قرار سحب القوات الأميركية من شمال سورية يحوّل إسرائيل إلى حليف أكثر أهمية لواشنطن من أي وقت مضى
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

  • قوبل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاضي بانسحاب القوات الأميركية من شمال سورية بغضب شديد ونقد حاد من اليمين واليسار في إسرائيل. وفي الوقت الذي يمكن فهم النقد الذي تركز على اعتبار هذا القرار بمثابة "خيانة" للأكراد، فإن النقد الذي تركّز على الهجوم على ترامب يعكس جهلاً كبيراً بماهية العلاقات الدولية وبالسياسة الخارجية الأميركية والاتجاهات العامة داخل المجتمع الأميركي.
  • إن العلاقات بين الدول تقوم على أساس وجود قدرة لدى كل دولة، ولو بالحد الأدنى، على تقديم المساعدة لنفسها. وكل دولة ينبغي لها أن تهتم بالحفاظ على استقلالها وسيادتها. ولا شك في أنه كان يتعين على الأكراد إدراك ذلك، وقد سبق لهم أن تعرضوا في الماضي لإهمال من جانب الولايات المتحدة في أوقات تغيرت فيها مصالح هذه الأخيرة، كما حدث سنة 1975 في ظل إدارة جيرالد فورد، وسنة 1992 في ظل إدارة جورج بوش الأب.
  • ولا بد من الإشارة إلى أن ترامب أعلن قبل نحو سنة أنه ينوي سحب القوات الأميركية من شمال سورية. وعملياً فإن سياسته تعكس سياسة بدأ بانتهاجها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وفحواها انسحاب الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط.
  • ومعروف أنه في الدول الديمقراطية تتقرر المصالح من طرف زعماء الدول وهي تعكس إلى درجة كبيرة أفضليات الشعب والرأي العام. وسياسة ترامب التي لا يمكن فصلها عن نزعاته الانفصالية، تعكس اتجاهات مركزية في أوساط الجمهور الأميركي. ويبدو أن الولايات المتحدة تعبت من الحروب بعد عقود عديدة من القتال في الشرق الأوسط لم يتم فيها إحراز إنجازات مهمة.
  • صحيح أن الولايات المتحدة لا تزال ترى في نفسها منارة القيم الديمقراطية وشرطي العالم، لكن مواطنيها تعبوا كثيراً من اللهاث وراء هذه الغاية. وليس مبالغة القول إن إقدام ترامب على إعادة جنود أميركيين إلى بيوتهم استجابة لرغبة الجمهور الأميركي سيخدمه في الانتخابات الرئاسية التي ستجري السنة المقبلة.
  • لا شك في أن انسحاب القوات الأميركية من شمال سورية يؤثر في المصالح الإسرائيلية. فهذا الانسحاب من شأنه أن يمنح كلاً من إيران وتركيا مزيداً من حرية العمل والنشاط في المنطقة، كما أن من شأنه أن يجعل دولاً أُخرى في الخليج الفارسي تقترب من طهران. لكن في المقابل، إن القرار يحوّل إسرائيل إلى حليف أكثر أهمية لواشنطن من أي وقت مضى، كما أنه يمنحها حرية عمل ونشاط أكبر لتحقيق أهدافها ولاستخدام القوة.

بدلاً من الانضمام إلى قائمة المنددين، يجب على إسرائيل أن تتأقلم مع الوضع الجديد الذي لم يكن مفاجئاً كما ذكرنا أعلاه، وأن تجد الأجوبة الملائمة. عليها أن تمتنع من الدعوة إلى وجود عسكري أميركي في المنطقة، لأن التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي شدّد دائماً على مبدأ الاعتماد على الذات. والمطلوب الآن كما كان دائماً هو أن تكون إسرائيل جاهزة للعمل بشكل مستقل حتى من دون أي حليف.  

 

المزيد ضمن العدد 3187

هارتس