من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- حزب الله سيرد على الهجومين المنسوبين إلى إسرائيل، في سورية ولبنان. هذا هو التقدير الواضح الذي عرضته المؤسسة الأمنية على المستوى السياسي في الأمس (الإثنين). حالة التأهب العالية في الجيش الإسرائيلي مستمرة، وخصوصاً على طول الحدود مع سورية ولبنان، لكن اليقظة مستمرة أيضاً على الحدود مع قطاع غزة خوفاً من تصعيد آخر هناك.
- إسرائيل أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في سورية في نهاية يوم السبت، والذي قُتل فيه عنصران من حزب الله، أعضاء في خلية يقودها الحرس الثوري الإيراني كانت على وشك القيام بهجوم بواسطة مسيّرات مفخخة في هضبة الجولان. بعد بضع ساعات على ذلك انفجرت مسيّرة محملة بمواد ناسفة فوق مكتب تابع لحزب الله في الضاحية، المربع الشيعي في الجنوب اللبناني. لم تتحمل إسرائيل المسؤولية عن ذلك، لكن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اتهمها بتنفيذ العملية في الخطاب الذي ألقاه في بيروت مساء أول أمس. وهدد نصر الله أيضاً علناً بالرد بواسطة هجوم على طول الحدود ضد جنود الجيش الإسرائيلي.
- هناك إدراك في إسرائيل أن نصر الله سيتمسك بكلمته. لقد رسم حزب الله في خطابات نصر الله في الأشهر الأخيرة خطوطه الحمراء في المعركة بين الحروب التي تخوضها إسرائيل. وقال الحزب إنه سيرد على أي هجوم على عناصره في سورية، وعلى أي محاولة هجوم عليه في الأراضي اللبنانية. وقد كرر نصر الله هذا الكلام بقوة في خطاب أول أمس.
- استمرار التطورات مرتبط إلى حد بعيد بنتائج رد حزب الله. في جولة التصعيد السابقة بين الطرفين في كانون الثاني/يناير 2015، اختارت إسرائيل "احتواء" الوضع بعد أن قتل حزب الله ضابطاً وجندياً إسرائيليين في مزارع شبعا، رداً على مقتل 7 ناشطين لبنانيين وإيرانيين في عملية نُسبت إلى إسرائيل في الجولان السوري. إذا تسبب هجوم حزب الله بوقوع كثير من الإصابات، يمكن أن ترد إسرائيل بعملية. بكلام آخر، النتائج التكتيكية يمكن أن تفرض مرة أُخرى مسار الأمور على المستوى الاستراتيجي.
- في خطابه في بيروت تحدث نصر الله عن هجوم آخر منسوب إلى إسرائيل على الحدود السورية العراقية. تسعة مقاتلين من الميليشيات العراقية، من كتائب حزب الله العراقية (نوع من حركة شبيهة بحزب الله اللبناني) قُتلوا جرّاء قصف طائرة مسيّرة الجانب العراقي من الحدود. وقبيل فجر أمس أيضاً، وبعد ساعات من تهديد نصر الله إسرائيل ورسمه الخطوط الحمراء، نشرت تقارير عن هجوم آخر غير مسبوق في لبنان. وبحسب التقارير قصفت مسيّرات إسرائيلية قاعدة تابعة لمنظمة فلسطينية منسية هي "الجبهة الشعبية - القيادة العامة"، التي أسسها أحمد جبريل، في البقاع اللبناني، ليس بعيداً عن الحدود السورية. في الماضي استخدم الإيرانيون منظمة جبريل وحزب الله كفروع عملياتية للقيام بهجمات لا يريدون تحمل مسؤولية مباشرة عنها. من المحتمل أيضاً هذه المرة أن خلفية الحادثة هي مشابهة.
- في جميع الأحوال، يبدو أن الهجمات الأخيرة المنسوبة إلى إسرائيل تلمح إلى إيران وحزب الله بسياسة جديدة أكثر قتالية. يضاف إلى هذه الأحداث هجمات مباشرة من رئيس الأركان أفيف كوخافي ووزير الخارجية الإسرائيلي كاتس، ضد الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. فقد اتهم كوخافي سليماني بمسؤولية التخطيط للهجوم بمسيّرات في الجولان. ولمّح كاتس إلى أن سليماني يمكن أن يتأذى شخصياً من خطوات إسرائيلية.
بين السياسي والأمني
- المواجهة الحالية بين إيران وإسرائيل مستمرة معظم سنوات العقد. في بداية الحرب الأهلية في سورية ركزت الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل على شحنات السلاح الإيرانية التي تنتقل من الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان. ومنذ كانون الأول/ديسمبر 2017 طرأ تغيير: على الأقل جزء من الهجمات أصبح موجهاً ضد محاولات التمركز العسكري الإيراني في أنحاء سورية، ضد منظومات السلاح التي نشرها الإيرانيون، وقواعد الميليشيات الشيعية التي تعمل بإمرتهم.
