استسلام صامت من دون قتال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • بعد أقل من أسبوع على إنجازه المذهل في الانتخابات، كرئيس للكتلة الأكبر في الكنيست، تنازل رئيس "أزرق أبيض" بني غانتس عن طلب قيامه بتشكيل الحكومة. وكان تفسير هذا التراجع من قبل "مصادر في الحزب" أن غانتس يفضل الانتظار إلى أن يحاول نتنياهو تشكيل حكومة ويفشل.
  • للأسف الشديد هذا التبرير الضعيف ليس مقنعاً. تنازُل غانتس يبدو استسلاماً لنتنياهو من دون قتال، واعترافاً بنجاح تكتيك اليمين – الذي عمل في العقد الأخير على نزع الشرعية عن الأحزاب التي تمثل المجتمع العربي. غانتس يتخوف، على ما يبدو، من أن يظهر أمام الجمهور كأنه "يستند إلى أصوات العرب المعادين للصهيونية ومؤيدي الإرهاب"، كما يصور القائمة المشتركة سياسيون وصحافيون من اليمين.
  • لقد تجاهل غانتس تأييد القائمة المشتركة لترشيحه لرئاسة الحكومة، على الرغم من أنه من دونها ليس لديه ولن يكون لديه فرصة لتشكيل ائتلاف حكومي. لقد امتنع من التحاور مع القائمة المشتركة بشأن المطالب التي قدمتها، ورد عليها باستخفاف ("برنامج أزرق أبيض يرد على الجميع") ولم يحاول ولو شكلياً منع تخلّي أعضاء بلد [حزب التجمع الديمقراطي] الذين رفضوا التوصية به - وهذا ما جعله يبقى مع توصية 54 عضو كنيست له أمام الرئيس، أي ناقص عضو كنيست واحد عن الأعضاء الـ 55 الذين أوصوا بنتنياهو.
  • لقد تخلى أعضاء بلد عن فرصة غير مسبوقة للتعبير عن موقفهم من المفاوضات السياسية، وتحصنوا وراء أيديولوجيتهم المعادية للصهيونية، التي تستبعد مسبقاً أي تعاون مع أي حزب لا يشكل جزءاً من القائمة المشتركة، من اليمين المتطرف وصولاً إلى ميرتس. يمثل حزب بلد موقفاً له وزنه في المجتمع العربي، ومن الجيد أنه لم يُستبعَد من المشاركة في الانتخابات. لكنه من خلال رفضه التوصية بغانتس، فإنه عملياً يؤيد استمرار حكم نتنياهو الفاسد والتحريضي. غطاء النقاء الأيديولوجي وتفاصيل ظلم الحركة الصهيونية للفلسطينيين من أيام هرتسل حتى نتنياهو لا يمكنهما تبرير مثل هذه الحماقة السياسية. في الخلاصة هم فضلوا بيبي على طيبي.

لكن غانتس على عكسهم، لا يستطيع أن يبرر استسلامه بتبريرات أيديولوجية. شعارات جوفاء عن "الوحدة" و"المصالحة"، إلى جانب مقاطعته عملياً ممثلي 20% من مواطني إسرائيل، وضعتاه جنباً إلى جنب في صف طويل من السياسيين من الوسط واليسار الذين تراجعوا أمام اختبارات الوطنية المناقضة لليمين، ومكّنوا نتنياهو من التحصن في كرسيه. من الواضح أن نتائج الانتخابات تجعل من الصعب على غانتس تشكيل ائتلاف والوفاء بوعده بالحلول مكان نتنياهو. لكن من خلال منح التفويض لخصمه، رمى طموحات مؤيديه وآمالهم في سلة النفايات.