العلاقات مع السودان ستشكل تغييراً ذا دلالة استراتيجية في الشرق الأوسط وأفريقيا
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • قبل سنتين، نشرت في "يسرائيل هيوم" سلسلة مقالات عن رحلة قمت بها إلى السودان، وفي إثر ذلك اتصل بي عدد من السودانيين عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" وأعربوا عن أملهم بأن يسود السلام بين السودان وإسرائيلقريباً. وهذا الأسبوع، بعد اللقاء التاريخي الذي عُقد بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والزعيم الحالي للسودان عبد الرحمن البرهان [في أوغندا]، تجدد الاتصال مرة أُخرى من بعضهم بمبادرتهم. وكتب لي أحدهم قائلاً: "للشعبين الكثير مما يكسبانه من التعاون في مجالات عديدة"، ودعاني لأن أزور بلاده مرة أُخرى.
  • كانت تلك الرحلة إلى السودان أمراً عظيم الأهمية، فهذه الدولة العربية الأفريقية اعتُبرت زمناً طويلاً جداً معقل مقاومة لإسرائيل ومركز الإرهاب الإسلامي الدولي. وعندما وصلتُ إلى الخرطوم كان الحكم فيها بيد الرئيس عمر البشير، الديكتاتور المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ومع هذا كان بوسع المرء، منذ ذلك الوقت، أن يشعر برياح معينة من التغيير وجدت تعبيرها بقوة أكبر في الثورة الشعبية ضد البشير الذي يقدَّم اليوم إلى المحاكمة، وكذلك في الجرأة التي أبداها البرهان حين وافق على اللقاء بنتنياهو ونشر ذلك على الملأ.
  • ومنذ رحلتي إلى السودان، كانت مسألة التطبيع مع إسرائيل مطروحة على بساط البحث بصورة منفتحة للغاية، سواء في وسائل الإعلام المحلية أو في تصريحات بعض كبار مسؤولي النظام. وكان ثمة فهم بأن يد إسرائيل الممدودة من شأنها أن تساعد الدولة الحافلة بالنزاعات الداخلية وذات الاقتصاد المنهار بعد عشرات السنوات من العقوبات الدولية، وجرى البدء بإعداد الرأي العام لمثل هذا الإمكان.
  • ولا شك في أن قيام السودان بفك الارتباط بإيران والتقارب مع محور الدول العربية المعتدلة الذي يضم مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة الذي وجد تعبيره أيضاً في المشاركة في الحرب الأهلية في اليمن، تسبّب أيضاً بفك الارتباط بسياسة اللاءات الثلاثة الشهيرة التي تبنتها الجامعة العربية في الخرطوم بعد حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]. ويمكن القول إنه بخلاف الفلسطينيين، كان ثمة من استخلص الدروس في الخرطوم، وأعاد احتساب المسار.

السودان يمكن أن يكسب كثيراً من التعاون مع إسرائيل. ومعروف أن هذه الأخيرة ساهمت في رفع العقوبات الأميركية عن السودان. وستشكل العلاقات مع السودان تغييراً ذا دلالة استراتيجية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وستساعد في حل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين، وتفتح أمام السياح الإسرائيليين باباً لزيارة ذخائر السودان التاريخية في كوش والنوبة العتيقتين والأهرامات الفرعونية الرائعة فيهما. صحيح أن الطريق إلى هناك ستستغرق، على ما يبدو، زمناً ما، لكن لا شك في أن هناك ما يمكن انتظاره.