- في الشهر الماضي، وبحسب تقارير صحف أجنبية، طرأ تغيير إضافي في السياسة: بدأت إسرائيل بمهاجمة أهداف إيرانية في الأراضي العراقية (لاحقاً تبين أن جزءاً من الهجمات المنسوبة إليها كانت خللاً أدى إلى انفجار قذائف في مخازن سلاح الميليشيات). من هنا، كما يبدو، ولدت محاولة الرد الإيراني التي أحبطت في نهاية يوم السبت بتفجير من سلاح الجو.
- بكلمات أُخرى، وسّعت إسرائيل حدود المعركة ضد إيران، وحاولت طهران الرد بهجوم، أدى إحباطه إلى وضع الطرفين على مشارف دائرة دموية تصعيدية. هذا يثير سؤالين: ما هو سبب تغيير السياسة الإسرائيلية، وهل هناك مبرر لذلك؟
- للمعارضة في إسرائيل هناك نوعان من ردود الفعل، تقريباً تلقائية، عندما تقرر الحكومة تصعيد خطواتها العسكرية. أزرق أبيض (ثلاثة من أربعة من كبار مسؤوليه هم رؤساء أركان سابقون) ينتقل إلى صمت متوتر، وطني، ويحيّي الجيش الإسرائيلي، بينما يهاجم نتنياهو بشدة بسبب سياسته المنضبطة في غزة (أول أمس تعرض رئيس الحكومة للانتقاد مجدداً على خلفية إطلاق صفارات الإنذار في إثر إطلاق صواريخ على سديروت خلال عرض جماهيري). أصوات أُخرى، في الأساس على شبكات التواصل الاجتماعي، تتهم الليكود بمؤامرة سياسية، في إطارها يجري إشعال الحدود بهدف تغير جدول الأعمال في الحملة الانتخابية وفرض نقاش أمني، كما يبدو يخدم نتنياهو.
- مثل هذه الإدعاءات سمعناه في الماضي أيضاً، على خلفية الحادثة المذكورة في كانون الثاني/يناير 2015، التي حدثت أيضاً عشية انتخابات. يومها اتضح أنها مفبركة، وتصرّف نتنياهو بطريقة منضبطة، ولم يدهور الوضع إلى مواجهة مع إيران وحزب الله. طوال سنوات تصرّف رئيس الحكومة بصورة عامة، بحذر ومسؤولية في قيادته الخطوات في الشمال، خوفاً من الانزلاق إلى حرب.
- السؤال المطروح الآن هل تغير شيء ما في تروّي نتنياهو، إزاء وضعه غير المريح في استطلاعات الرأي، وحاجته إلى تخطي سقف 61 عضو كنيست من دون ليبرمان، وتأليف الحكومة المقبلة، ووقف الخطوات القانونية المتبلورة ضده.
- في إسرائيل، يمتزج السياسي دائماً بالأمني، ومن الصعب جداً التفريق الكامل بين الاعتبارات المختلفة. من المحتمل طبعاً أن الاعتبار المركزي لنتنياهو هو أمني: كشف إسرائيل لخطوات إيرانية متصاعدة لبناء قوة عسكرية على حدودها وشن هجمات ضدها، وبحسب ما نُسب إليها، هي تعمل لإحباط هذه الخطوات، في عمق الأراضي العراقية واللبنانية.
- في هذا الشأن، بالإضافة إلى ضعف المعارضة وغياب رقابة خارجية من لجنة الخارجية والأمن خلال فترة ما بين المعركتين الانتخابيتين، يجب أيضاً الإشارة إلى ضعف المجلس الوزاري المصغر. نتنياهو هو وزير دفاع ولا يوجد في الطاقم الوزاري وزراء كبار ذوو خبرة من نوع إيهود باراك، وبوغي يعلون، وليبرمان، الذين كانوا يتحدّونه كما في الماضي. وكما أشار إليه مراسل "هآرتس" حاييم ليفنسون، الطاقم الوزاري الحقيقي مؤلف اليوم من المستشارين المقربين من رئيس الحكومة (السفير السابق في الولايات المتحدة رون دريمر، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس الشاباك مئير بن شابات، وبصورة أقل رئيس الأركان كوخافي). يظهر هنا أن الذي يسيطر هو خط صقري يتطابق مع وجهة نظر نتنياهو.
في الخلفية، يجب التذكير بالتطورات التي من المنتظر حدوثها بين الولايات المتحدة وإيران. بداية وصول وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف فجأة إلى باريس، حيث تُعقد قمة زعماء الدول السبع. في الأمس صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أمله بتهيئة الظروف لعقد قمة بين رئيسي الولايات المتحدة وإيران في الأسابيع المقبلة. وهذا تطور مهم جداً، لكن ثمة شك في أن نتنياهو، الذي يريد تشديد الضغط الأميركي على إيران، سيرى في ذلك خبراً جيداً.