تخلّي إسرائيل عن سياسة الغموض في سورية قد يجبر الطرف الثاني على الرد
تاريخ المقال
المصدر
يديعوت أحرونوت
–
الموقع الإلكتروني
- رفعت إسرائيل ستار الغموض الذي غطى عملياتها ضد إيران ووكلائها في سورية. منذ أيلول/سبتمبر يكشف كبار المسؤولين الإسرائيليين تفاصيل تتعلق بحجم الهجمات ويتحدثون عن عمليات محددة، مثلاً ضد أهداف إيرانية في مطار دمشق الدولي، وهذا ما فعله في المرة الأخيرة هذا الأسبوع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. هم يدّعون أن كسر سياسة الغموض تساعد إسرائيل على إظهار تصميمها، وأن توضح لأعدائها خطوطها الحمراء.
- على مرّ السنين، أثبتت سياسة الغموض الإسرائيلي في جملة مواضيع استراتيجية نجاعتها في تقليص مخاطر التصعيد وفي مواجهة الضغوط السياسية. من جهة أُخرى، الوقوف علناً وراء عمليات تشكل انتهاكاً لسيادة الخصم وتلحق الضرر بأرصدته، يمكن أن تضخم حجم الإذلال والمسّ بكرامتة، وأن تخلق لديه حافزاً قوياً للرد على إسرائيل.
- قوة سياسة الغموض أثبتت نفسها مثلاً عندما أُعطي بشار الأسد هامش إنكار بعد أن خسر رصيداً ضخماً- المفاعل النووي العسكري في دير الزور. وعلى الرغم من معرفته جيداً بمن يقف وراء تدمير المفاعل، فقد أنكر وجوده، فكم بالحريّ مهاجمته، ولم يكشف عن الهجوم إلا بعد مرور عشر سنوات على تدميره. إسرائيل تصرفت بهذه الطريقة أيضاً بعد الألعاب الأولمبية في ميونيخ، عندما قامت طوال سنوات بتصفية حسابها مع كبار المسؤولين عن تنظيم أيلول الأسود.
- التخلي عن سياسة الغموض يبعث برسالة مفادها أن إسرائيل مصرة على فرض خطوطها الحمراء العلنية في سورية- منع الإرهاب، وتهريب السلاح المتطور إلى حزب الله، والتمركز العسكري الإيراني- لكن في الحساب الاجمالي، فإن هذه الرسالة لا تساهم بصورة كبيرة في تعزيز الردع، ومخاطرها تفوق فائدتها. الوقوف علناً وراء هجمات في سورية تنقل الكرة بصورة علنية إلى مرمى الطرف الثاني- روسيا، سورية وإيران- وتفرض عليه الحاجة إلى الرد، وتقضم قدرة إسرائيل على المحافظة على عملياتها تحت مستوى التصعيد، وتقلص هامشها للمناورة.
- إن التصريحات الإسرائيلية الرسمية المتعلقة بعمليات هجومية يمكن أن تربك روسيا وأن تمس علناً بصورتها كدولة عظمى، وبمكانتها في سورية والمنطقة، ويمكن أن تصوّر منظومة الدفاع الروسية وكأنها غير مفيدة. هذه السياسات العلنية يمكن أن تعتبرها موسكو استفزازاً، وأن تدفعها إلى إغلاق نافذة النشاط الذي سمحت به لإسرائيل ضد التمركز العسكري الإيراني.
- التخلّي عن سياسة الغموص يمكن أن يقرب بسرعة كبيرة اليوم الذي ستضطر سورية نفسها، ربما بدعم روسي، إلى الرد على مهاجمة أراضيها. يبرز في هذا السياق كلام سفير سورية في الأمم المتحدة الذي سأل في نقاشات مجلس الأمن: هل فقط ردّ سوري على مطار بن- غوريون يمكن أن يجذب الانتباه إلى الاعتداءات الإسرائيلية على مطار دمشق الدولي؟
- إجمالاً، يبرز بعد التصريحات العلنية الإسرائيلية ميل السوريين إلى التصريح بأن إسرائيل هاجمت في أراضيهم حتى عندما لا تتحمل إسرائيل المسؤولية، وهو ما يزيد التوتر العلني بين الدولتين.
- البارز أيضاً أن الخطابات الإسرائيلية التي تكشف عن الإنجازات الكبيرة في منع تمركز إيران في سورية تشجع أيضاً فيلق القدس على الرد بمستوى أعلى، كما حدث عندما أطلق صاروخ أرض-أرض على إسرائيل. لكن يجب أن ننتبه إلى أن إيران نفسها تعمل في إطار صارم من الغموض وهامش إنكار فيما يتعلق بعملياتها في سورية وفي المنطقة بصورة عامة.
- في الخلاصة، قيام جبهة عسكرية ثانية في سورية هو تهديد استراتيجي من الدرجة الأولى، عملت إسرائيل حتى الآن بنجاح على منعه، ويجب أن تكون يقِظة كي تضمن المحافظة على إنجازاتها. عمليات ناجحة تستند إلى استخبارات دقيقة تشكل ردعاً جيداً، وسياسة الغموض تزيدها قوة.
- بناء على ذلك، إذا كانت سياسة الغموض يمكن أن تخفض ولو قليلاً من خطر التصعيد، وتساعد على المحافظة على حرية التحرك، فإنه يجب العودة إليها.