السعودية وإسرائيل: مَن بحاجة إلى مَن؟
المصدر
مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية

تأسس في سنة 1993 على يد الدكتور توماس هيكت، وهو من زعماء اليهود في كندا، وكان تابعاً لجامعة بار إيلان، وأُطلق عليه هذا الاسم تخليداً لذكرى اتفاق السلام الإسرائيلي -المصري الذي وقّعه مناحيم بيغن وأنور السادات. يعالج مسائل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني والصراعات في المنطقة والعالم. يميل نحو وجهة نظر اليمين في إسرائيل. كما أصدر المركز مئات الدراسات والكتب باللغتين العبرية والإنكليزية.

– "وجهة نظر"، العدد 1370
المؤلف
  • العلاقات بين إسرائيل والسعودية شهدت حرارة لبعض الوقت. فقد شعر البلدان بالقلق الشديد بسبب ما اعتبرته حكومتيهما ضعفاً من جانب إدارة أوباما في مواجهة صعود إيران. عارضت الدولتان الاتفاق النووي الإيراني. ورغبت الاثنتان في تدابير أشدّ صرامة في مواجهة تمدد  نفوذ طهران، ليس فقط في سورية. لكن مع كل ما قيل، إسرائيل- التي لا تستورد شيئاً من الخليج - تفضل عدم التدخل مباشرة في الصراع الإيراني - السعودي، لأنه من المرجح ألّا تستفيد من مثل هذا التدخل، ويمكن في الحقيقة أن تتضرر منه بشدة.
  • ترغب دول الخليج والسعودية في تنشيط اهتمام واشنطن بالمنطقة، لكن هذا يبدو أصعب مما كان عليه في الماضي، وليس فقط لأن الأميركيين تعبوا من التدخل العسكري في نزاعات بعيدة. لقد صرح الرئيس الأميركي علناً أن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة إلى نفط الخليج، وشدد على أن المستفيدين من هذه التجارة يجب أن يهتموا بأنفسهم فقط، مع تأييد عام من الولايات المتحدة ودعمها.
  • تواجه السعودية عواقب خطيرة نتيجة اشتباكها مع إيران الشيعية ووكلائها. نحو نصف إنتاج المملكة توقف – 5ملايين برميل يومياً - نتيجة هجوم الطائرات من دون طيار، الذي شنه الحوثيون المدعومون من إيران على منشآت أرامكو النفطية في أبقيق في 14 أيلول/سبتمبر 2019.
  • أثبت الهجوم أن الرياض غير حصينة في مواجهة هجمات طهران ووكلائها. وشن المزيد من الهجمات من الحوثيين على قطاع النفط السعودي يمكن أن يكون مدمراً، لأن النفط يشكل عمود الارتكاز المركزي للاقتصاد السعودي وحجر الزاوية في نموها. بحسب الأرقام الأخيرة لصندوق النقد الدولي، تشكل إيرادات النفط نحو 85% من الصادرات السعودية، ونحو 90% من الإيرادات المالية، كما يشكل قطاع النفط نحو 40% من إجمالي الناتج المحلي. ويبلغ العجز في الميزانية السعودية في كل عام، بحسب أسعار النفط الخام، نحو 40-60 مليار دولار.
  • السعودية بحاجة ماسة إلى طريق تصدير بديل لنفطها، وهذا هو سبب إضافي لانفتاح الرياض على القدس. لقد بدأت المملكة تتحدث مع إسرائيل بشأن مد خط أنابيب إلى إيلات، على مسافة 40 كيلومتراً فقط ، من أجل استيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي. ويمكن، تالياً، تطوير هذه الطريق لتشكل طريقاً بديلة لنقل النفط السعودي إلى مرفأ حيفا من أجل تصديره إلى أوروبا والغرب. هذه الطريق يمكن أن تكون أكثر أمناً وأسرع، وطريقاً مضمونة لتأمين التصدير السعودي إلى الغرب يمكن بواسطتها تجنُّب [تأثير] اعتداء إيراني على مضائق هرمز وباب المندب في البحر الأحمر. كما يمكنها أن توفر رسوم المرور في قناة السويس.
  • هذه الطريق يمكن أن تفتح سوق تصدير جديدة بالنسبة إلى السعودية. في الوقت الراهن تتطلع السعودية إلى استيراد الغاز الطبيعي، لكن في الوقت المناسب يمكن أن تتحرك نحو تطوير مخزونها من الغاز الطبيعي، والذي يُعتبر الخامس من حيث الحجم في العالم.
  • إسرائيل تطور احتياطها من الغاز الطبيعي، لكنها لا تملك ما يكفي لتبرير بناء خط أنابيب تصدير إلى أوروبا. أداة ربط مع المملكة العربية السعودية يمكن أن تميّل كفّة الميزان لصالح بناء خط أنابيب شرق متوسطي، قد يكون مربحاً جداً لكلا الشريكين.
  • سواء كانت السعودية تضغط من أجل حرب مع إيران أو لا، فإن خياراتها لتجنب ذلك تضيق. المملكة، التي تقع في مرمى الصواريخ الإيرانية، لديها الكثير لتخسره جرّاء مثل هذه الحرب أكثر مما لدى إيران.
  • تواصل إيران استغلال الاضطربات العديدة في الشرق الأوسط من أجل نشر نفوذها. إنها تبني جسراً يمتد من إيران، مروراً بالعراق، وصولاً إلى سورية والحدود الإسرائيلية في الجولان وإلى لبنان ("الهلال الشيعي"). يشكل الشيعة 10% فقط من سكان العالم الإسلامي، لكنهم يشكلون الأكثرية في إيران التي استخدمت الحركات الشيعية حيثما كانت من أجل ترسيخ هيمنتها الإقليمية.
  • اكتمال بناء الهلال الشيعي يمكن أن يشكل تحدياً كبيراً للمصالح السعودية في المنطقة. ويمكن أن يهدد طرق التجارة الحيوية والأمن في المنطقة كلها. كما يمكن أن يجعل التدخل في المناطق التي تخضع للسيطرة الإيرانية أكثر تعقيداً، بالنظر إلى احتمال نشوء التصعيد بين السعودية والقوات المدعومة من إيران. على العموم، الوجود الإيراني يغذي نمو التعصب المذهبي الذي يشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي في السنوات المقبلة. الرياض ستبذل كل ما في وسعها للتخفيف من هذا الخطر، والذهاب بعيداً إلى حد مد يد الصداقة إلى إسرائيل.
 

المزيد ضمن العدد 3227