كو كلوكس كلان يهودي يزدهر في الضفة الغربية تحت سمع وبصر المؤسسات المسؤولة عن حفظ القانون
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- في غضون شهر واحد - من 9 تشرين الثاني/ نوفمبر حتى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الواقع في 10 كانون الأول/ ديسمبر - حصل الباحثون الميدانيون في منظمة "يش دين" لحقوق الإنسان على شهادات وصور عن الاعتداءات الليلية بدافع الكراهية التي نفذها مستوطنون في 8 قرى متعددة في أنحاء الضفة الغربية. فقد استيقظ سكان قرى الديك، عوريف، بُرقة، حوارة، عصيرة القِبلية، المغيّر (مرّتين)، جبعة وبِتين في الصباحات ليجدوا أمام أعينهم مناظر مُرعبة من الشعارات المكتوبة على الجدران تتوعدهم بالموت والثأر، والسيارات المحروقة والإطارات الممزقة. وعلى أبواب وجدران في مراكز هذه القرى، رسم الإرهابيون اليهود الرمز الذي أُجبر ملايين الضحايا اليهود على تعليقه على ملابسهم، تعبيراً عن دونيتهم وتمهيداً لإبادتهم، والذي يصبح في هذه الفترة، لشديد الخجل، رمزاً عنصرياً لحركة التفوق اليهودية: نجمة داود. ولم يتم اعتقال أي واحد من المعتدين اليهود. وهذا أمر روتيني.
- في الأسبوع الفائت، وفي إثر العمليتين المسلحتين في مستوطنتي "عوفرا" وغفعات أساف"، انطلقت عصابات من المستوطنين إلى حملات انتقام. وتلقى باحثو "يش دين" الميدانيون تقارير بشأن 25 هجوماً عنيفاً ضد فلسطينيين خلال أقل من 24 ساعة (بين يوم الخميس وظهيرة يوم الجمعة). هذه الهجمات شملت إطلاق الرصاص الحي نحو البيوت (في قريتيْ عين يبرود وبِتين)، إلقاء حجارة على السيارات (في مفترقيْ يتسهار وكدوميم) وقطع أشجار (في ترمسعيا والطوانة). أصيب عدد من المواطنين الفلسطينيين، وهو ما استدعى نقلهم إلى المستشفيات لتلقّي العلاج وتضررت عشرات السيارات والبيوت جرّاء إلقاء الحجارة بكثافة، في عتمة الليل. اضطرت عائلات فلسطينية إلى الاختباء في منازلها بينما كانت العصابات اليهودية تطلق النار، ترمي الحجارة، تحطم زجاج السيارات وتكتب الشعارات على جدران المنازل. القلائل من اليهود المعتدين الذين تم اعتقالهم، جرى إطلاق سراحهم.
- يجب التحديق في هذا الواقع جيداً: نحن نشهد ازدهار حركة كو كلوكس كلان يهودية. وكما شقيقتها الأميركية، فهذه الحركة اليهودية أيضاً تشرب من مياه التعصب والانعزالية اليهودية الآسنة، ولم يتغير لديها سوى الأيقـَنة المسيحية، التي استُبدِلت بأخرى يهودية. وعلى غرار أساليب عمل العنصرية البيضاء، تعتمد هذه اليهودية أيضاً، على الترهيب والعنف تجاه السود خاصتها - الفلسطينيين. ومثل أعضاء الكلان، يقوم المعتدون اليهود أيضاً برمي الحجارة، ويطلقون النار ويحرقون البيوت، بل إنهم في إحدى الحالات أحرقوا بيتاً بمَن فيه. ومثل الكلان الأميركي في ذروة ازدهاره، يحظى الكلان اليهودي أيضاً بغض الطرف الفعلي من جانب سلطات تطبيق القانون.
- في شارع صلاح الدين في القدس، في مقر وزارة العدل المحصَّن، يجلس عدد من الجنائنيين الراعين لحركة الكلان الإسرائيلية هذه. هم لم يبادروا إلى تشكيلها، بل يحبّون التوضيح أنهم يعارضونها، ويبدو أنهم يخجلون بها حقاً. لكنهم لا يتوقفون عن ريّ أحواضها. لم يكونوا يقصدون تربية كلان يهودي، لكنهم ينكشون، يسقون ويسمِّدون حديقة الكولونيالية الإسرائيلية التي تزدهر هذه في داخلها أيضاً. رشاشاتهم تطلق براميل من مياه عدم التطبيق وعرباتهم توزع أطناناً من أزبال التمييز وشرعنة النهب. إنهم يفعلون هذا كله برغبة وبصورة اختيارية في خدمة أسيادهم - يرعَون شرعنة البؤر الاستيطانية، مصادرة الأراضي وتشريع قوانين الضمّ. إنهم يحاربون، بأسنانهم، الأعشابَ الضارة التي قد تضرّ بنباتات الأبارتهايد: سلطة القانون، حقوق الإنسان والقانون الدولي. إنهم يتجاهلون الجذور التي تغذّي هذه النباتات المفترسة، الجذور نفسها التي يرضع منها أيضاً رشّاشو الكراهية وحارقو السيارات والبيوت جرأتهم. إن نباتات البوغروم التي نبتت مؤخراً، وإن لم تُقتَلَع فستلقي ثمارها (مرة أُخرى) في القريب العاجل، هي جزء لا يتجزأ من بستان الضمّ الذي يرعاه جنائنيو وزارة العدل.
