من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- العمليتان الانتحاريتان اللتان نُفّذتا في قطاع غزة في أواخر آب/ أغسطس، وتسببتا بمقتل ثلاثة عناصر من الأمن الفلسطيني، جعلتا حركة "حماس" تدرك أنها فقدت سيطرتها على "مسيرات العودة"، أو الأصح على الناشطين المركزيين في الاحتجاج الذي بدأ في آذار/مارس من العام الماضي، وذلك بحسب تقدير مسؤولين كبار في المؤسسة الأمنية.
- في المقابل، تعتقد عناصر في القطاع، تحدثت إلى الصحيفة، أن وقوع "عثرات موضوعية" في الفترة الأخيرة لا يدل بالضرورة على فقدان الحركة السيطرة. ومن المنتظر أن تنشر "حماس" في الأسبوع المقبل تقريراً بشأن ما جرى في الليلة التي وقع فيها الهجومان في 27 آب/أغسطس.
- جزء كبير من الحوادث الأمنية الأخيرة في غزة، وكذلك الهجمات في عمق القطاع في الشهر الماضي، قام بها شبان كانوا من قادة التظاهرات بالقرب من السياج الحدودي. ففي ظل خيبة الأمل التي شعر بها هؤلاء الشبان - الذين ينتمون إلى "منتدى الشباب الثوريين في غزة" – تجاه سلوك "حماس" وتجاه ما أنجزته بعد مئات القتلى وآلاف الجرحى في جولات التصعيد مع إسرائيل، قرروا مغادرة الحركة والانتقال إلى العمل كعصابات صغيرة برعاية حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وتنظيمات مارقة أُخرى في القطاع. وفي المؤسسة الأمنية ثمة اعتقاد أيضاً أن هؤلاء الشباب شعروا بالإحباط أيضاً من الطريقة التي تتصرف بها "حماس" مع إسرائيل - عبر التخلي عن المواجهة - والتي لا تحسّن في رأيهم الوضع الاقتصادي لسكان غزة، ووصلوا إلى خلاصة مفادها أن الحركة لم تعد قادرة على تمثيلهم بعد الآن.
- في اليوم الذي وقع فيه الهجومان في غزة، وبعد لحظات من سماع التفجيرات، غادر عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية مواقعهم على طول الحدود، كإجراء روتيني تحسباً لرد محتمل من إسرائيل. وبسرعة عاد عناصر الأمن إلى مواقعهم من دون خوف. وفي إسرائيل لاحظوا أن "حماس"، وفي خطوة استثنائية، لم تغلق الشريط الساحلي أو معابر الحدود، كما كانت تفعل في الماضي بعد عمليات الاغتيال أو عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة - مثل عملية خانيونس في تشرين الثاني/نوفمبر - من أجل العثور على المنفذين أو مساعديهم المحتملين. والتقدير أن هذا القرار الاستثنائي لـ"حماس" اتُخذ انطلاقاً من إدراك واضح أن الهجومين الانتحاريين جرى التخطيط لهما "في الداخل". وبعدها قررت الحركة القيام بعملية تحرِّ داخلية لفهم الوضع الجديد التي تواجهه وكيفية التعاطي معه.
- في "حماس" هناك منذ فترة طويلة وعي للغليان المتصاعد في أوساط الشبان الذين كانوا جزءاً مركزياً من مسيرات العودة، وشاركوا في أعمال العنف التي رافقتها في السنة ونصف السنة الأخيرين. وقد حاولت الحركة السيطرة على التظاهرات على طول السياج، في مواجهة محاولات أعضاء منتدى الشباب الثوريين فرض سياسة أكثر حزماً في مواجهة إسرائيل. وقد كان أعضاء هذه المجموعة من المبادرين إلى التظاهرات ضد إسرائيل حتى قبل أن تقوم "حماس" برعايتها.
- لم يأتِ الشبان المارقون في غزة من صفوف المنتدى فحسب، بل أيضاً من أفراد الوحدة الليلية في "حماس" "الضباب" التي يستغل أفرادها الظروف الجوية والظلام من أجل القيام باستفزازت في مواجهة قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود، وأيضاً من ناشطي وحدات الطائرات الحارقة والبالونات المشتعلة.
- تعتقد جهات أمنية إسرائيلية أن كبار المسؤولين في "حماس" فوجئوا بالهجومين الانتحاريين في آب/أغسطس. وقد أحرج الحركة حقيقة وجود أشخاص من داخل القطاع، بعضهم كان في الماضي ينتمي إلى الحركة، حصلوا على مساعدة من الجهاد الإسلامي لتنفيذ هجوم ضم انتحاريين فلسطينيين. وبحسب هذه المصادر، وضع الهجوم زعماء "حماس" في مواجهة أكبر اختبار لزعامتهم منذ سيطرة الحركة على القطاع سنة 2007.
