الأردن ينتظر بقلق الفخ الذي سينصبه له دونالد ترامب
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • مرة أُخرى يبحث الأردن عن ملجأ سياسي. عندما سيستمع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في واشنطن إلى تفصيلات صفقة القرن، سيضطر الملك عبد الله على ما يبدو، إلى التكهن بشأن طبيعة الفخ الذي ينصبه له الرئيس الأميركي.
  • بناء على تصريحات مسؤولين كبار في الأردن، لا تزال الحكومة الأردنية غارقة في الظلام، ولا تعرف رسمياً ما سيكون مصيرها. تستند التخمينات والتقديرات إلى تسريبات في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وإلى التخوف الشديد من تحويل الأردن إلى وطن بديل للفلسطينيين. "ماذا يعني ضم غور الأردن بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإعطائها الإذن بضم هضبة الجولان، واعترافه بشرعية قسم من المستوطنات؟" استغرب أحد كبار المحللين الأردنيين في حديث مع "هآرتس". وتابع قائلاً: "كل هذا  معناه أن الأردن لم يعد مكوناً جوهرياً في عملية السلام. أكثر من ذلك، صفقة القرن تلغي حل الدولتين، وهي تقوّض المبادرة العربية العائدة إلى سنة 2002، والتي كانت دائماً حجر الزاوية في كل اقتراح حل، وترفض حق العودة للفلسطينيين، وتطلب من الأردن استيعاب مئات الآلاف الإضافيين من اللاجئين وربما الملايين".
  • لقد أعرب الأردن عن هذه المخاوف علناً عند عقد مؤتمر البحرين في حزيران/يونيو 2019، والذي قدم تفصيلات بشأن مساعدة اقتصادية تقدر بالمليارات إلى فلسطين والأردن الذي سيُطلب منه في إطارها، أن يكون ملاذاً للاجئين الفلسطينيين، وأن يتحول عملياً إلى دولة فلسطينية.
  • يواجه الأردن حالياً ثلاثة تهديدات يعتبرها وجودية. الأول، يتعلق بالضغوط التي من المتوقع أن يتعرض لها من جانب الإدارة الأميركية كي يوافق على تبنّي صفقة القرن. وهذه قد تشمل تقليص المساعدة الاقتصادية والدعم العسكري، وإفشال جهود الملك عبد الله في جمع المال من مؤسسات تمويل دولية، وحتى الدفع قدماً بطلب السعودية بـأن تكون هي المسؤولة عن الأماكن المقدسة في القدس.
  • التهديد الثاني الأكثر خطراً، سيصل إذا قرر الجمهور الأردني الخروج في تظاهرات ضد الصفقة، وطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل وحتى إلغاء معاهدة السلام معها. التهديد الثالث، سيصل إذا كانت إسرائيل ستتبنى فعلاً صفقة القرن، وستضم غور الأردن والمستوطنات الموافق عليها، وبذلك تفصل الضفة عن الأردن. الخيارات الأردنية لمعارضة صفقة القرن محدودة.
  • ليس للأردن بديل من حلف مع الولايات المتحدة ومع السعودية. على الرغم من محاولات التقرب من روسيا، من خلال التصالح مع سورية، فإن روسيا ليست بديلاً سياسياً أو اقتصادياً من الدعم الأميركي. علاقات الأردن مع السعودية متوترة وليس من اليوم، بين أمور أُخرى على خلفية معارضة الأردن استخدام أراضيه كقاعدة للهجوم على سورية قبل أربع سنوات، وفيما بعد بسبب إعراب السعودية عن رغبتها بأن تكون قيّمة على الأماكن المقدسة في القدس.
  • لكن السعودية ودولة اتحاد الإمارات لا تزالان ركيزة اقتصادية حيوية، فقد منحت هاتان الدولتان الأردن نحو 2.5 مليار دولار في سنة 2018، لمساعدة المملكة على ترميم اقتصادها وتهدئة التظاهرات العنيفة التي حدثت في بداية تلك السنة. في الوقت عينه، تُعتبر السعودية واتحاد الإمارات ركنين أساسيين في صفقة القرن، والدولتان استكملتا تقريباً تطبيع العلاقات مع إسرائيل. المواجهة معهما على خلفية تأييدهما صفقة القرن هي خطوة خطرة.
  • السؤال المثير للقلق هو هل إلغاء اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن يمكن أن يُستخدم كرافعة تهديد أو ضغط أردني ضد صفقة القرن؟ المنطق السياسي الأردني يقول إن إلغاء اتفاق السلام لن يلغي التهديدات التي تطرحها الصفقة على الأردن. وهو لن يردع إسرائيل عن ضم الغور، لأن هذا الضم لا يتعلق فقط بالأهمية الاستراتيجية للغور فحسب، بل بالنضال السياسي في إسرائيل الذي يتغلب إجمالاً على الأهميات الاستراتيجية، ولهذا السبب أيضاً هو لن يمنع ضم المستوطنات.
  • إلغاء اتفاق السلام سيبعد الأردن نهائياً عن التأثير ورعاية الأماكن المقدسة في القدس، وفي المقابل، سيحول الأردن إلى جزء مما سُمّي سابقاً "الجبهة الشرقية"، تعبير ملطف يُطلق على الدول العدوة. في نقاشات دارت في الأردن قبل أكثر من سنة، حول التداعيات المحتملة لإلغاء اتفاق تأجير المناطق في غور الأردن ووادي عربه، وشارك فيها عسكريون ومسؤولون مدنيون كبار، بمشاركة الجيش والحكومة الأردنيين، طُرح أيضاً سؤال عن مدى هشاشة اتفاق السلام.
  • بحسب مصادر أردنية، الاستنتاج القاطع كان أن خيار إلغاء اتفاق السلام غير مطروح وممنوع أن يكون مطروحاً، لأنه سيخدم إسرائيل أكثر مما سيساعد الأردن؟ لكن الآن من الممكن أن تتغير الظروف، على الرغم من تبنّي اتفاق السلام كمكوّن جوهري، وربما وجودي بالنسبة إلى الأردن، فإنه من الصعب معرفة كيف سيرد الأردن على نشوب أعمال عنف جارفة من جماهير كبيرة في المملكة، سترى في نشر الصفقة فرصة للدخول في مواجهة مع النظام، أيضاً لأسباب لا علاقة لها بالصفقة.