أنهت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس (الأحد) جلسة استماع استمرت سبع ساعات لمناقشة طلبات التماس بشأن ما إذا كان يجب السماح لبنيامين نتنياهو بالبقاء في منصب رئيس الحكومة على الرغم من اتهامه في ثلاث قضايا فساد.
ومن المتوقع أن تستمع المحكمة اليوم (الاثنين) إلى مزيد من طلبات الالتماس المتعلقة بجوانب مثيرة للجدل في اتفاقية الائتلاف الحكومي التي تفاوض عليها نتنياهو وزعيم حزب أزرق أبيض بني غانتس. وبموجب هذه الاتفاقية ستُخصص الأشهر الستة الأولى للحكومة لمكافحة فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 16.000 إسرائيلي ودمر اقتصاد البلد. وتشمل الاتفاقية تغييرات عميقة في النظام الدستوري لإسرائيل يتعارض بعضها مع القوانين والتقاليد والسوابق الراسخة.
وبين يومي الثلاثاء والخميس ستتحول الأنظار إلى الكنيست، حيث سيتم تغيير ثلاثة قوانين بموجب اتفاقية الائتلاف، اثنان منها من قوانين الأساس الدستورية.
ويجب تغيير القوانين بحلول يوم الخميس، كونه الموعد النهائي للكنيست لتسمية رئيس حكومة من بين صفوفه أو الدعوة إلى انتخابات جديدة. ومن غير المحتمل أن يوافق الكنيست على الحكومة الجديدة إذا لم يصبح الاتفاق الذي يضمن صفقة التناوب على الرئاسة بين نتنياهو وغانتس قانوناً.
واستمعت جلسات المحكمة العليا التي عُقدت أمس بهيئة موسعة مكونة من 11 قاضياً، إلى المحامين المندوبين عن حزبي الليكود وأزرق أبيض الذين حثوا المحكمة على عدم التدخل في مسألة تكليف نتنياهو، واستمعت بعدهم إلى مقدمي طلبات الالتماس الذين أكدوا أن القضاة ملزمون بالتدخل.
وتم بث جلسات المحكمة العليا على الهواء مباشرة.
وفي وقت ما من جلسة بعد الظهر ضغطت رئيسة المحكمة العليا القاضية إستير حيوت على مقدمي طلبات الالتماس لتوفير أساس لمطالبهم بمنع عضو كنيست، أوصت به أغلبية أعضاء الكنيست بتأليف الحكومة، من القيام بذلك. وبدت حيوت كما لو أنها تلمّح إلى أن المحكمة العليا لن تمنع تكليف نتنياهو من تأليف حكومة جديدة نظراً إلى عدم وجود قانون واضح بهذا الشأن سنّه الكنيست.
وقال ممثل المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت إنه في الوضع القائم لا يمكن منع نتنياهو من تولي منصب رئيس الحكومة.
وكان مندلبليت قدّم مذكرة إلى هذه المحكمة في نهاية الأسبوع الفائت، أكد فيها أنه لا يوجد أساس قانوني يمنع نتنياهو من تأليف حكومة. كما أكد أنه لا توجد أسباب لشطب اتفاقية الائتلاف الحكومي بين الليكود وأزرق أبيض، ونصح المحكمة بمراجعة البنود الإشكالية في الاتفاقية في أثناء مرحلة التنفيذ.
وأصر محامي حزب الليكود على أن عملية اختيار رئيس الحكومة، بدءاً من خيارات الناخبين في يوم الانتخابات، وصولاً إلى توصيات أعضاء الكنيست، وحتى التعيين الرئاسي، هي عملية دستورية وليست عملية إدارية، ومن غير المناسب أن تتدخل المحكمة في الحكم الدستوري للشعب وأعضاء الكنيست. وأضاف أنه كان من الأفضل أن ترفض المحكمة طلبات الالتماس على الفور بدلاً من تدخلها في هذه القضايا السياسية.
وقال محامي حزب أزرق أبيض إن الحزب يأخذ اتهامات الفساد ضد نتنياهو بجدية، لكنه في الوقت عينه أشار إلى أنه لم يكن هناك حكومة لأكثر من سنة جرت خلالها ثلاث جولات انتخابية. وأكد أن على المحكمة العليا أن تأخذ بالحسبان أن إحباط اتفاقية الائتلاف من شأنه أن يغرق إسرائيل في أسوأ أزمة سياسية في تاريخها.
في المقابل، قال مقدمو طلبات الالتماس إن المعايير العامة وثقة الجمهور بممثليه المنتخَبين موضوعة على المحك، وأشاروا إلى أن القانون الحالي يتطلب من الوزراء التنحي في حال اتهامهم في قضية جنائية، ويجب ألّا يكون هناك شرط أقل شدة لعضو كنيست على وشك تأليف حكومة جديدة. وأشاروا أيضاً إلى أن هناك ثغرة في القانون بهذا الشأن، لأن المُشرّعين لم يتخيلوا أبداً أنه سيتم تقديم لائحة اتهام ضد شخص مكلف بتأليف حكومة.
وكانت أوساط رفيعة المستوى في حزب الليكود أكدت في نهاية الأسبوع الفائت أنه في حال إصدار المحكمة العليا قراراً ينص على عدم جواز تكليف نتنياهو بتأليف حكومة، فسيكون ذلك بمثابة هجوم غير مسبوق على الديمقراطية الإسرائيلية.
وأكدت هذه الأوساط أن اتفاقية نتنياهو وغانتس الائتلافية ضرورية نتيجة ثلاث جولات انتخابية ورغبة بين معظم الإسرائيليين لتجنب انتخابات رابعة. وأضافت أنه إذا اعتبرت هيئة المحكمة العليا أن هذه الاتفاقية باطلة قد تضطر إسرائيل إلى إجراء انتخابات رابعة خلال أقل من عامين.
يُذكر أنه وُجهت إلى نتنياهو في كانون الثاني/يناير الفائت ثلاث لوائح اتهام بشبهة ارتكاب مخالفات جنائية تتضمن تلقّي رشى والاحتيال وخيانة الأمانة. ومن المقرر أن تبدأ محاكمته يوم 24 أيار/مايو الحالي.
ويمنع القانون الإسرائيلي الشخص المتهم جنائياً من تولي منصب وزير في الحكومة، لكنه لا يجبر رئيس الحكومة المتهم جنائياً على ترك منصبه إلّا في حال إدانته.