في ألمانيا، نضال سلمي ضد جرائم حرب يمكن أن يعتبر غير شرعي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  •  اللوبي الإسرائيلي يعمل على ذلك؛ وزارة الشؤون الاستراتيجية تحضر الملف؛ السفارة في برلين بدأت بتوزيع اقتراح قانون جديد في بوندستاغ، قانون إحناء الرأس. بحسب الاقتراح، كل من يأتي على ذكر اسم إسرائيل سيُطلب منه أن يطرق رأسه وينحني في كل مرة يُذكر فيها اسمها الصريح. لا مجال لذكر إسرائيل من دون احناء الرأس، هذا هو درس المحرقة. وأي خرق للقانون سيعتبر عداء للسامية. ذكر إسرائيل من دون الركوع يُعتبر جناية. سياسيون، مقدمو برامج تلفزيون، وطبعاً مواطنون، سيعتادون على الركوع، كما في تايلند. في كل مكان يدخل إليه الملك يركع الجمهور على الأرض، وهذا ما سيحدث لدى ذكر إسرائيل، ألا تستحق ذلك؟ هل هناك رد أكثر عدلاً على العداء للسامية؟ بعد ألمانيا سينضم مزيد من الدول، بينها ولايات كثيرة في الولايات المتحدة. يجب فقط أن نتخيل أي نجاح كبير ستحققه الدبلوماسية الإسرائيلية.
  • لسنا بعيدين عن حدوث ذلك. إذا تبنت الحكومة الألمانية قرار البوندستاغ الذي اعتبر حركة مقاطعة إسرائيل حركة معادية للسامية، سيكون معنى ذلك أننا وصلنا إلى هناك. ستصبح حركة الـBDS خارجة عن القانون، أو على الأقل لن تستطيع العمل في المجال العام. بالأمس كتبت نوعه لنداو في "هآرتس" أن إسرائيل تضغط بواسطة أجهزتها الدعائية على حكومة ألمانيا لاتخاذ القرار. في النهاية الحكومة ستخضع تماماً كما خضع برلمانها عندما اتخذ هذا القرار المضلل. النضال غير العنيف ضد جرائم الحرب سيُعتبر غير قانوني. المحتَل سيصبح ضحية. حرية التعبير ستصبح مضحكة. لا يوجد شبيه لذلك في دولة ديمقراطية.
  • قبل أن يقوم سفير إسرائيل في ألمانيا جيريمي يسّخروف- الذي اعتبر توقيع مثقفين يهود عريضة ضد القانون "عاراً"- بفتح قنينة شمبانيا وينقل تقارير عن نجاحه إلى القدس، من الواجب أن نتساءل: هل فعلاً هذا نجاح؟ لإسرائيل؟ لليهود؟ هذا النشاط العدواني المدمر لن ينفجر في وجه إسرائيل؟ هذه النجاحات الوهمية التي تحققت بطرق غير مشروعة تماماً، وتقوم على ابتزاز عاطفي لألمانيا وسائر العالم، واستخدام منظمات متعددة تستخدم مختلف أنواع الضغط، هل لن تدفع ثمنها ذات يوم إسرائيل التي تقف وراء هذه المعركة البذيئة؟
  • إسرائيل خلقت لنفسها فزاعة –عدواً، اسمه أدولف BDS، وقررت شن حرب عليه. الفلسطينيون هُزموا، الدول العربية مشغولة بشؤونها، إيران وحدها لم تعد تكفي، وإسرائيل بحاجة ماسة إلى خطر وجودي آخر، وحركة المقاطعة التي أسسها عمر البرغوثي سقطت مثل الثمرة الناضجة بين يدي عدد من السياسيين والدبلوماسيين الإسرائيليين. فجأة لم يعد غلعاد إردان وزيراً للشرطة فقط التي تهتم بأم الحيران وتقارير مخالفات المرور، الآن هو أيضاً وزير استراتيجي، مع جهاز منتفخ بأهمية ذاتية، وميزانيات هائلة، ومدراء عامين ولقاءات مع رئيس الموساد. لم يكن يتوقع أفضل من ذلك. لقد تبين أن وسم حركة الـBDS  بالعداء للسامية مثل أي انتقاد لإسرائيل هو الاستراتيجيا الأكثر نجاعة من غيرها. محاربة العداء للسامية يحل أي أزمة دعاية لإسرائيل. قل فقط "عداء للسامية" يخرس العالم. يستطيع أحد أن يقتل أطفالاً في غزة ثم يقول "معاداة السامية" ويقمع أي انتقاد. أوروبا حساسة تجاه ذلك. دعونا نستغل ذلك بقدر المستطاع.
  • من الصعب أن نصدق أن جميع أعضاء البوندستاغ الذين صوتوا مع قرار يعرّف نضالاً من أكثر النضالات شرعية بأنه معاد للسامية، وافقوا على ذلك. يمكن الافتراض أنهم في قرارة أنفسهم كان لديهم شكوك وربما حتى معارضين لهذه الخطوة التي فُرضت عليهم. ليس فقط في ألمانيا. في معظم الدول الأوروبية من الصعب توجيه النقد إلى إسرائيل من دون أن تُتهم بالعداء للسامية.
  • إنه أكبر نجاح تحققه آلة الدعاية الإسرائيلية. وهذا سيؤدي ذات يوم إلى هزيمة، وعندما يطفح الكيل، ستتجرأ المعارضة على رفض هذه المعادلة الكاذبة.
  • عندما سيُقر قانون إحناء الرأس، سيضطر الألمان إلى الركوع أمام إسرائيل وليس فقط إلى الرقص على أنغامها، وربما سيقوم من يوقف مسيرة الجنون هذه؟