- خذوا مثلاً نائب الجنائني الرئيسي إيرز كامينِتس (الذي ورث المسؤولية عن معالجة قضايا الأرض في المناطق المحتلة عن الجنائنية التي جرى عزلها، دينا زيلبر). فقد تجند هذا، مؤخراً، في المعركة ضد خطر الأراضي الخاصة، التي أقيمت على مساحات واسعة منها بؤر استيطانية ومستوطنات متعددة، من خلال إجراء لمصادرة الأراضي فعلياً، يقوم هو شخصياً بتركيزه. أو انظروا مثلاً إلى الجنائنية النائبة للمهمات الخاصة، نوريت ليطمان التي تتدفق إليها جميع الشكاوى التي تتضمن طلبات للتحقيق في عمليات البناء غير القانوني التي يقوم بها المستوطنون في الضفة الغربية. إذا ما جرت معالجتها بصورة جدية، فستمسّ هذه الشكاوى بثبات أشجار البؤر الاستيطانية، بل وقد تؤدي - يا للهول - إلى ذبول أزهار الاقتحامات الزراعية. ولذا تدير ليطمان مقبرة صغيرة لهذه الشكاوى. ثمة شكاوى كثيرة في هذه المقبرة، بعضها منذ سنوات عديدة، لكن لا قرارات بإجراء أي تحقيق. ولا ننسى، أيضاً، المساعد المخلص (والكبير) للجنائني الرئيسي، غيل ليمون، الذي يبذل أياماً وليالي في كتابة أوراق رأي وملخّصات جلسات الغاية منها كلها هي قتل حق الفلسطينيين في الملكية ووأده، بواسطة مبيدات تحمل أسماء تخفي السمّ الذي فيها، مثل "أملاك مهجورة"، "البند الرقم 5"، "السوق المفتوحة" و"مصادرة للأغراض العامة".
- ويقف على رأس جميع الجنائنيين الثانويين ومساعدي الجنائني الرئيسي القائد الأعلى، الجنائني الرئيسي، الجنائني الأعلى، مستشار الحكومة القانوني [أفيحاي مندلبليت] الوحيد الذي صادق على مصادرة أراضٍ من إبراهيم لإعطائها لأبراهام، والذي يشجع النهب من موسى لكي يعطي موشيه. قد يكون معارضاً قانون التسوية، كما عارض قانون تسوية البؤر الاستيطانية هذا الأسبوع، لكن هذا كله لا يعدو كونه أكثر من مجرد مراوغة وتضليل، لأنه ـ في الواقع وببساطة ـ يشرعِنها من دون أي حاجة إلى قانون (هي ألاعيب شبيهة بمعارضته طرد عائلات المشتبه بهم بتنفيذ عمليات إرهابية، بينما يدافع ـ في الوقت نفسه ـ عن هدم بيوتها). إنه المستشار الذي يستطيع عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش ["البيت اليهودي"] ورفاقه، تحت قيادته ومسؤوليته، اقتحام أراضي قرية سلواد التي كانت تقوم عليها في الماضي بؤرة عمونه الاستيطانية، من دون أن تستطيع السلطات رؤية وجوههم. إن مندلبليت هو الذي يقود الفلسفة التي تشكل صلب طرق الجنائنية الحديثة وعِمادها، والتي تتمثل وظيفة المستشار القانوني بموجبها في أن يكون معاوِناً للحكومة على تحقيق سياستها، أكثر كثيراً جداً من أن يكون حارساً للنظام والقانون، حتى حين تكون هذه السياسة موجَّهة نحو ملايين بني البشر المحرومين من أي حقوق مدنية.
- إن بستان الضمّ والأبارتهايد في وزارة العدل يتغذى على أرض ومياه إشعاعية، ولذا فمن المحتم أن تكون ثماره مسمَّمة. وحدائق وزارة العدل تسمِّمنا جميعاً.