هذا لن يحدث هنا
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- أنا ما زلت أعتقد، وليس مثل حيمي شاليف (في مقاله في "هآرتس في 6/9/2019")، أن هذا لن يحدث هنا؛ هتلر وموسوليني لن يعاد إحياؤهما في دولة إسرائيل - على الرغم من محاولات نتنياهو هدم الكوابح التي تعمل في إطار ديمقراطية فاعلة على منع صعود ديكتاتور. نتنياهو يقوم بذلك في الأساس ليفلت من براثن العدالة، وليس لأنه، أيديولوجياً، معادٍ للديمقراطية. فالأكيد أن الديمقراطية هي التي أوصلته إلى السلطة، وهي التي حافظت عليه هناك.
- في هذه الأثناء، نتنياهو على حق في أن الصحف ضده، وأن أغلبية وسائل الإعلام الإلكترونية تعمل وتتحدث ضده، على الرغم من سلطة الحكومة، وسلطة أصحاب المال القريبين في معظمهم من أصحاب السلطة. في هذه الأثناء يبدو أن الشرطة وجهاز القضاء يتقدمان ببطء - ببطء شديد في رأيي - نحو توجيه لوائح اتهام ومحاكمة من أجل انتقال نتنياهو إلى مكان يستحقه. صحيح أن أفيحاي مندلبليت [المستشار القانوني للحكومة] قدم، وسيقدم، تسهيلات لعائلة نتنياهو، بحجة عدم وجود أدلة لتوجيه اتهام معين، كما أن نتنياهو نجح في تعيين شخص ضعيف في منصب مراقب الدولة، وربما سينجح حتى جلسة الاستماع إليه، وربما بعدها، في تعيين مزيد من المتملقين، لكن جلسة الاستماع ستحدث. وحتى لو فاز نتيناهو في الانتخابات لا يبدو أنه سينجح في إعادة المارد القضائي إلى الزجاجة.
- لست متفائلاً بطبعي، لكن يبدو لي أن نتنياهو لم ينجح في إزالة حراس الأسوار من طريقه، ويوم الحساب قريب. وحتى لو فاز نتنياهو (من هنا الهستيريا في كلامه وأفعاله، مثلاُ الكاميرات في صناديق الاقتراع) في الانتخابات، فإنه ليس مؤكداً أن شركاءه - في الليكود وخارجه – سينجحون في إنقاذه من قبضة العدالة.
- إن مناصريه في معاقل الجهل وفي تجمعات كراهية اليسار والأشكيناز يقفون فعلاً وراءه كجدار منيع، وربما سيعطون نتنياهو الـ61 مقعداً التي يرغب فيها، لكنهم لن ينتصروا على مؤسسات القانون، وما دام هناك مواطنون محترمون، وهم موجودون اليوم، فإن الشرطة والشاباك سيسمحان للجهاز القضائي بالقيام بمهمته بأمانة.
- حيمي شاليف على حق في قوله إن الجمهور الإسرائيلي المستنير يظهر قدراً من اللامبالاة إزاء اقتراب يوم الانتخابات. لكن هناك ثقة بأن الجهاز القضائي سيقوم بما هو مطلوب منه. ليس لدي شك في أنه في اللحظة الحاسمة سيتدفق هذا الجمهور إلى صناديق الاقتراع ويصوت بنسب عالية جداً لإزاحة نتنياهو.
- في دولة ديمقراطية محصنة، لا يؤدي تعيين شخص واحد، مهما يكن غير كفؤ، إلى هدم مؤسسة كاملة، مثل مكتب مراقب الدولة. ذلك بأنه سيأتي بعده أشخاص أكفّاء، وهذا ما سيحدث في السنة المقبلة أو في سنة 2024 في البيت الأبيض، حيث سيصل إليه أشخاص أكفاء بعد دونالد ترامب، ولن تتدمر المؤسسة الرئاسية الديمقراطية.
- اليهود يختلفون عمّا كان عليه الألمان في الثلاثينيات، فالتقاليد الديمقراطية ترسخت هنا في دولة إسرائيل - على الرغم من أن أغلبية مواطنيها جاؤوا من دول غير ديمقراطية. لا يشبه هذا المكان ألمانيا خلال سنوات جمهورية فايمر القصيرة التي انهارت على خلفية أزمة اقتصادية عميقة وشعور مهين بالهزيمة في أعقاب الحرب العالمية الأولى. لا وجود لمثل هذه الصدمات هنا، والموجة المسيانية التي يركبها نتنياهو لا تزال تميّز أقلية من الشعب (مع أنها أقلية آخذة في الازدياد). لكن هنا لن يحدث ذلك.