قبل أسبوع من الانتخابات، إطلاق الجهاد الإسلامي النار أصاب نقطة ضعف نتنياهو
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 

  • قبل أسبوع من الانتخابات، بدأ عمل الثالوث غير المقدس: المرحلة الأخيرة في الحملة السياسية، الهلع من وصول فيروس كورونا إلى البلد، والجولة الدورية للتصعيد في قطاع غزة.
  • إسرائيل لم تسع للتصعيد في غزة. بل بالعكس من ذلك: عندما دخل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الفترة الحاسمة في معركة حياته السياسية، بدا أن آخر ما يحتاج إليه هو اندلاع العنف في غزة. استطلاعات الرأي كلها التي يقوم بها الليكود تشير تحديداً إلى أن غزة هي نقطة ضعفه. الناخبون المترددون لا يمنحون أداء الحكومة في مواجهة "حماس" علامات عالية، ونشوب مواجهة لا يمكن السيطرة عليها الآن يمكن أن يؤذي فرص نتنياهو بالفوز، أكثر مما يفيده.
  • لكن نتنياهو لا يمكنه الجلوس ساكناً في الوقت الذي تُطلق فيه عشرات الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة. التصعيد في الأمس بدأ في أعقاب حادثة وقعت في ساعات الصباح بالقرب من الحدود. قوة من الجيش الإسرائيلي شاهدت خلية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي تحاول وضع عبوة ناسفة بالقرب من السياج الحدودي، فأطلقت عليها النار وقتلت أحد عناصرها، بينما لاذ الثاني بالفرار بعد إصابته بجراح. أيضاً فيما يتعلق بحادثة القتل هذه، من المعقول أن الجهاد الإسلامي كان سيرد في إطار معادلة الردع التي بلورها زعماؤه قبل عدة أشهر.
  • يبدو أن ما زاد في حجم الرد هو الصور التي نُشرت عن الحادثة، والتي تظهر فيها جرافة عسكرية إسرائيلية تجر جثة الفلسطيني إلى الأراضي الإسرائيلية. انتشرت الفيديوهات بصورة كبيرة وزادت من الغضب في غزة. نيران الرد كانت أشد من العادة - وهذا ما يطرح من جديد تساؤلات حول مدىذكاء السياسة الجديدة، التي بموجبها يتم الاحتفاظ بجثامين فلسطينيين مسلحين كورقة مقايضة محتملة في المفاوضات لاستعادة جثماني الجنديين الإسرائيليين [اللذين تحتفط بهما حركة "حماس"].
  • إسرائيل على غير عادتها، لم تتهم "حماس" بالمسؤولية عن إطلاق النار، بل ركزت في ردها على حركة الجهاد الإسلامي. بالإضافة إلى القيادات التي هوجمت في غزة (يبدو أن الجيش عاد إلى عادته الرديئة بتضخيم أحجام القصف)، حدث أمر جديد: مهاجمة موقع لإنتاج السلاح تابع لحركة الجهاد الإسلامي في سورية جنوبي دمشق.
  • هدف الخطوة الإسرائيلية التلميح إلى الجهاد بأنه بالغ في حجم إطلاق النار، وتمرير رسالة إلى الجمهور في البلد بأن الحكومة ليست غير مبالية إزاء محنة سكان الجنوب. عملياً، وللمفارقة، سورية حالياً هي ساحة أقل حساسية من القطاع. وما دام القصف موجهاً إلى منشأة تابعة لتنظيم فلسطيني، وليس ضد الوجود العسكري الإيراني في سورية، فإن في إمكان المضيفين السوريين ضبط النفس.
  • من المحتمل أن يكون وراء اختيار الهدف في سورية اعتبار آخر. لنشطاء الجهاد الإسلامي في القطاع علاقة وثيقة بقيادة الحركة في دمشق. في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عندما اغتالت إسرائيل بهاء أبو العطا، المسؤول الكبير عن التنظيم في غزة، جرى الحديث عن فشل محاولة اغتيال أُخرى استهدفت أكرم عجوري، الرجل الثاني في الجهاد، في منزله في دمشق.
  • جهود لا تتوقف تبذلها حركة الجهاد الإسلامي لعرقلة عملية التسوية بين "حماس" وإسرائيل في القطاع، ولها علاقة بصراع قوى داخلي بين التنظيمين، وبالمعارضة الإيديولوجية للجهاد الإسلامي للتسوية. لكن ليس من المستبعد أيضاً الشعور بتأثير إيراني في غزة، عن طريق القيادة في دمشق. حدوث احتكاك دائم في القطاع يخدم طهران. وإذا كان سيزعج نتنياهو عدوها القديم قبيل الانتخابات، فإن هذا سيكون فائدة إضافية من ناحيتها. في جميع الأحوال، استمرار وقوع الحوادث مع حركة الجهاد الإسلامي يدل على أن الاستخبارات الإسرائيلية أعطت، على ما يبدو، أهمية شخصية أكبر من اللازم إلى أبو العطا الذي يواصل تنظيمه القيام بعمليات عسكرية أيضاً، بعد إزالة قائده الكبير من الطريق.
  • في المرحلة الأخيرة للمعركة الانتخابية الثالثة للكنيست، تعود غزة لتلقي ظلها الطويل على الساحة السياسية في إسرائيل. ومهما أثارت إعجابنا الخطوات التي اتخذها الجيش الإسرائيلي على طول حدود القطاع منذ ساعات الليل، يبدو أنها في الأساس استعدادات دفاعية، وهذا أيضاً هو التوجه الذي تعكسه خطوات الحكومة في الأشهر الأخيرة بشأن كل ما يتعلق بغزة.
  • لكن الأمور قد تتعقد بسرعة. منذ ساعات الصباح أُطلقت 6 صواريخ، وتفرض الفترة السياسية الحساسة انتباهاً خاصاً للقرارات التي تتخذها القيادتان السياسية والأمنية. في ظروف مشابهة، عشية الانتخابات الثانية في أيلول/سبتمبر، ضغط نتنياهو على الجيش كي يقوم بعملية هجومية واسعة في القطاع، وما كبحه هو فقط التدخل المباشر للمستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت. القطاع ليس مطروحاً في مركز الانتخابات، لكن الأحداث التي يشهدها يمكن أن يكون لها تأثير في نتائجها، إذا استمر التصعيد.