بحماية الكورونا، يبدو أن إسرائيل تزيد وتيرة الهجمات ضد إيران في سورية
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • التقارير من سورية تصل في الفترة الأخيرة عدة مرات في الأسبوع. وسائل الإعلام هناك تنشر تقارير عن استمرار مهاجمة سلاح الجو الإسرائيلي أهدافاً عسكرية متعددة في مناطق واسعة في الدولة: مخازن سلاح، مواقع لإنتاج وسائل قتالية، بطاريات صواريخ أرض - جو، ومواقع مراقبة على طول الحدود مع إسرائيل. الشركاء في المحور الشيعي الذي تقوده إيران كلهم مستهدفون: الحرس الثوري الإيراني، الميليشيات الشيعية الأجنبية، حزب الله، والوحدات التابعة للجيش السوري.
  • بخلاف عادتها في السنوات الأخيرة، يبدو أن إسرائيل خفضت قليلاً من تغطيتها الإعلامية للهجمات المنسوبة إليها. بدأت هجمات سلاح الجو في سورية في سنة 2012، في مرحلة متقدمة من الحرب الأهلية هناك، وازدادت كثيراً في السنوات الخمس الأخيرة. في البداية توجهت هذه الهجمات في الأساس ضد قوافل تهريب السلاح الإيراني عبر الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان. في وقت متأخر أكثر، منذ نهاية سنة 2017 وما بعدها، انتقل الجيش الإسرائيلي إلى التركيز على مهاجمة قواعد الحرس الثوري والميليشيات الشيعية، كجزء من عملية إحباط للتمركز العسكري الإيراني في سورية.
  • في البداية، جرت الهجمات في ظل غموض مقصود، في إطار ما وُصف بسياسة الغموض، في محاولة لردع النظام السوري عن تعزيز تحالفه مع إيران وحزب الله، وفي الوقت عينه، عدم التورط في الحرب الأهلية. وبالتدريج، بدأت إسرائيل في العامين الأخيرين بنشر تلميحات مكثفة عن عملياتها.
  • يبدو أن فيروس الكورونا فرض تغييراً محدداً في الاستراتيجيا. خلال شهر آذار/مارس، تقريباً لم تُنشر تقارير عن أي هجوم. لكن طوال نيسان/أبريل، تنشر وسائل الإعلام السورية، مرة أو مرتين في الأسبوع، أخباراً عن هجمات إضافية في شرق الدولة ووسطها وجنوبها. هذه المرة تقلل إسرائيل من تطرُّقها إلى التقارير. وأصلاً، تراجع الاهتمام بالأحداث السورية في إسرائيل والعالم. وباء الكورونا سيطر بصورة كاملة تقريباً على جدول الأعمال.
  • لكن يبدو من وجهة النظر الإسرائيلية أنه من المحتمل أن يكون في ذلك ميزة. الهجمات تجري بينما المحور الإيراني موجود في نقطة ضعف نسبية. التمركز في سورية ومساعدة حزب الله كانا "الطفل المدلل" الشخصي - المشروع الكبير - للجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق "القدس" في الحرس الثوري. في السنوات الأخيرة كلما كان نفوذ سليماني يزداد في أنحاء الشرق الأوسط، كلما كانت تزداد جهود تهريب السلاح إلى لبنان وإقامة القواعد [العسكرية] في سورية. يبدو أن سليماني كان مصراً على الاستمرار في ذلك، على الرغم من الهجمات الإسرائيلية.
  • في بداية كانون الثاني/يناير الماضي، اغتال الأميركيون سليماني، بعد وقت قصير من وصول طائرته إلى العاصمة العراقية بغداد. إسماعيل قاآني الذي حل محل الجنرال اكتشف أن ما ورثه أكبر من قدراته. لا يتمتع قاآني بمكانة النجم التي راكمها سليماني لنفسه في سنواته الأخيرة. ومن الصعب عليه أن ينفخ الروح القتالية في مقاتليه، مع الأخذ في الحسبان الضغوطات الأخيرة التي تُمارَس على إيران وحزب الله.
  • الظروف معروفة. إيران لم تتعاف بعد من اغتيال سليماني وما حدث في أعقاب ذلك: زيادة العقوبات الأميركية، تآكل ثقة الجمهور بالنظام، بعد أن اتضح أنه حاول التستر على قضية إسقاط طائرة الركاب في سماء طهران عن طريق الخطأ، والضرر البالغ الذي ألحقه فيروس الكورونا بإيران، وانخفاض أسعار النفط جرّاء الأزمة العالمية التي تسبب بها الفيروس.
  • المساعدة الاقتصادية الإيرانية لحزب الله بدأت بالتقلص في ضوء الصعوبات. في الوقت عينه، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية تزداد تفاقماً، الأمر الذي يضع حزب الله أيضاً في موقع ضعف. في الخلفية، هناك أيضاً العلاقات الملبدة بين الرئيس السوري بشار الأسد وضيوفه الإيرانيين. بالنسبة إلى الأسد، يبدو أن واجب استقبال الضيوف قد استُنفد. صحيح أن إيران ساهمت مساهمة كبيرة في صمود النظام على الرغم من الحرب الأهلية المدمرة، لكن النظام السوري يتعرض لضربات بسبب الإصرار الإيراني على البقاء. وتتحدث التقارير عن أن معظم الهجمات يترافق بقصف للبطاريات السورية المضادة للطائرات.
  • نشأ انطباع أنه في ظل الكورونا، أعطت حكومة نتنياهو رئيس الأركان أفيف كوخافي شيكاً مفتوحاً لمواصلة الهجمات، وعلى ما يبدو زيادتها. وبحسب التوزع الجغرافي للتقارير عن الهجمات، فإن هذه حرب تدور على الساحة بكاملها - في الجبهة، على طول الحدود في هضبة الجولان، حيث تُقصف مواقع نشرها حزب الله بمساعدة شركائه المحليين، وتُقصف أيضاً قواعد في عمق الأراضي السورية البعيدة عن حدود إسرائيل.
  • تسير إسرائيل على الحافة، وتنتظر لترى كيف سيرد المعسكر الخصم. هل سيلمح الأسد إلى النظام في طهران بأن الوقت حان كي يتراجع، أو أن الإيرانيين أنفسهم سيبحثون عن مخرج لائق ويقلصون وجودهم في سورية بسبب ازدياد الضغط العسكري؟ في المقابل، يرتفع احتمال رد عقابي إزاء إسرائيل، عملية محدودة مثل تلك التي جرت في منتصف نيسان/أبريل.
  • بعد مرور يومين على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل ضد سيارة تابعة لحزب الله بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية، في الجانب السوري، جرت عمليات خرق للسياج الحدودي بين إسرائيل ولبنان في ثلاث نقاط. لم يجر تجاوز للسياج، لكن على ما يبدو، كانت هذه إشارة واضحة من حزب الله إلى إسرائيل تقول إن للحزب اللبناني أيضاً خطوطاً حمراء.