"صفقة القرن" يمكن أن تنطوي على بشرى إحداث تحوّل إيجابي آخر لمصلحة إسرائيل فيما يتعلق بمكانة الضفة الغربية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • في حزيران/يونيو القريب، مع نهاية شهر رمضان، تعتزم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نشر تفاصيل "صفقة القرن" التي تهدف إلى أن تنهي بجرة قلم النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني الذي يعود إلى 100 سنة. وحتى قبل أن تولد هذه الصفقة يسارع الكثيرون منذ الآن إلى دفنها، وقبل أي شيء لا يخفي عموم الشركاء تحفظهم منها أو حتى يعلنون على الملأ أنهم سيرفضون قبولها.
  • ويراقب الفلسطينيون كيف أن حلمهم بالحصول على إملاء دولي لعموم مطالبهم من إسرائيل على طبق من فضة آخذ بالتبدّد شيئاً فشيئاً. وبقدر ما يتعلق الأمر بالاستجابة لتطلعات الفلسطينيين يبدو أن "صفقة القرن" بعيدة بُعد الشرق عن الغرب عن التنازلات التي كانت إدارات أميركية سابقة من كلينتون وحتى أوباما مستعدة لأن تمنحهم إياها. ففي خطة ترامب لا يرِد أي ذكر لإقامة دولة فلسطينية، وليست فيها أيضاً مطالبة من إسرائيل بالانسحاب من كل أراضي يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى خطوط حزيران/يونيو 1967.
  • ولا شك في أن عدة دول عربية لا يمكنها أن تسمح لنفسها بأن تُصوّر في أوساط الرأي العام العربي أنها "باعت" القضية الفلسطينية بثمن بخس في مقابل مساعدة اقتصادية أميركية، ستسير في أعقاب الرفض الفلسطيني لـ"صفقة القرن". وبطبيعة الحال كان سيسر حكام هذه الدول إنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني كي يتفرغوا للمشكلات الحقيقية التي تشغل بالهم، كالتهديد الإيراني أو الاقتصادات المنهارة، لكن من هنا وحتى الاستعداد للسير مع إسرائيل وترامب من وراء ظهر الفلسطينيين ما تزال المسافة بعيدة.
  • في إسرائيل أيضاً ولا سيما في معسكر أحزاب اليمين يعربون عن تخوفهم من الصفقة التي يبدو أن إسرائيل ستكون مطالبة في إطارها بالتنازل عن أجزاء مهمة من أراضي يهودا والسامرة. وحتى إن لم تقم في هذه الأراضي دولة فلسطينية، فمن شأن وجود السلطة الفلسطينية فيها أن يجعلها تترسخ كحقيقة شرعية ومعترف بها أمام الأسرة الدولية.
  • السيناريو إذاً بات معروفاً مسبقاً: الأميركيون سيقترحون الخطة، وهذه ستُرفض أو تذوب وتدخل كتب التاريخ كـ"خطة أخرى"، واحدة من خطط كثيرة طُرحت لحل النزاع على مدار 100 سنة، لكنها لم تجلب السلام المنشود.
  • مع ذلك من الخطأ التفكير في أن "صفقة القرن" لن تقدّم شيئاً أو تؤخره، وهناك احتمال بأن تكون لها آثار بعيدة المدى على مستقبل العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين، بل وأهم من ذلك على مستقبل إسرائيل.
  • أولاً، ستصبح تفاصيل الصفقة نقطة انطلاق لأي بحث مستقبلي لمسألة النزاع. وهكذا بدلاً من خطة كلينتون أو إلى جانبها، أو عرض [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت على [رئيس السلطة الفلسطينية] محمود عباس، سيكون ممكناً عرض "صفقة ترامب" التي من شأنها تحسين موقف المساومة الإسرائيلي في وجه أي إدارة أميركية، بل وفي وجه الأسرة الدولية التي ما تزال ترى في خطة كلينتون وعرض أولمرت الأساس الذي يجب بدء كل مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين انطلاقاً منه.
  • ثانياً، في الصفقة ثمة ما يدفع قدماً بحل وفي واقع الأمر ما يشطب من جدول الأعمال عدة مسائل مركزية للجانبين، وعلى رأسها مسألة اللاجئين الفلسطينيين. فالخطة الأميركية التي تقول إنها لن تمنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين وأنه يجب توطينهم في أماكن وجودهم يمكن أن تنفذ حتى من دون اتفاق شامل، وسيكون في ذلك ما يسهل إمكان تحقيق اتفاق كهذا في المستقبل.
  • أخيراً، الصفقة كفيلة بأن تمنح الحكومة الإسرائيلية فرصة كي تدفع إلى الأمام برؤياها بشأن إحلال القانون الإسرائيلي على أجزاء من أراضي يهودا والسامرة، وأساساً على الكتل الاستيطانية التي يوجد بشأنها إجماع شامل في إسرائيل. وفي ضوء الرفض الفلسطيني المتوقع لـ"صفقة القرن"، وغياب أي احتمال للتقدم نحو السلام، يمكن لإسرائيل أن تدّعي عن حق من ناحيتها أنه لا يمكنها أن تنتظر بعد اليوم الجانب الفلسطيني وأن تسعى لأن تحقق خطوات من جانب واحد بروح صفقة إدارة ترامب، ويمكن الافتراض بدعمها أيضاً.
  • وهكذا بعد 52 سنة من "حرب الأيام الستة" في حزيران/يونيو 1967، فإن "صفقة القرن" في حزيران/يونيو 2019 يمكن أن تنطوي على بشرى تغيير إلى درجة إحداث تحوّل إيجابي آخر لمصلحة إسرائيل فيما يتعلق بمكانة يهودا والسامرة. ويبدو أن هذا التحوّل من شأنه أيضاً أن يحظى باعتراف أميركي شبيه بالاعتراف الذي منحه الرئيس ترامب للوجود الإسرائيلي في هضبة الجولان.