجج الأردنيين ضد"صفقة القرن" للرئيس ترامب، وأيضاً أعلن المرشح الديمقراطي على منصب الرئاسة الأميركية جو بايدن معارضته خطوة الضم وأي خطوة أحادية الطرف.
- يعلق الأردنيون حالياً أملهم على كلام كيلي كرافت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة في نهاية الأسبوع، والتي قالت إن بلدها يبذل جهوداً مع ممثلي اللجنة الرباعية ودول أعضاء في مجلس الأمن من أجل التوصل إلى استئناف المفاوضات التي توقفت في سنة 2014 بين إسرائيل والفلسطينيين.
سيناريوهات محتملة في حال حدوث الضم
- هناك 3 سيناريوهات أساسية للرد الأردني إذا ضمت إسرائيل مناطق في الضفة الغربية، أمّا إذا جرى الضم على مراحل وامتد على فترة زمنية بضعة أشهر، فإن ذلك سيجعل من الصعب على الأردن اتخاذ خطوات جذرية في مواجهة إسرائيل.
- استدعاء السفير في تل أبيب وتجميد اتفاق السلام.
- إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل.
ج- إلغاء اتفاق السلام.
- سيكون من الصعب على الأردن إلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل والعودة إلى حالة العداء. يوجد بين الدولتين تعاون أمني وثيق من أجل محاربة الإرهاب، ولديهما حدود مشتركة طويلة يجب المحافظة عليها من الجانبين. في مثل هذا السيناريو، سيكون من الصعب على الأردن إقامة علاقة مع السلطة الفلسطينية، لأن كل حركة من رام الله إلى عمّان وبالعكس، ستكون مشروطة بموافقة أمنية إسرائيلية.
- فيما يتعلق باتفاق الغاز بين الدولتين، البرلمان الأردني اتخذ قراراً بإلغاء الاتفاق، لكن المحكمة الدستورية في عمّان قررت في الشهر الماضي إبقاء الاتفاق ساري المفعول، لأن إلغاءه يتعارض مع حاجات المملكة ومصالحها، بالإضافة إلى ذلك، الأردن بحاجة إلى الاتفاق في ظل أضرار الكورونا.
- من الصعب جداً التقدير ما هي الخطوات التي سيتخذها الملك عبد الله الذي يختلف كثيراً عن والده الملك حسين الذي عرف كيف يتصرف بحكمة في مواجهة إسرائيل، وحافظ سراً على مصالح الدولتين. إذا حصلت إسرائيل على دعم كامل من الرئيس ترامب لخطوة الضم، فإن ذلك سيقيد هامش رد الملك الذي يعتمد كثيراً على المساعدة الأميركية. لذا من المهم جداً أن تجري كل خطوة ضم تقوم بها إسرائيل بالتنسيق الكامل مع إدارة ترامب.
- الملك عبد الله مسرور جداً من التأييد الشعبي الذي حصل عليه بعد أن رفض طلب إسرائيل الاتفاق على استئجار الجيبين الإسرائيليين في الباقورة والغمر، ورفض تمديده. لقد ورث الملك عبد الله اتفاق السلام مع إسرائيل من والده، وليس واضحاً ما إذا كان سيُظهر قدرة على القيادة ورؤية استراتيجية كي يجتاز خطوة الضم الإسرائيلية بسلام.
- إذا ألغى الأردن اتفاق السلام مع إسرائيل فإنه سيعرض للخطر مكانته الخاصة في القدس كوصي على الأماكن المقدسة، وسيلحق الضرر بمكانة العائلة الهاشمية، و يمكن أن يخسر أيضاً المياه التي يحصل عليها من إسرائيل.
- خطة "صفقة القرن" الأميركية لم تُلحق الضرر بالمكانة الخاصة للأردن في الحرم القدسي، لذا نأمل بأن تكون تهديدات الملك الأردني من نوع "الضريبة الكلامية" فقط.
- عموماً، للملك الأردني إمكانات محدودة للرد على خطوات الضم الإسرائيلية المتوقعة. الآن يجب أن ننتظر كي نرى ما إذا كان الملك الأردني سيستخدم الاعتبارات الاستراتيجية الصحيحة. من غير المجدي للملك عبد الله الدخول في مواجهة حقيقية مع إسرائيل، هو فقط سيخسرها، لقد حافظت إسرائيل سراً وعلناً على استمرار حكم العائلة الهاشمية في الأردن خلال فترات صعبة جداً، مثل فترة "أيلول الأسود" في سنة 1970، ومن غير المناسب أن يخسر الدعم الإسرائيلي.