جولة القتال الأخيرة في قطاع غزة أثبتت أن "حماس" تقوم بتحسين قدراتها القتالية
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  •  كانت جولة القتال الأخيرة في منطقة الحدود مع قطاع غزة الأكثر فتكاً بين جولات القتال التي لا لزوم لها منذ عملية "الجرف الصامد" العسكرية في صيف 2014. ولا شك في أن معطيات هذه الجولة توضح هذا الاستنتاج أكثر من أي شيء آخر. فعلى مدار 57 شهراً منذ انتهاء تلك العملية العسكرية لم يُقتل أي مستوطن إسرائيلي، في حين أنه في الجولة الأخيرة قُتل 4 مستوطنين جرّاء الصواريخ التي أُطلقت من القطاع، وفي الجانب الفلسطيني قُتل 30 شخصاً. وخلال ساعات القتال الـ60 أُطلق في اتجاه إسرائيل نحو 700 صاروخ، في حين أنه خلال أيام القتال الـ50 سنة 2014 تم إطلاق 4500 صاروخ.
  • استخدمت حركة "حماس" خلال هذه الجولة القصيرة أدوات قتالية جديدة. ويتبين بجلاء الآن أن لدى "حماس" صواريخ أكثر بكثير مما تقدّر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. ووفقاً لتقديرات هذه الأجهزة تمتلك "حماس" نحو 15.000 صاروخ معظمها من إنتاج ذاتي. ويبدو كذلك أن الرؤوس الحربية لهذه الصواريخ باتت أكبر وأن مداها آخذ في الاتساع أكثر فأكثر. كما أنها تمتلك طائرات مسيّرة كانت إحداها مسلحة وحاولت "الانتحار" وسط مجموعة جنود. وقامت بإطلاق قذائف صاروخية بوتيرة مثيرة للانطباع، وفي إحدى المرات أطلقت أكثر من 100 قذيفة بهدف بلبلة منظومة "القبة الحديدية". كما أقدمت على محاولة مفاجأة إسرائيل من خلال هجوم سيبراني استهدف بنى تحتية مدنية مهمة يرفض الجيش الإسرائيلي تقديم أي تفاصيل بشأنها.
  • وأقامت حركة "حماس" مع حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني التي يتهمها الجيش الإسرائيلي بالاستفزازات التي تسببت باندلاع موجة التصعيد الأخيرة، غرفة قيادة حربية مشتركة ووزعتا فيما بينهما جبهات القتال المتعددة وأثبتتا قدرة كبيرة على التنسيق والقيادة والسيطرة. وكل هذه الأمور تثبت أن حركة "حماس" تقوم بتحسين قدراتها بمساعدة خبراء وأشخاص مهنيين من غزة.
  • في المقابل دخل الجيش الإسرائيلي إلى هذه المواجهة وهو أكثر جهوزية، ولا سيما سلاح الجو وأجهزة الاستخبارات. وقام سلاح الجو بمهاجمة 350 هدفاً في القطاع. وتمكنت "القبة الحديدية" من تقليص الوقت الذي تستغرقه لتحديد الصواريخ وإسقاطها وزادت من مدى تغطيتها. والمعلومات الاستخباراتية كانت دقيقة وأتاحت لشعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"] وجهاز الأمن العام ["الشاباك"] بالتنسيق مع سلاح الجو إمكان استئناف عمليات الاستهداف الموضعية التي امتنعت إسرائيل من القيام بها منذ عملية "الجرف الصامد".
  • مع كل ذلك، لا بد من القول إن الجيش الإسرائيلي وضع لنفسه خطاً أحمر بتوجيه من المؤسسة السياسية وقرر عدم تجاوزه. وكانت الأوامر للجيش بهذا الشأن تقضي بأن يوجّه ضربات قوية لكن من دون تجاوز الخط الأحمر، كي لا يتسبّب ذلك باندلاع حرب شاملة. كذلك لا بد من القول إن "حماس" كبحت نفسها، ولم تقم بتفعيل كل ما في حيازتها من قدرات. وحقيقة أن "حماس" امتنعت من إطلاق صواريخ في اتجاه تل أبيب وغوش دان [وسط إسرائيل] تثبت أنها أدركت ما يمكن أن يعني ذلك في نظر إسرائيل.
  • مع انتهاء جولة التصعيد الأخيرة بقيت إسرائيل وقطاع غزة واقفتين في نفس المكان الذي كانتا فيه قبل هذه الجولة. ومنذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة مصرية وتدخل معيّن من طرف قطر، يخوض الجانبان حرباً على الوعي، تهدف إلى إقناع الرأي العام لدى كل منهما بأن هذه الجولة كانت حتمية وليست زائدة.
  • ولعل ما يجب قوله بخصوص إسرائيل هو أن الحكومة الإسرائيلية لا تسعى لغاية سياسية محددة فيما يتعلق بغزة. كما لم يتضح ما الذي يحرّك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إزاء هذا الموضوع. وما يمكن تقديره فقط هو أن غايته الأسمى هي تشويش إمكان إقامة دولة فلسطينية. وتهدف إجراءاته إلى تكريس الفصل والانقسام بين غزة والضفة وإقامة كيانين منفصلين لنفس الشعب.
  • في هذه الأثناء سيظل اتفاق وقف إطلاق النار هشاً. وهذا ما يؤكده أيضاً كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذين يقرّون علناً بأنه ما من ضمانة أكيدة بأن يصمد هذا الاتفاق وقتاً طويلاً حتى جولة التصعيد المقبلة.