- في المؤسسة الأمنية، ثمة اعتقاد أن "حماس" أدركت بعد الهجوم أن توجه الشباب إلى الانضمام إلى تنظيمات مارقة في القطاع، من أجل تصليب موقفها في مواجهة إسرائيل، يشكل أهم تهديد لاستمرار سلطتها، ذلك بأنه تهديد من الداخل. لكن، وبخلاف الماضي، لم تقم "حماس" باعتقالات واسعة لكبار المسؤولين في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وركزت على ناشطين صغار في التنظيم. فالمعتقلون كانوا، في أغلبيتهم، وحتى الفترة الأخيرة، يشاركون في المواجهات على السياج الحدودي مع الجنود الإسرائيليين.
- والتقدير في المؤسسة الأمنية أن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني زودت الشباب الذين غادروا "حماس" بالوسائل المطلوبة لتحقيق هدفهم - وهو الضغط على "حماس" التي تسيطر على القطاع كي تنتهج خطاً أكثر تشدداً ضد إسرائيل. وربما أيضاً، لم تكن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، وأساساً قيادة الحركة، على علم بأن نية هؤلاء الشباب الذين تركوا "حماس" القيام بهجوم انتحاري ضد عناصر "حماس". فلو عرفوا بذلك لكانوا منعوا الهجوم.
- في إسرائيل يدركون جيداً أن التوترات في غزة، واحتمالات التصعيد يتقرران بناء على موضوعين مهمين: أولاً، نتائج التظاهرات بالقرب من السياج، إذ تلاحظ المؤسسة الأمنية ارتفاعاً ملحوظاً في التوتر كلما كان عدد المصابين والقتلى كبيراً.
- وفي نصف السنة الأخير قرر الجيش التقليل بصورة كبيرة من استخدام القناصين في مواجهة المتظاهرين، الذين تسببوا بسقوط مئات القتلى منذ بداية "مسيرات العودة"، بالإضافة إلى الإصابات البليغة في صفوف المتظاهرين، وارتفاع كبير في عدد المعوقين في القطاع. في الأشهر الأخيرة قرر الجيش تغيير الاتجاه والانتقال إلى استخدام بندقية "روجر" 0.22 ضد المحرضين بين المتظاهرين، والتي يستخدمها الجنود الإسرائيليون ضد المتظاهرين في الضفة الغربية من أجل الحد من الإصابات في الأرواح.
- فمعظم المتظاهرين أصيبوا بجروح جرّاء إطلاق النار من بندقية روجر، والتي كان الانتقال إلى استخدامها من الأسباب التي أدت إلى تراجع عدد القتلى في التظاهرات بصورة كبيرة. بناء على معطيات الجيش، منذ بداية التظاهرات في آذار/مارس 2018 وحتى كانون الثاني/يناير 2019 قُتل 250 فلسطينياً في ما يسمى "إرهاب رمادي" – لا يشمل مسلحين وخلايا إرهابية منظمة تسللت إلى إسرائيل من غزة. ويظهر أيضاً أنه منذ بداية السنة الحالية وحتى اليوم قُتل في التظاهرات على السياج 23 فلسطينياً، بينهم قتيلان خلال يوم الجمعة الأخيرة.
- قام الجيش الإسرائيلي بعملية ملاءمة فيما يتعلق بسياسة فتح النار على المشتبه بهم الموجودين في منطقة "الإطار" القريب من السياج، والذي يُحظَّر على سكان غزة الدخول إليه. وفي تموز/يوليو قُتل بنيران الجيش ناشط في وحدة الكبح في "حماس" التي تحافظ على الأمن على حدود القطاع. واعترف الجيش بأن ما جرى هو إطلاق نار عرضي "مصدره سوء فهم"، وأدت الحادثة إلى التشدد في أوامر البدء بإطلاق النار في اتجاه الإطار.
ثانياً، فيما يتعلق بالبالونات الحارقة لم تتغير سياسة الجيش الإسرائيلي بهذا الشأن، وحتى اليوم ليس هناك موافقة على فتح النار على مطلقي البالونات. ففي الجيش يعرفون أن ما يجري غالباً هو إرسال أولاد من قبل شخص آخر لإطلاق البالونات. لذلك تقرَّرَ عدم فتح النار في اتجاههم حتى لو جرى كشفهم قبل إطلاق البالون. لكن في الحالات التي فيها أخبار تؤكد أن البالون يحمل مواد ناسفة، فإن الأوامر تقضي بمنع إطلاقه على إسرائيل حتى لو كان الثمن ضرب من يُطلقه.