"صفقة القرن" ستقضي على حل الدولتين
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- المناورة المشتركة لدونالد ترامب وبنيامين نتنياهو بدأت تشق طريقها. الهدف من "صفقة القرن" ليس إنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، بل ضمان استمرار حكم نتنياهو. وستجعل النزاع يستمر إلى الأبد، وتُدهوره، لكن من يهمه ذلك. الهدف السياسي للحلف بين الإنجيليين في الولايات المتحدة وبين اليمين الاستيطاني هو الذي سيقرر، وهو الذي سيُنجز.
- ما هي مكونات الخطة؟ وما الذي لا تحتوي عليه؟ قبل كل شيء، ليس فيها أي ذكر لتمثيل رسمي فلسطيني في القدس الشرقية. ولن تكون حتى عاصمة رمزية. ليس فيها أي تواصل جغرافي، يمكن أن يحوّل الدولة الضعيفة في نهاية العملية إلى كيان سياسي قابل للحياة. هي ستكون في أحسن الحالات مجموعة من جيوب تتمتع بحكم ذاتي. وهذا لا يكون دولة.
- لن يكون لدى الكيان الفلسطيني أي احتياط من الأرا ضي للقيام بتطوير حضري واقتصادي وزراعي. وسيفرض الواقع الجغرافي الناشىء، من دون تواصل جغرافي للفلسطينيين ومع بقاء المستوطنات في أماكنها، بقاء كل الوجود العسكري للجيش الإسرائيلي على الأرض، وربما سيزيده للدفاع عن أمن المستوطنات. كل سمات الاحتلال ستبقى.
- الخطة هي بمثابة قضاء مطلق وأكيد على حل الدولتين. وهي لا تشكل أساساً لأي اتفاق ثنائي، فهي تقدس المستوطنات، وتستخف بتطلعات الفلسطينيين إلى استقلال محترم وإلى عاصمة في الأحياء الشرقية للقدس الشرقية. ليس هناك فرصة لتأييد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة الخطة. هم أيضاً تساورهم الشكوك بشأن جدية وموثوقية ترامب. اغتيال سليماني لم يبدد هذه الشكوك. بكلمات بسيطة: لا يوجد شريك عربي للخطة.
- الخطة عندما ستُعلَن ستجعل من الأصعب قيام جبهة إقليمية ضد إيران وستفاقم الأزمة مع الأردن. وهي من الممكن أن تشعل الأرض أيضاً في الضفة الغربية وتقضي على التعاون الأمني مع الفلسطينيين. من ستفيد؟ نتنياهو طبعاً. هي ستسمح له بتحويل الانتباه عن مشاكله القانونية وعرض نفسه كمن مكّن اليمين من تحقيق حلمه التاريخي. وهذا مفيد جداً عشية الانتخابات.
- دعوة بني غانتس إلى واشنطن هي فخ سياسي. فقط سياسي ذكي ومحنك مثل نتنياهو يستطيع أن ينصبه، بالتنسيق طبعاً مع شريكه ترامب. إذا مدح غانتس الخطة في واشنطن، فهو سيظهر كتقليد ضعيف لرئيس الحكومة الحالي، وليس كبديل منه.
- بيد أن التحدي الذي تفرضه "صفقة القرن" ليس مشكلة شخصية لأحد. لقد حان وقت اختبار معسكر الوسط - اليسار كله. يتعين عليه أن يأخذ موقفاً- دعم الخطة، أو معارضتها. دلالات التأييد واضحة. كل مؤيد للخطة سيُزال اسمه من قائمة معارضي ضم إسرائيل وتحويلها إلى دولة ثنائية – القومية. المؤيد للخطة لا يقبل فقط انتصار اليمين الاستيطاني، بل هو متعاون معه. المطلوب شجاعة مدنية لرفض الخطة بحزم، ولكشف أنها مناورة انتخابية من نتنياهو. هذا ليس كافياً. هناك ضرورة لقول الحقيقة أخيراً بشأن الحاجة إلى حل يقوم على اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، يستند إلى تقسيم البلد إلى دولتين مستقلتين. كل المجتمع الدولي يؤيد مثل هذا الحل، بما فيه الزعماء الذين جاؤوا إلى القدس في اليوم العالمي للمحرقة. كل الإدارات السابقة في الولايات المتحدة حاولت الدفع قدماً بذلك على طريقتها. والأهم من كل شيء: عندما أظهر زعماء إسرائيليون مثل هذه الشجاعة أيدتهم أغلبية الجمهور في إسرائيل.
- شيء واحد جيد سيخرج من نشر خطة ترامب: لأول مرة منذ سنة 1996، ستجري انتخابات في إسرائيل سيدور الصراع السياسي فيها على الأمر الحقيقي. لقد حانت ساعة الحقيقة.