أهمية اغتيال سليماني المركّز أكبر من حقيقة التخلص منه على أرض الواقع
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • أهمية الاغتيال المركّز لقاسم سليماني - رأس أفعى العمليات الإرهابية والتآمرية الإيرانية في الشرق الأوسط، والمصدّر للجهد الجهادي - الديني لترسيخ الهيمنة الإيرانية وإقامة دولة عظمى شيعية - أكبر بكثير من حقيقة إزالته من أرض الواقع. لكن من السابق لأوانه القول ما إذا كان يجب اعتبار ذلك تغييراً في قواعد السياسة التي انتهجها الرئيس ترامب في السنوات الأخيرة مقارنة بخطة الرئيس أوباما للانسحاب من الشرق الأوسط.
  • الانسحاب الجزئي لجنود أميركيين من سورية، وما بدا كأنه تخلّ عن الحلفاء الأكراد، وعدم الرد على الهجوم على منشآت النفط السعودية، وعلى ناقلات النفط في الخليج الفارسي، وعدم الرد على إسقاط المسيّرة الأميركية - كل ذلك شجع طهران على الاستمرار في العدائية المتزايدة ضد الأميركيين. بهذه الطريقة تظهر إيران وزنها المتزايد حيال حلفاء الولايات المتحدة وخصومتها في مقابل ضعف أميركا المزعوم.
  • المناورة البحرية المشتركة لإيران وروسيا والصين قبل نحو أسبوعين في خليج عُمان، هدفها التلميح إلى أن النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وربما في العالم كله، آخذ في الخمود - هدف يخدم مصالح هذه الدول الثلاث خارج النطاق الشرق - الأوسطي. هذا بالإضافة إلى سعي روسياـ على الرغم من ضعفها الأساسي، لتصوير نفسها كقوة عالمية عظمى، وتحوُّلها في السنوات الأخيرة إلى لاعبة مهمة في المنطقة.
  • عملية الاغتيال الأميركية، وقبلها الهجوم على قواعد تابعة لميليشيات شيعية في العراق وسورية، وإرسال مزيد من الجنود إلى العراق، الهدف من هذا كله إطلاع الإيرانيين على خطأ تقديرهم الاستراتيجي. بالإضافة إلى ذلك، سمحت العملية لدول الخليج العربية، الحليفة التقليدية لأميركا، برفع رأسها في مرحلة كانت تشعر بالقلق إزاء تصميم وفعالية جدار الدفاع الأميركي.
  • ثمة رسالة أُخرى لترامب، هي أن الهجوم على السفارة الأميركية سيُعتبر هجوماً على أميركا نفسها - مقارنة بالتقصير الأميركي إزاء الهجوم الإرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي في فترة حكم أوباما ووزيرة الخارجية كلينتون، والذي قُتل فيه أيضاً السفير الأميركي في ليبيا. في هذه الأثناء، الأوروبيون - بريطانيا، فرنسا، ألمانيا - كعادتهم، بدلاً من الوقوف مع الجانب الأميركي، دعوا "الطرفين" الى الامتناع من التصعيد. أيضاً المرشحون الديمقراطيون للرئاسة وقفوا ضد اغتيال سليماني- خطأ سياسي ونفسي سيُضاف إلى أخطائهم الأُخرى.
  • قبل العملية الأميركية، سارع معلقون في إسرائيل أيضاً إلى التباكي على ما اعتبروه في نظرهم انسحاباً أميركياً مستمراً من المنطقة، وأعطوا درجات عالية للاستراتيجيا الإيرانية، لكن يتضح أن تقديراتهم كانت خاطئة، في جزء منها على الأقل، وفي كل الأحوال سابقة لأوانها. مع ذلك يجب عدم التسرع إلى الاستنتاج أنه من الآن فصاعداً ستضيف إدارة ترامب إلى سياسة العقوبات بعداً عسكرياً دائماً ضد استفزازات طهران، لأن الرئيس لا يزال مصراً على عدم الوقوع في حرب إضافية شاملة في الشرق الأوسط. لكن القيادة الإيرانية أيضاً ستضطر إلى الاعتراف بأن استراتيجيتها فشلت على الرغم من كل كلام المباهاة، وأن مواجهة عسكرية حقيقية مع الولايات المتحدة لا حظوظ لها بتاتاً بالنسبة إليها.
  • من المحتمل طبعاً أن نرى عملية انتقامية إيرانية هنا أو هناك ضد ممثليات أميركية متعددة، وضد حلفاء الولايات المتحدة، بينهم إسرائيل، في الأساس من جانب وكلائها، لكن الوضع السياسي اللبناني، والتهديد الفعلي برد إسرائيلي كثيف يمكنهما أن يقلصا، وحتى يلغيا، حرية عمليات حزب الله في الوقت الحالي.

بحسب تقارير متعددة، كان سليماني مستهدَفاً من إسرائيل منذ أكثر من عقد، لكن حكومة أولمرت امتنعت من القيام بذلك بضغط أميركي - وكما تبين لاحقاً أن هذا كان خطأ من جانب الولايات المتحدة ومن جانبنا، لأن سليماني تحوّل في تلك السنوات إلى شخصية مهيمنة وفاعلة في كل مكان نجد فيه بصمات إيران الهجومية: صمود نظام بشار الأسد في سورية، السعي الإيراني للسيطرة على العراق، حرب أهلية في اليمن، عمليات إرهابية متعددة ضد السعودية، وتحويل حزب الله إلى عنصر عسكري. الكلمة الأخيرة لم تُقَل بعد، لا من جانب الأميركيين ولا من جانب الإيرانيين.